ماذا يحصل للبنانيين في مملكة البحرين؟ هل يتعرضون للتضييق والاعتقالات في زمن «السلامة الوطنية»؟ ويُحكم عليهم بالتمييز بسبب انتماءاتهم الدينية في زمن المحورين، وحيث التوترات الطائفية بلغت المنطقة الحمراء؟ وأين وزارة الخارجية والسفارة اللبنانية لمتابعة شؤون مواطنيها؟ فرغم كل التأكيدات التي وصلت لـ«الأخبار» عن حالات تضييق واعتقال مجموعة من اللبنانيين، لا تزال السفارة اللبنانية تؤكّد أنّ الأحوال «عادية والكل بخير».
وزارة الخارجية تنفي ولا تستبعد نبأ اعتقال خمسة لبنانيين. أما مصدر معلوماتها فهو السفارة اللبنانية في المنامة. أكّدت أنها أجرت اتصالاً بالسفير عزيز قزّي للوقوف على أحوال اللبنانيين والتأكّد من نبأ الاعتقال. وبعد جهد جهيد لتأمين الاتصال، نظراً لقطع الاتصالات بين البلدين، أبلغ السفير الوزارة في بيروت أنه تواصل مع الجهات المختصة في البحرين وأجابته بأن «لا معتقلين لبنانيين».
وقال الوزير علي الشامي لـ«الأخبار»، إن السفير نقل للوزارة أن الوضع طبيعي، مؤكّداً في الوقت نفسه وجود صعوبات بسبب الأوضاع الأمنية الحساسة في المملكة، ومشيراً إلى عدم وجود أي مشكلة بين البحرين ولبنان.
وعن المواقف الأخيرة الصادرة عن المملكة تجاه لبنان، قال الشامي: «هم أحرار، لكن من جهتنا لا مشكلة». وتحدث عن المتابعة الحثيثة للوزارة لشؤون اللبنانيين المغتربين، قائلاً: «تجربتنا في سيراليون ومصر وتونس واليابان، وفي كل الأحداث الأخيرة. كنا نتابع الاتصالات يومياً، وأجلينا العديد من المواطنين على حساب الدولة اللبنانية».
بدوره، أكد المستشار الاعلامي للوزير، وسيم وهبة، لـ«الأخبار»، التواصل مع السفير في البحرين. وهكذا، بدا أنّ القزي هو مصدر أي معلومات عن أحوال اللبنانيين في المملكة. وبزي، على ما علمت «الأخبار»، وعند ورود المعلومات عن مشاكل يتعرض لها اللبنانيون في البحرين، اكتفى بالاتصال بمسؤول بحريني نفى وجود أي اعتقالات في صفوف هؤلاء. وتواصلت «الأخبار» مع السفير اللبناني، من دون أن تتلقى ردّاً.
ليس السفير وحده، بل إن بعض أجهزة وزارة الخارجية اللبنانية ومكاتبها غائبة عن السمع، ولعل التواصل مع المملكة المحاصرة لاسلكياً أسهل من سؤال الجهات المختصة والمكلفة متابعة شؤون الاغتراب اللبناني في بيروت. ولعل ذلك كان سبب رغبة وكيل وزارة الداخلية البحرينية لشؤون الجوازات والتجنيس، الشيخ راشد آل خليفة، في أن يوصل رسالة إلى اللبنانيين عبر «الأخبار» تفيد بأنه رغم ما يجري «ستكون علاقتنا إلى الأحسن وإلى الأفضل. ننقل مودتنا ومحبتنا إلى كل اللبنانيين؛ لكن فليسمحوا لنا في ظل هذه الظروف الدقيقة»، من دون أن يؤكّد ما إذا كان اللبنانيون الخمسة قيد الاعتقال أو أُفرج عنهم، محبّذاً الاتصال بالجهات الأمنية المسؤولة لتأكيد الخبر، وهو ما لم يكن ممكناً بسبب مشكلة الاتصالات.
غير أن مصادر حقوقية معنية بهذا الملف عادت وأكدت أمس لـ«الأخبار» أنّ اللبنانيين المعتقلين في قبضة السلطات، مشيرةً إلى أنهم على الأرجح، بناءً على معطيات المحامي المكلف متابعة شؤون المعتقلين، باتوا في عهدة الجيش البحريني الذي يتولى التحقيق معهم، ومؤكدة أنه لم يطلق سراحهم بعد.
وفي آخر فصول التناوش اللبناني ـــــ البحريني، أعلن مكتب شؤون الطيران المدني في البحرين توقف رحلات كل من طيران الخليج وطيران البحرين من لبنان وإليه، إلى أجل غير مسمى.
وقال بيان صادر عن الطيران المدني، نقلته وكالة أنباء البحرين، إن «هذا الإجراء اتخذ إثر التصريحات والمواقف غير المسؤولة الصادرة من لبنان بحق البحرين وشعبها وقيادتها الكريمة»، مؤكّداً أن «مثل هذه المواقف يسيء إلى العلاقات بين لبنان ودولنا ويضر بالخصوص بمصالح لبنان في دول مجلس التعاون».
لبنانياً، تتزايد الأطراف المشاركة في حملة المزايدة على حزب الله وتصريحات أمينه العام، وآخرها الأمين العام الأسبق للحزب، الشيخ صبحي الطفيلي، الذي نقلت وكالة أنباء البحرين تصريحات له، جاء فيها أن الطفيلي انتقد تصريحات السيد حسن نصر الله، ورأى أن «البعض في إيران حرك المعارضة في البحرين في هذا الوقت بهدف إسكات المعارضة الصاروخية الإيرانية». وأكد أن «الجميع يعلم أن أي تحرك شعبي في البحرين هو تحرك طائفة في وجه طائفة أخرى».
وفي تطور الأوضاع البحرينية، عرض الاتحاد الأوروبي وساطته في إطلاق عملية الحوار الوطني. وقال العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط للشؤون الخارجية، هوغو مينجاريلي، إن «الاتحاد يمكن أن يؤدي دور الوسيط في إطلاق عملية الحوار إذا كانت السلطات في البحرين ترغب في ذلك».
في هذه الأثناء، تتواصل الجهود الدبلوماسية لترتيب انطلاق مركب الحوار. وتابع وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة محادثاته في أنقرة، حيث التقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وقال لقناة «أن تي في» التلفزيونية التركية إن الوضع في البحرين «بلغ مرحلة خطيرة جداً»، مضيفاً أن «هناك استقراراً لكننا نخشى قبل كل شيء حصول انقسام بين المجموعات الدينية». وتابع قائلاً إن «البحرين وتركيا يجب أن تتبعا سياسة مشتركة حيال انقسام المجموعات الدينية في العالم الإسلامي».
وفي تطور لافت يصب في اتجاه الحوار، تراجع ستة أعضاء من مجلس الشورى عن استقالاتهم، بعدما قدموا احتجاجاً على قمع السلطات الأمنية للمحتجين ودخول قوات درع «الجزيرة». وأعلنت الأمانة العامة في المجلس، في بيان، أن «عدداً من أعضاء مجلس الشورى الذين تقدموا بطلبات إعفائهم من عضوية المجلس قد تقدموا بطلبات تتضمن سحب طلباتهم السابقة بالإعفاء، حيث عُرضت هذه الطلبات وقرّر اعتبار طلبات الإعفاء كأنها لم تكن».