يتقدّم جنوب السودان بخطى ثابتة نحو تحقيق الانفصال، فيما لا تزال مجموعة من الاستعدادات غير مكتملة، وبينها غياب الاتفاق على اسم دولة الجنوب المقبلة. وبين «السودان الجنوبية» أو «دولة جنوب السودان»،، و«كوش» و«الأماتونغ» «ودولة النيل»، لا يزال الجنوب متردداً في حسم اسم دولته. ويرى وزراء في حكومة الجنوب أن الفترة الانتقالية التي ستفصل بين التصويت للانفصال وإقراره رسمياً، ستكون كافية للتوصل إلى اتفاق على الاسم، على أن يكون للجنوبيين رأي في اختياره، من خلال إمكان عرضه على استفتاء شعبي.
والخيارات المتعددة المطروحة على طاولة البحث لا يمكن فصلها عن الخلافات القائمة بين الجنوبيين على الهوية المراد للدولة الجديدة أن تتمتع بها.
وينادي أنصار الحفاظ على روابط مع الشمال، خلال المرحلة المقبلة، بضرورة أن لا يغيب «السودان» عن اسم الدولة الجديدة، مفضلين اعتماد تسمية «السودان الجنوبية» أو «دولة جنوب السودان»، وفي ذلك رسالة للشمال بأن «الجنوبيين لديهم تصورات بإعادة الوحدة مرة أخرى، في حال تراجع العقلية العنفية لحكومة الشمال، وفي حال رغبة الشمال في حدوث تنمية حقيقية»، وفقاً لما أكده ممثل جنوب السودان في القاهرة بنجامين بيل في حديث الى صحيفة «الشروق» المصرية قبل أيام.
أما اختيار «السودان الجديد»، فيرى مروّجوه، بأنه بمثابة اشارة إلى الرغبة في الحفاظ على المشروع الذي طرحه زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق تحت الاسم نفسه، فيما يرى فيه الشماليون محاولة للإيحاء بأنهم يمثلون «السودان القديم»، سودان الأزمات والانقلابات والتخلف.
في المقابل، يطالب الراغبون في التخلص من «كابوس» الارتباط بالشمال، بأن يحذف لفظ «السودان» من اسم الدولة الجديدة لما يحمله من وجهة نظرهم من عبء ومظالم تاريخية يجب أن يتخلصوا منها مع إقرار الانفصال.
وأصحاب هذا التيار يطرحون ثلاثة خيارات رئيسية، بينها دولة «الأماتونغ». وعلى الرغم من ميزات «الأماتونغ»، وهي شجرة جنوبية يقال إنه أينما حُفر حولها انبثق الماء، ويفوح منها عطر زكي الرائحة، إلا أنها حُفرت في ذاكرة الجنوبيين منذ اصطدام طائرة زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، جون قرنق، بسلسلة جبال الأماتونغ في عام 2005.
وهو ما جعل البعض يعتبر تسمية اسم الدولة الوليدة بها نذير شؤم، ما أدى إلى تراجع حظوظها، ليبرز اسم «دولة النيل». لكن طرح اسم «دولة النيل» يخشى أن يثير استياء عدد من دول حوض النيل، وبينهم مصر.
أما الخيار الأخير فليس سوى «كوش»، أرض المحاربين العظماء ومهد الحضارة الإنسانية، وفقاً لما يصفها نشيد الجنوب، الذي يعود بالسودانيين إلى الوراء إلى عهد مملكة كوش قبل 3700 سنة.
أما نص النشيد الجديد الذي اختار الجنوبيون أن يكتبوه باللغة الإنكليزية، لغة دولتهم المقبلة، فقد اتفق عليه مبكراً. ويكشف ملامح من تطلعات أبناء الجنوب، «المحاربين السود الأقوياء ....
يقفون في صمت وخشوع ومهابة في ذكرى ملايين الشهداء ....
الذين شيدوا بدمائهم مداميك الوطن»، يناشدون كوش «انهضي وبثي شعاعك وبريقك...
وأضيئي الأفق بنجمتك الهادية من أجل أن يسود أرجاءك السلام والعدالة
والحرية».
(الأخبار)