خاص بالموقع | لندن ــ رأى الأمير تركي الفيصل، في محاضرة ألقاها في مجلس العموم البريطاني أمس، أن السعودية محاطة ببؤر ساخنة من اليمن إلى السودان إلى الصومال وإيران، مروراً بفلسطين ولبنان. ولفت إلى أن «الغرب أخطأ منذ البداية بالتعامل مع إيران عبر نظرية العصا والجزرة»، مجدداً اتهام طهران «بالتدخل في الشؤون العربية»، في وقتٍ دعا فيه اللبنانيين إلى «اجتراح الحلول لمشاكلهم أولاً»، مؤكداً استمرار المملكة بدعم لبنان.
وقال الفيصل إن «فلسطين هي أم المشاكل في الشرق الأوسط»، وإن «الشعب الفلسطيني يستحق الاستقلال والحرية والعدالة»، واستدرك قائلاً إن «حل مشكلة فلسطين لن يحل كل مشاكل المنطقة الأخرى».
ولفت إلى أن فلسطين تعيش في وجدان كل عربي ومسلم. وأضاف: «كل ليلة، وأنا ذاهب إلى النوم أفكر في الشعب الفلسطيني ومعاناته تحت الاحتلال»، مشيراً إلى أن «حل هذه المشكلة في متناول اليد، على قاعدة حدود 1967 أو من خلال المبادرة العربية للسلام، أو قرارات منظمة الأمم المتحدة، وخصوصاً 242 و338، أو حتى خريطة الطريق للجنة الرباعية الدولية».
ودعا الفيصل العالم الغربي، وخصوصاً بريطانيا التي تتحمل مسؤولية خاصة، إلى الإسهام في إيجاد حل لهذه الأزمة، وحذر من أن «عدم الإسراع في إيجاد حل لن يسبب استمرار إراقة الدماء في فلسطين وإسرائيل فقط، بل أيضاً في مختلف أرجاء العالم».
ورداً على سؤال عن أسباب عدم تحدث السعودية مع إسرائيل للإسهام في تشجيع تل أبيب على الانخراط أكثر في عملية السلام، قال الفيصل: «لماذا نتحدث مع إسرائيل، وهناك العديد من المبادرات العربية التي لم تعرها اهتماماً، بل حتى إنها اعتبرت مبادرة الملك عبد الله (حين كان ولياً للعهد) أنها الأكثر خطورة على أمن إسرائيل؟».
وأضاف: «كيف نتحدث إلى إسرائيل وهي تسرق أراضي العرب، وتسجن الفلسطينيين وتدمر منازلهم وتقتلع أشجار الزيتون؟».
وفي موضوع لبنان، دعا الفيصل اللبنانيين إلى العمل معاً لإيجاد حلول لمشاكلهم، موضحاً أن «السعودية بذلت كل ما تستطيع للمساعدة، وسافر الملك عبد الله إلى سوريا ثم إلى لبنان مع الرئيس بشار الأسد، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل».
ولفت إلى أن «المساعي الأخرى التركية والقطرية وصلت إلى النتيجة نفسها». وشدد على أن «السعودية، كما أوضح وزير الخارجية سعود الفيصل، لم تسحب يدها من مساعدة لبنان، بل سحبت يدها من جهود الوساطة»، مؤكداً أن «المملكة لن تتخلى عن واجباتها بتقديم الدعم إلى اللبنانيين وحضهم على مواصلة العمل في ما بينهم لإيجاد حل لمشاكلهم».
ولفت إلى أنه «إذا لم يستطع السياسيون اللبنانيون تحقيق طموحات شعبهم (بإيجاد حلول)، فكيف يمكننا أن نجبرهم على ذلك؟».
وبالنسبة إلى العراق، لاحظ الفيصل «ارتفاع عدد ضحايا العنف أخيراً» بعد إعلان تكليف نوري المالكي تأليف الحكومة، مشدداً على أنه «يجب الأخذ في الاعتبار بعض المسلمات عند تأليف أي حكومة في هذا البلد، وأبرزها ضرورة أن تضم أي حكومة كل مكونات الشعب العراقي، والاتجاهات السياسية فيه كما كان الأمر دائماً عبر التاريخ».
وأمل أن «يكون المالكي قد تعلم من تجربته في رئاسة الحكومة السابقة أن عليه أن يمد يده إلى كل الفئات، لا فقط إلى السنة، بل الأكراد والشيعة والتركمان (...) وإعطاءهم نصيباً من الحكم بدلاً من استبعادهم ولجوء بعضهم بالتالي إلى مقاتلة الحكومة».
وتطرق الفيصل إلى إيران باعتبارها «جاراً تاريخياً وجغرافياً»، مشيراً إلى مسألتين تقلقان السعودية، هما التدخل الإيراني في الشؤون العربية والملف النوي، وقال إن «الرئيس أحمدي نجاد حينما انتخب رئيساً وجاء الى السعودية، معلناً رغبة طهران في تطوير العلاقات مع الرياض استقبله الملك عبد الله بحفاوة وأبلغه أن شرط ذلك وقف إيران تدخلها في الشؤون العربية، في العراق وفلسطين ولبنان».
وأضاف أن «نجاد لم يستمع إلى نصيحة السعودية، واستمر التدخل الإيراني في الشؤون العربية». ولفت إلى أن «طهران تدعم جهات وأطرافاً غير شرعية ولا حكومية، ما يسبب عدم استقرار واهتزاز الأمن في بعض الدول».
وفي الموضوع النووي قال الفيصل، إن «الغرب لجأ منذ البداية إلى معادلة خاطئة في التعاطي مع إيران، هي العصا والجزرة»، مشيراً إلى أن «إيران ستعدّ ذلك إهانة لها». ولفت إلى جهود السعودية ودعوتها الدائمة لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي، مضيفاً أنه جرى التوصل أخيراً إلى اتفاق على عقد مؤتمر إقليمي العام المقبل للترويج لمنطقة منزوعة السلاح تضم كل دول المنطقة من السعودية ومصر وتركيا وإيران وإسرائيل».
ولفت إلى أن المملكة اقترحت تقديم حوافز للدول التي توافق على الانضمام إلى هذه المنطقة وفرض عقوبات، بما فيها عقوبات عسكرية، على الدول التي ترفض المشاركة.
ورداً على سؤال عن التسريبات التي عرضتها «الجزيرة» عن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، أوضح الفيصل قائلاً: «أنا دائماً متشكك بما يصدر عن الجزيرة».
تجدر الإشارة، إلى أن قاعة المحاضرة كان طاغياً عليها حضور دبلوماسي وإعلامي واستخباري، وأن معظم الأسئلة انصبت على الدور الذي يمكن أن تؤديه السعودية في عملية السلام عبر التحدث مع تل أبيب.
كذلك طغت أسئلة عن علاقة السعودية وإيران، حتى إن أحد الحاضرين لفت إلى التقاء السعودية وإسرائيل على هدف أساسي، هو مواجهة إيران، داعياً إلى تطوير ذلك بالتفاهم مع الولايات المتحدة.