لا تزال تداعيات «وثائق الجزيرة» مستمرة، وسط تكذيبها من قبل السلطة الفلسطينية، ودعوة «حماس» إلى محاصرة الأخيرة، فيما يواصل الشارع «الفتحاوي» اعتداءاته على الفضائية القطريةتواصلت حالة الجنون التي تعيشها السلطة الفلسطينية، التي عرّت وثائق فضائية «الجزيرة» تواطئها مع إسرائيل في قضايا «الحل النهائي». التسريبات لا تزال مستمرة، كذلك حال ردود الفعل المتناقضة إزاءها؛ ففيما تستمر حالة الغضب «الفتحاوي» الانتقامي ضدّ «الجزيرة»، فإنّ معارضي الرئيس محمود عباس طفح كيلهم من سلطته.
ورأى وزير الداخلية الفلسطيني السابق، نصر يوسف، المتواطئ مع دولة الاحتلال بحسب الوثائق، أن تسريبات «الجزيرة» مزوَّرة في ما يتعلق بعلاقته باغتيال القيادي الشهيد في «كتائب الأقصى»، حسن المدهون، في قطاع غزة عام 2005. وقال يوسف «هذه هي وثيقتكم، والآن أقدم لكم وثائق رسمية (كان يحمل النسخة التي بثّتها الجزيرة والنسخة التي يقول إنها الأصلية)». وشرح أن «اللقاء مع (شاوول) موفاز (وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه) لم يبحث التنسيق الأمني، بل تنسيق الحركة بيننا وبين الجيش الإسرائيلي لتسلّم غزة بعد الانسحاب الأحادي الجانب، وجاء الحديث عن المدهون (الذي اغتيل بحسب الوثائق نتيجة التنسيق الأمني) عرضياً».
من جهته، أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن «التحقيق في كيفية تسريب الوثائق الخاصة بمحاضر المفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية بدأ بالفعل»، رافضاً الخوض في تفاصيل الشبهات التي تلاحقه. وقال لمحطة «بي بي سي» إن الوثيقة التي اتهمت «نصر يوسف مزوّرة باحتراف».
وتابع عريقات أنه في حال ثبوت أي صدقية للمعلومات المسرّبة في الوثائق، «فسيتحمل وحده المسؤولية»، معتبراً أن الجميع «تحت القانون الفلسطيني ولا أحد فوقه».
وعمّا نسبته الوثائق لعريقات من اعترافات بقتل فلسطينيين لحماية السلطة، أجاب: «هذا أمر أُخرج عن سياقه، وأنا لا أنكره. وكل ما ورد من معلومات سأقوله خلال التحقيق الجاري. هذه الجملة قيلت في معرض حوار كنت أتحدث فيه عن مقتل فلسطينيين في قلقيلية». كذلك اتهم عريقات «الجزيرة» بـ«التحريض ضده وتعريض حياته للخطر». وأضاف «الجزيرة تقول للناس صائب مذنب، أعدموه، بعدها امنحوه محاكمة غير عادلة».
وفي إطار التضامن الإسرائيلي مع سلطة عباس، أعرب الرئيس شمعون بيريز عن تضامنه مع أبو مازن. وقال إنه «يقدّر صموده أمام استفزازات قناة الجزيرة». وكشفت الإذاعة العامة الإسرائيلية أن عباس بادر إلى الاتصال ببيريز لتقديم التعازي له بوفاة زوجته سونيا. ووفقاً للإذاعة، ردّ عباس قائلاً «علينا الوقوف كَسور منيع في وجه هذه المحاولات، أنتم ونحن معاً، ويستحيل قتل عملية السلام». ونقلت الإذاعة عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إنه يأمل أن تؤدي المحادثة بين عباس وبيريز إلى استئناف العملية السياسية بين الجانبين.
ورافقت التصريحات السياسية تحركات ميدانية، إذ هاجم مناصرون لحركة «فتح» مكتب «بال ميديا» التابع للفضائية القطرية في نابلس، وحطموا معظم محتوياته، وذلك انتقاماً من «الجزيرة» لأنها كسرت قرار حظر عملها في الضفة الغربية، بعدما أجرت مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم.
أما في غزة، فكانت ردود الفعل على تسريبات «الجزيرة» مختلفة تماماً، إذ دعت حركة «حماس» إلى «عزل وحصار» السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، قائلة إن «وثائق الجزيرة خطيرة جداً، وتمثل أدلة قاطعة على تورّط القيادة المتنفذة في السلطة ومنظمة التحرير». ودعت «شعبنا في كل أماكن وجوده للتعبير عن رفضه لهذا السقوط الأمني والسياسي، والعمل على عزل وحصار هذه الفئة الساقطة أمنياً وسياسياً».
شعبياً، أشعل متظاهرون موالون لـ«حماس» النيران في ست دمى تمثّل قيادات السلطة الفلسطينية البارزة والمشاركة في المفاوضات مع إسرائيل، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس. وأقدم شبان غاضبون على تمثيل رمزي لعملية شنق للدمى، قبل إحراقها في المكان الذي انتهت إليه مسيرة حاشدة دعت إليها «حماس» مساء اليوم، في رفح جنوب قطاع غزة، وسط هتافات وصفت أبو مازن بـ«العميل».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، سما، معا)