كان لأحداث تونس الأخيرة ارتدادات انسحبت على الشعب العربي، الذي وجد في جرأة التونسيين ملهماً في تحرّك لا يرتقي إلى الانتفاضة التونسية، لكنه يزيل بعض الكبت. في الجزائر مثلاً، لجأ أحدهم إلى التمثّل في مُطلق الشرارة التونسية. وقالت صحيفة «الخبر» الجزائرية إن شاباً عاطلاً من العمل أحرق نفسه بعدما رفض مسؤول محلي منحه وظيفة، في ما يشبه الطريقة التي أحرق بها نفسه الشاب التونسي محمد البوعزيزي، والتي أدت إلى اندلاع احتجاجات انتهت بتخلي الرئيس زين العابدين بن علي عن الرئاسة. وذكرت الصحيفة أن الشاب محسن بوطرفيف (27 عاماً)، الذي يقطن مدينة بوخضرة في ولاية تبسة في أقصى شرق الجزائر، أقدم على فعلته بعد تعرضه لرد سلبي من رئيس البلدية الذي أجابه بعدم توافر وظائف، داعياً إياه إلى اتباع طريقة البوعزيزي في تونس. فسكب الشاب البنزين وأحرق نفسه أمام الملأ وتوفي. فسارع والي تبسة إلى إقالة رئيس البلدية، والتقى بممثلي المجتمع المدني وأعيان المدينة واتخذ إجراءات لتهدئة الوضع من خلال إجراء تحقيق في ملابسات الحادثة وإنشاء لجنة تنسيق لحصر مطالب الشباب بخصوص التوظيف.
بوطرفيف حاول إحراق نفسه. إلا أن غيره من الشباب العرب فضلوا السير في تظاهرات احتجاحاً على غلاء المعيشة ودعماً للشعب التونسي.
ففي صنعاء، تظاهر المئات من الطلاب والأكاديميين والحقوقيين والبرلمانيين منطلقين من جامعة صنعاء نحو السفارة التونسية للتعبير عن تأييد ما وصفوه بـ«الثورة الشعبية التونسية» على الطغاة، وطالبوا برحيل الحكام العرب لكي لا يتكرر نموذج الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي.
ورفع المتظاهرون لافتات دعوا فيها الحكام العرب ملوكاً أو رؤساء للاتعاظ بما جرى في تونس، ورددوا شعارات «ارحلوا قبل أن تُرحّلوا». وتضمنت اللافتات شعارات «المجد لشهداء تونس. البقية ستأتي. ليسقط الطغاة أينما حلّوا». وسلم المتظاهرون رسالة التأييد للسفير التونسي في صنعاء توفيق جابر، رغم محاولات قوات الأمن منعهم من ذلك.
فيما أعرب عدد من المثقفين والكتاب والصحافيين والشخصيات العامة في مصر عن تضامنهم مع الشعب التونسي في الانتفاضة «على الاستبداد والظلم والفساد والتعذيب وفقدان الكرامة».
وبمحاذاة مصر، كانت مدينتان فلسطينيتان في الضفة الغربية تشهدان تظاهرات ضد غلاء الأسعار وغلاء المعيشة، حيث تجمع عشرات الفلسطينيين على دوار المنارة في رام الله بدعوة من حزب الشعب الفلسطيني تحت شعار «لا للغلاء، نعم للقمة خبز كريمة، ولا للضرائب، نعم لسياسات اقتصادية اجتماعية تصون حقوق الفئات الفقيرة». كذلك شارك مئات الفلسطينيين في مسيرة دعت إليها حركة الجهاد الإسلامي في غزة لدعم الانتفاضة الشعبية في تونس وتأييدها. وكان لافتاً السجال الإعلامي الفلسطيني الذي دار على خلفية بيان نسب إلى الناطق باسم الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، رسمي عبد الغني، تحذيره القوى التونسية من ركوب موجات الإسلام السياسي لانتفاضة الشعب التونسي، وجرها نحو مستنقع التطرف والإرهاب». بيان لقي إدانة شديدة من حركة «حماس»، وسارعت الجبهة إلى نفي علاقتها بهذا البيان. وفي الأردن خرج المئات إلى شوارع العاصمة عمّان احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود والسلع الغذائية، مشيرين إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في الآونة الأخيرة ليست كافية.
أما في السودان، فلجأ الشباب إلى مواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت لحشد التأييد لخطتهم لإطاحة الحكومة من خلال احتجاجات سلمية. ونشر هؤلاء الشباب الذين كانوا قد تظاهروا احتجاجاً على ارتفاع الأسعار، نصوصاً على موقع فايسبوك تدعو العائلات السودانية إلى الخروج من منازلهم وإيقاد شمعة لمدة 30 دقيقة. وكتب وائل جابر أن الناس ستقف يوماً أو يومين أو ثلاثة أو أكثر، وسرعان ما سيصل الأمر إلى وسائل الإعلام. عندها سيصل إلى الشارع ويسقط النظام الحاكم».
(يو بي آي، رويترز)