رحّبت العديد من المنظمات غير الحكومية والأحزاب العربية وبعض الدول الغربية بالتغيير الذي شهدته تونس خلال اليومين الماضيين، فيما اكتفت الحكومات العربية بمواقف حيادية دعت من خلالها إلى التهدئة. إلا أن الموقف المثير للجدل أتى من طرابلس الغرب، حيث أعلن الزعيم الليبي معمر القذافي أن تونس تعاني من إراقة دماء وانعدام القانون، لأن شعبها تعجّل كثيراً جداً التخلص من رئيسه. وقال القذافي في كلمة نشرتها وكالة الجماهيرية للأنباء «أنا في الحقيقة متألم جداً لما يحدث في تونس». وأضاف أن تونس تعيش الآن في خوف
، «العائلات يمكن أن تُدهم وتُذبح في دار النوم... والمواطن في الشارع يُقتل. كأنها الثورة البولشفية أو الثورة الأميركية».
وتساءل: «ألم يقل لكم زين العابدين إنه بعد ثلاث سنوات لا أحب أن أبقى رئيساً؟ إذاً اصبر لمدة ثلاث سنوات ويبقى ابنك حياً. ألا تستطيع أن تصبر؟».
من ناحيتها، دعت جامعة الدول العربية في بيان إلى «توافق وطني على سبل إخراج البلاد من هذه الأزمة، بما يضمن احترام إرادة الشعب التونسي». وقال الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، إن «أحداث تونس خطيرة وتطوّر له أبعاد تاريخية، وتمثّل بداية عهد ونهاية عهد آخر».
ورأى وزير خارجية مصر، أحمد أبو الغيط، أن المخاوف من انتقال العدوى التونسية إلى دول عربية أخرى «كلام فارغ». وقال إن «لكل مجتمع ظروفه، فإذا ما قرر الشعب التونسي أن ينهج هذا النهج فهذا أمر يتعلق بشعب تونس». واتهم الوزير المصري، الذي كان يتحدّث في شرم الشيخ حيث بدأت الاجتماعات التحضيرية للقمة الاقتصادية العربية الثانية، «بعض القنوات الفضائية» العربية بأنها «تسعى إلى إلهاب المجتمعات العربية وتحطيمها، وللأسف كلها فضائيات غربية أو غربية الميول».
واستبعد أبو الغيط أن تصدر القمة الاقتصادية العربية، المنعقدة في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر الأربعاء، قراراً بشأن تونس، قائلاً «أشك». لكنه استدرك بالقول «لكن إذا رغبت القمة في تناول الأمر التونسي فليكن، وعموماً فإن إرادة الشعب التونسي هي العنصر الأهم في هذا الخصوص». وأكد أن «لا أحد يقاوم إرادة هذا الشعب، ولكن الشعب التونسي سوف يسأل أيضاً عن هذا الوضع في المستقبل».
وفي الدوحة، أكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية، «التزام دولة قطر بعلاقتها المتينة مع الشعب التونسي العزيز وحرصها على علاقاتها المميزة مع الجمهورية التونسية والعمل على تنميتها». كذلك، رحّب السودان بالتغيير السياسي في تونس، مشدداً على احترام إرادة الشعب التونسي. أمّا في العراق، فقد رأى المتحدث باسم الحكومة، علي الدباغ، «أن هذه مسألة داخلية تخصّ الشعب التونسي».
وأعلنت الحكومة الأردنية احترامها لخيارات الشعب التونسي، فيما رحّب الشارع الأردني بسقوط الرئيس بن علي، وشارك مئات الأردنيين في اعتصام تضامني أمام السفارة التونسية في عمان.
بدورها، أشادت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بـ«شجاعة الشعب التونسي وتضحياته البطولية لتحقيق مطالبه وحقوقه العادلة والمشروعة».
ورأت حركة «مجتمع السلم الجزائرية» المشاركة في الائتلاف الحاكم، أن إطاحة الرئيس التونسي في ثورة شعبية، إنجاز تاريخيّ ودرس لباقي الأنظمة.
أما منظمة المؤتمر الإسلامي، فقد أعلنت تضامنها مع الشعب التونسي، ورأت أن ما حدث «شأن داخلي».
على المستوى الدولي، أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، أن المستشارة أنجيلا ميركل ناشدت الشعب التونسي أن «يجعل هذا التحول الكبير في تاريخ تونس بداية جديدة». وفي طهران، رأى المتحدث باسم الخارجية رامين مهمانبرست أن ما يجري هناك «شأن داخلي يشير إلى حركة شعبية». وقال «نعتقد أن شعب تونس المسلم له مطالب ربما لم تتحقق ـــــ في ظل نظام حكم زين العابدين بن علي ـــــ وهذا يفسر سبب تفشّي الشكوى في ربوع الأمة». وأضاف «نأمل أن تتحقق مطالب مسلمي تونس، وأن يستخدموا وسائل معقولة ـــــ من دون عنف وصراع ـــــ للوصول إلى تلك المطالب والأهداف، لأن حماية أرواح المسلمين في تونس لها أهمية بالغة. نشعر بقلق بشأن الوضع في تونس بسبب حالتها، ونتيجة لأهميتها في العالم الإسلامي وموقعها الجغرافي».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)