منذ إنشاء اللجان الشعبية الفلسطينية قبل نحو 40 عاماً، طرحت مشاريع عدة تحمل أفكاراً جديدة بشأن مواكبة هذه اللجان للمتغيرات الكثيرة التي طرأت على حياة الفلسطينيين القاطنين داخل مخيماتهم، انطلاقاً من أن هذه اللجان أبصرت النور أساساً لهذا الهدف.لكن هذه الأفكار بقيت حبراً على ورق، ولم تخرج عن كونها مجرد رؤى لم تجد طريقها إلى التنفيذ، كلياً أو جزئياً، بعدما اصطدمت بواقع تمسّك كل من تبوأ منصباً ما به ورفضه هو أو من يدعمه التخلي عنه، انسجاماً مع واقع عربي لا يزال سائداً، مفاده بقاء أي مسؤول مهما كبر حجمه أو صغر جالساً على كرسيه حتى آخر لحظة من حياته.
هذا الواقع سيطر بقوة على اللجان الشعبية في المخيمات، التي لا يزال معظم رؤسائها وأعضائها يمارسون عملهم فيها منذ أربعة عقود تقريباً بلا أي تغيير فيها، ولو كان شكلياً، ما جعل تأثيرها يضعف ويتراجع لمصلحة هيئات ومنظمات وجمعيات وروابط نمت في المخيمات على حسابها، فضلاً عن انفضاض فئات واسعة من أبناء المخيمات عنها، مثل الشباب، بعدما وجدوا الأبواب مغلقة أمامهم لجهة مشاركتهم في عمل هذه اللجان أو تطويرها.
وصول الأمور إلى جهة إجراء تغيير ونفضة داخل هذه اللجان وفي آلية عملها إلى حائط مسدود، دفع بالجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين في الشمال، أخيراً، إلى تعليق عضويتها في اللجنة الشعبية في مخيم البداوي «إلى حين إجراء التغيير اللازم»، في موازاة تنفيذ بعض أبناء المخيم اعتصاماً رمزياً أمام مقر اللجنة في المخيم، مرددين شعار «الشعب يريد إسقاط اللجنة الشعبية»، انسجاماً في الشكل مع الشعار الذي بات يرفعه معظم من ينزلون إلى الشارع في الدول العربية، وهو أن «الشعب يريد إسقاط النظام».
وبهدف احتواء هذه الأزمة، ولاستغلالها في آن واحد للنهوض باللجان الشعبية مجدداً، أعاد أكثر من طرف طرح الأفكار التي سبق له أن طرحها لتطوير عمل اللجان الشعبية وتفعيلها، ومن هذه الأطراف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة، التي أوضح مسؤولها للعلاقات السياسية في لبنان أبو عدنان عودة لـ«الأخبار» أن «ورقة أفكارنا عرضت منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي على الآخرين، لكنها لم تلق تجاوباً منهم، والآن نعيد طرحها مجدداً»، لافتاً إلى أن «هذه الأفكار تتلاقى في جوانب عدة مع طروحات تقدم بها آخرون». ويشير إلى أن مخيمي نهر البارد والبداوي «يبدوان نموذجيين لتطبيق هذه الأفكار، نظراً إلى حاجتهما الملحة إلى ذلك، اليوم بعد أحداث مخيم نهر البارد، ولأن المخيمين هما الوحيدان في لبنان اللذان تتلاقى فيهما فصائل قوى التحالف مع فصائل منظمة التحرير، ما يعني أن الغطاء السياسي والتوافقي لإجراء التغيير المنشود في عمل هذه اللجان متوافر».
ورقة العمل التي حصلت «الأخبار» على نسخة منقحة عنها، توضح أنها تهدف إلى «إحداث نقلة جدية في واقع عمل اللجان الشعبية»، لـ«مواجهة التحديات التي يواجهها الوضع الفلسطيني في لبنان»، مشيرة إلى أن هذه اللجان هي «إحدى المؤسسات الوطنية المهمة والأساسية، ومرجعية اجتماعية بامتياز»، و«تعتني بالتقديمات الخدماتية والحياتية في المخيمات، ويعود إليها رسم الخطط ووضع البرامج الكفيلة برفع مستوى هذه التقديمات».



غياب الشباب

يشوب ورقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة بشأن تطوير اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية في الشتات عدم إعطائها دوراً للشباب. أما اللجنة فتتألف، بحسب الجبهة، من ممثلي الفصائل ولجان الأحياء والقطاعات والاتحادات واللجان النقابية والتربوية والصحية والشؤون الدينية ومؤسسات المجتمع الأهلي، وينتخب أعضاؤها أمين سرها ونائبه، وتكون مدة ولايتهما سنة واحدة غير قابلة للتجديد، إضافة إلى 12 لجنة فرعية.