تواصلت المشاورات السياسية في تونس، أمس، بحثاً عن مخرج لأزمة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة التي تتعرض لضغوط من الشارع لتقديم استقالتها، في وقت أعرب فيه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان عن أمله أن يؤدي «النموذج التونسي» إلى إصلاحات في العالم العربي لتلبية التطلعات السياسية والاجتماعية «المشروعة» لشعوبه. ورأى فيلتمان، الذي وصل إلى تونس أول من أمس، أن «التحديات المطروحة في أجزاء كبيرة من العالم العربي متشابهة، ونحن نأمل أن تلبي الحكومات التطلعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المشروعة للشعوب، وخصوصاً إذا ما عبّرت عن نفسها من خلال وسائل قانونية وسلمية».
وأكد المسؤول الأميركي أن واشنطن تجري حالياً «مباحثات خاصة وعامة» في هذا الاتجاه مع الحكومات العربية، مشيراً إلى أنه سيتوجه اليوم إلى فرنسا لإجراء مباحثات مع المسؤولين الفرنسيين بشأن الوضع في تونس ولبنان.
وبعدما شدّد فيلتمان على أنه يدعم الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة التونسية، فقد أشار إلى أن «ما سيدعم فعلياً أي حكومة في تونس، هو أن تكون لها صدقية تنبع من مسار انتخابي».
في هذه الأثناء، تضاربت الأنباء عن أهداف المشاورات القائمة بين عدد من الأطراف السياسية في تونس. ففي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر في الحكومة المؤقتة، أن المشاورات هدفها سد شغور في صفوف الحكومة، كشفت مصادر أخرى أنّ هدف المشاورات هو الاتفاق على تأليف مجلس حكماء للإشراف على عمل الوزارات.
وفي غضون ذلك، نظّم مئات من المواطنين تظاهرة مؤيدة للحكومة المؤقتة، مردّدين «نعم لحكومة الوحدة الوطنية... لا لا للفراغ»، وسط صرخات مستهجنة من المطالبين باستقالة حكومة محمد الغنوشي الذين واصلوا اعتصامهم في ساحة القصبة.
وتأكيداً لعدم التراجع عن مطلب رحيل الحكومة المؤقتة، دعا «الاتحاد الجهوي للشغل» في صفاقس، ثانية كبرى المدن بعد العاصمة، إلى «إضراب عام» اليوم. وأوضح الاتحاد أنّ الاضراب يأتي «دفاعاً عن مطالب شعبنا في إسقاط حكومة النظام البائد، وحل التجمع الدستوري الديموقراطي» الحاكم سابقاً، وإقامة «حكومة إنقاذ وطني يُستثنى منها أعداء شعبنا».
بدورها، دعت النقابة العامة للتعليم الثانوي إلى الإضراب غداً، وتنظيم تظاهرات «لحل الحكومة» الانتقالية. في المقابل، قررت النقابة العامة للتعليم الأساسي تعليق الإضراب المفتوح الذي بدأته يوم الاثنين الماضي. وأعلن الأمين العام للنقابة، حفيظ حفيظ، أنّ «كل المدرسين سيعودون إلى التدريس» لتُعلَن «أشكال أخرى للنضال» (لإسقاط الحكومة)، مشدداً، في الوقت نفسه، على أن استئناف التدريس لن يسري في أي منطقة يُعلن فيها إضراب عام.
وفي محاولة لاسترضاء المحتجّين، قرر وزير التنمية الجهوية والمحلية، أحمد نجيب الشابي، رصد اعتمادات عاجلة وفورية بقيمة 260 مليون يورو، لمساعدة المناطق الأكثر فقراً في الوسط الغربي للبلاد الذي انطلقت منه «انتفاضة الياسمين».
ولفت الشابي، خلال حوار تلفزيوني، إلى أن «الاعتمادات ستشمل ضحايا ثورة تونس من عائلات الشهداء والجرحى»، واضعاً هذه «الإعانات» في خانة المساعدة الأولية إلى أن يُقدَّر حجم الأضرار وكيفية التعويض عنها. كذلك كشف أنه ستُستحدَث «فرص للعمل التطوعي بنصف دوام لحَمَلة الشهادات العليا العاطلين من العمل، بانتظار الحصول على وظيفة دائمة».
إلى ذلك، دعت منظمة العفو الدولية، السلطات التونسية إلى إجراء إصلاحات جوهرية في جهاز الأمن ونظام القضاء، في جزء من خطة عمل خاصة بحقوق الإنسان تقدمها إلى الحكومة المقبلة.
وطالبت المنظمة، السلطات بـ«إجراء تحقيق كامل في انتهاكات حقوق الإنسان التي استمرت عقدين من الزمن، بما فيها الأحداث التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، لإحقاق الحق والعدالة والإنصاف للتونسيين».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)