نال السلطان قابوس بن سعيد قسطاً من الراحة خلال الأيام الماضية. لم تعد وكالة الأنباء ووسائل الإعلام تتحدث عن تظاهرات أو احتجاجات بكثرة. لكن خفوتها لا يعني أنها انتهت، فلا يزال عشرات الشبان يتجمعون يومياً بعد انتهاء دوام عملهم، في ساحة قريبة من مجلس الشورى في مسقط، حيث يمضون لياليهم في مناقشة آفاق الإصلاح في البلاد. واللافت أن المعتصمين في صحار (نحو 200 كلم من مسقط)حددوا اليوم موعداً نهائياً للاستجابة إلى مطالبهم، مهدّدين بإغلاق دواري الكرة الأرضية وميناء صحار الصناعي في
المدينة.
هكذا يبدو أن الوعود التي أطلقها السلطان قابوس لم تُقنع العمانيين، فيما لا تزال الاعتقالات مستمرة بحق المتظاهرين. وفرّق الجيش، أمس، عدداً من المحتجّين الذين كانوا يعتصمون منذ نحو شهر في صحار.
وأعلن شهود عيان والجيش العماني أن الأخير أزال متاريس وضعها عاملون يحتجّون على أجور القطاع الخاص عند ميدانين اثنين في صحار.
وذكر محمد علي الحراسي، وهو ضمن عشرات المحتجين الذين أخلوا الطريق السريع الرئيسي، «طلب منا الجيش أن نحتج سلمياً وألّا نغلق الطريق أو نتلف الممتلكات»، مضيفاً «ألقى الجيش القبض على عدد من المتظاهرين مساء أول من أمس»، لكن ذلك لم يمنعهم من المكوث في الميدانين. وقال «لم يطلب منا الجيش إزالة خيامنا من الميدان. قد نعود مرة آخرى الليلة».
في السياق، أعلن الادعاء العام اعتقال مجموعة من الأشخاص في صحار، بتهمة التجمهر والإخلال بالنظام العام والتخريب، معلناً توقيف المجموعة التي لم يحدد عدد أفرادها بناءً على الشكاوى والبلاغات التي تقدم بها بعض المواطنين «المتضررين جراء قيام مجموعة غير مسؤولة بمنع السلطات القائمة من ممارسة وظائفها، والتجمهر بقصد الشغب والتخريب والإخلال بالنظام العام». وأضاف أنه «بناءً على ذلك، أصدر الادعاء العام أمراً للجهات المختصة بملاحقة مرتكبي تلك الأفعال، وإلقاء القبض عليهم وحبسهم على ذمّة التحقيق».
هذا كان أمس. أما أول من أمس، فقد أجبرت مجموعة من المتظاهرين الموظفين الحكوميين في صحار على التغيب عن عملهم. وقال موظف حكومي إن «نحو 30 متظاهراً طلبوا منا مغادرة المكاتب وعدم العمل. وحين سألناهم لماذا، قالوا: أنتم مفسدون».
معتصمو صحار، الذين حددوا اليوم موعداً نهائياً للاستجابة إلى مطالبهم، يريدون إسقاط الديون عن المواطنين، وإقالة وزراء التجارة والصناعة والإسكان والعدل، وكذلك المدعي العام حسين بن علي الهلالي.
وكانت الحركات الاحتجاجية قد بدأت في أواخر شباط الماضي، وانطقلت من مدينة صحار، حيث وقعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوّات الأمن، ثم انتقلت إلى مسقط. ويؤكد المشاركون في هذه التحركات ولاءهم التام للسلطان، إذ لا ترفع أي شعارات مطالبة «بإسقاط النظام» على غرار ما يجري من تحركات في دول عربية أخرى.
وكانت مجموعة من الناشطين العمانيين قد رفعت بلاغاً إلى المدعي العام، بعد جمع تواقيع سبعة آلاف مواطن، طالبوا بالتحقيق العاجل في أموال جميع الوزراء والمستشارين والمسؤولين، سواء الذين يعملون حالياً أو الذين أعفوا من مناصبهم.
وقال الناشط السياسي أحمد بن محمد الشيزاوي: «قدمنا البلاغ للمدعي العام الذي وعد بدراسته وبأن يتقدم برد رسمي».
وكان السلطان قابوس قد أمر بزيادة الرواتب التقاعدية الشهرية للأسر المستفيدة منها بنسبة 100 في المئة، ابتداءً من شهر نيسان المقبل. واتخذ قراراً بزيادة قيمة المستحقات التقاعدية الشهرية لجميع الخاضعين لقانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي الحكومة العمانيين بنسبة تصل إلى 50 في المئة.
كذلك أجرى السلطان أكبر تعديلات وزارية في تاريخ السلطنة منذ نحو 40 عاماً، واستبدل 13 وزيراً وألغى وزارة الاقتصاد.
وأعلن بعد اندلاع التحركات الاحتجاجية تأمين 50 ألف فرصة عمل جديدة، ومنح مساعدات إلى العاطلين من العمل، إضافة إلى تأليف لجنة مكلفة لتقديم اقتراحات حول سبل تعزيز صلاحيات مجلس الشورى المنتخب المؤلف من 83 عضواً.
(يو بي آي، رويترز، أ ف ب)