واصل سكان جنوب السودان في اليوم الثاني من استفتاء تحديد المصير التدفق على مراكز الاقتراع، فيما أكدت مفوضية الاستفتاء أن نسبة التصويت في اليوم الأول بلغت 20 في المئةلم يتبدل الكثير في ثاني أيام استفتاء تحديد مصير جنوب السودان. إقبال شديد في الجنوب وشبه انقطاع في الشمال. ومن لم يستطع من الجنوبيين أن يشارك في أول ايام الاستفتاء، وقف أمس من جديد في طوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع الموزعة في ولايات الجنوب العشر غير متأثر بأنباء الاشتباكات في أبيي.
البعض اضطر للسير ساعات طويلة على الأقدام، وبينهم صامويل ماجويك الذي اختار عاصمة ولاية البحيرات الجنوبية رومبك، بوصفها الأقرب إليه للإدلاء بصوته.
وأكد المسؤولون في الولاية أن الكثيرين ممن لم يتمكنوا من الاقتراع في رومبك، أول من أمس، فضّلوا النوم في العراء للانتخاب والعودة إلى قراهم النائية، فيما أوضح والي ولاية البحيرات، شول تونغ ماياي أن «العديد من الأشخاص أجبروا على السير ثلاث أو أربع ساعات للوصول إلى اقرب مكتب اقتراع، والفترة نفسها للعودة إلى قراهم»، لافتاً إلى أن بعض الناخبين يأتون للاقتراع مع قطعانهم من الماشية لأنهم لا يكونون قادرين على إيجاد من يهتم بها في غيابهم.
من جهة ثانية، قال كومبي مارتن إنه اضطر إلى قيادة دراجته الهوائية لمدة يومين قبل الوصول إلى مركز الاقتراع، لكنه أبدى سعادته بوصوله لأنه «كان عليّ أن أقترع من أجل الحرية».
وفي مركز الاقتراع الصغير المعروف في حي السجون في جوبا، وقف عشرات الجنوبيين من نساء ورجال ينتظرون دورهم، فيما كان واضحاً أن الصناديق الثلاثة الشفافة في هذا المركز قد شارفت على الامتلاء.
وفي المركز الكبير المقام في جامعة جوبا، قال جيمس خور «وصلت الى هنا في الساعة الثانية فجراً. حضرت القداس وأردت الاقتراع بعده، إلّا أن طوابير الناخبين كانت طويلة جداً ففضلت العودة اليوم».
وفي المركز الأكبر في جوبا في الباحة المجاورة لضريح مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان، جون قرنق، أكدت لوميتا حسن أنها «قدمت عند الساعة الخامسة صباحاً للاقتراع»، مشيرةً إلى أنها من مواليد عام 1955 ولم تعرف في حياتها «سوى عشر سنوات من السلام».
وفيما كانت عمليات الاقتراع تتواصل، أعلن العضو في لجنة الاستفتاء جنوب السودان، باولينا واناويلا اونانغو، أن نسبة المشاركة في الجنوب وصلت إلى 20 في المئة. أما في الولايات الشمالية، التي جال رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان، محمد ابراهيم خليل، أمس على بعض من مراكز الاقتراع فيها، فاقتصرت نسبة المشاركة على 14 في المئة.
وفيما خلا اليوم الثاني من الاستفتاء من الحوادث الأمنية في الجنوب، كانت المعارك المندلعة في أبيي كفيلة بتذكير الجنوبيين بأن احتمالات الحرب بين الشمال والجنوب تبقى قائمة. وبينما أعلن المسؤول الجنوبي رئيس ادارية ابيي، دنق أروب كوول، أن قبائل المسيرية «هاجمت منطقة ابيي ثلاث مرات منذ الجمعة ما أدى إلى مقتل ما بين 20 و22 من الدنكا نقوك»، اتهم زعيم قبائل المسيرية، حامد الأنصاري، قبائل الدنكا نقوك ببدء الهجوم، مشيراً إلى مقتل 13 شخصاً من أفراد قبائل المسيرية فضلاً عن إصابة 38 آخرين.
في هذه الأثناء، واصلت الولايات المتحدة الترحيب بالموقف الإيجابي للخرطوم من استفتاء تحديد مصير الجنوب. وأشادت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، من دبي، بالحكومة السودانية لسماحها بإجراء الاستفتاء حول مصير جنوب السودان، موضحةً أنه «مثال رائع على النتيجة السلمية لنزاع طويل».
ودعت كلينتون، خلال لقائها عدداً من طلاب الجامعات في ابو ظبي، الدول العربية إلى تقديم المساعدة للجانبين، مشيرةً إلى أنه «إذا صوّت جنوب السودان على أن يكون له بلد خاص به كما هو متوقع، فآمل أن نقدم نحن جميعاً في المنطقة الأوسع، وبالتأكيد في الولايات المتحدة، المساعدة».
وأشارت كلينتون إلى أن الجنوب «الفقير جداً» يحتاج إلى استثمارات في البنية التحتية والمدارس والمستشفيات، فيما يحتاج الشمال كذلك إلى استثمارات. وقالت «أعتقد أن علينا جميعاً العمل مع شمال السودان والاستثمار فيه حتى يلمس فوائد العمل الشجاع جداً الذي قام به»، قبل أن تضيف «لذلك دعونا نعمل معاً لمساعدة الحكومة في الخرطوم، والحكومة في جوبا على تقديم الأفضل لشعبيهما».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)