دمشق ـ الأخبارلا أدلة جدية حتى الآن على تورط جهات أو أفراد من لبنان بما حصل في عدة مدن سورية أخيراً. لكن المتظاهرين الذين جابوا شوارع دمشق أمس، أكثروا من الهتاف: «يا حريري ويا خوّان، هي سوريّا مو لبنان» و«يا حريري ويا جبان، روح اخلاع بلبنان».
وبغض النظر عن حقيقة ما حصل، هناك ما يشبه الإجماع وسط المسؤولين السوريين على تحمّل الجار الصغير لجزء كبير من المسؤولية عمّا حصل ويحصل في سوريا. صحيح أن هناك أزمة حريات وفساداً وصراع أجيال، لكن الصحيح أيضاً وجود مجموعات تحاول اللعب على بعض التناقضات الطائفية وتغذية المشاعر المذهبية، الموجودة رغم كل القوانين العلمانية.
يقول مسؤول سوري إن «التوتير المذهبي الذي يحصل في لبنان وبلدان عدة في المنطقة، لا بد من أن يتسرب إلى سوريا»، مبدياً اعتقاده أن «هناك في لبنان من وصل إلى حائط مسدود فغامر بلعب آخر الأوراق، معتقداً أنه سيحرق المنطقة كلها معه». وبرغم التسريبات المنظمة عن تورط عضو كتلة المستقبل النائب خالد ضاهر بتهريب الأسلحة من مرفأ طرابلس إلى شواطئ اللاذقية، وإرسال عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح المقاتلين إلى ريف دمشق، فلا شيء يؤكد هذه التسريبات أو يثبت صدقيتها، فضلاً عن أن الكلام السوري على موقوفين وقتلى لبنانيين سيبقى في خانة الاتهام السياسي، حتى تقديم أدلة مقنعة.
وعلمت «الأخبار» أن العلاقة بين عشيرة آل الحريري التي تُعَدّ أكثر من مئة ألف مواطن سوري (يتوزعون على محافظات درعا ودمشق والرقة) وعائلة رفيق الحريري، لم تصل قط إلى المستوى المتقدم من التواصل والتنسيق الذي أشيع عنه بعد أحداث درعا التي تصدر فيها الحريريون المواجهات. وبحسب المعلومات، تنحدر عائلة الحريري الصيداوية (هناك صيدا واحدة في لبنان وبلدتان اسمهما صيدا في محافظة درعا) من بلدة «بصرة الحرير» في درعا. وقد حاول بعض أبناء هذه البلدة التواصل مع الرئيس رفيق الحريري منذ زار دمشق باعتباره مبعوثاً سعودياً، عشية إقرار اتفاق الطائف. ولاحقاً، رغم إقامة الحريري أياماً كثيرة في دمشق، لم يستقبل أحداً من عشيرته المفترضة. ولم يتمكن بعض وجهاء العشيرة من لقائه لطلب تخصيصهم ببعض المنح الجامعية التي كان يكثر من تقديمها للبنانيين. وهو لم يزر مرة أقرباءه المفترضين في درعا والمحافظات الأخرى. وبعد اغتياله، اقترح بعض وجهاء العشيرة إقامة مجلس عزاء في دمشق، لكنهم عدلوا بعد أن سمعوا أبناء عمهم اللبنانيين يصرخون على طول الطريق من قريطم إلى ساحة الشهداء: لا إله إلا الله سوريا عدو الله.
في اليومين الماضيين، شُغل وجهاء آل الحريري في التأكيد لمن يعنيهم الأمر أنه لا اتصال ولا تنسيق يجمعانهم بالرئيس سعد الحريري أو بتيار المستقبل، مع الأخذ في الاعتبار الحذر لدى بعض المسؤولين السوريين من تحميل أيادٍ خارجية المسؤولية عن كل ما يحصل، لرفض هؤلاء إشعار الرئيس الحريري (أو خالد ضاهر وجمال الجراح) أن باستطاعتهم المسّ بأمن سوريا واستقرارها، علماً بأن تجوال اللبناني في شوارع دمشق تحول في اليومين الماضيين، للمرة الأولى منذ ست سنوات، إلى كابوس حقيقي. فكل لبناني هو بالنسبة إلى عناصر الاستخبارات السورية في الشوارع مشروع فتنة يجب تفتيش سيارته والتدقيق في هويته وسبب زيارته وخريطة تحركاته.