غطّت عودة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى النجف، آتياً من إيران، حيث مكث نحو 3 أعوام ونصف عام، على زيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي لبغداد. عودة مثّلت عنصراً سياسياً ذا وزن كبير، يطرح التساؤلات عن ملابساتها وظروفها وتوقيتها وأسبابها، في ظل مشاركة حقيقية للتيار الصدري في حكومة نوري المالكي، مع نيله 39 نائباً في البرلمان، و7 حقائب وزارية، وذلك قبل أقل من عام من المغادرة المفترض أن تكون ناجزة للقوات الأميركية عن أرض الرافدين. وقال مصدر في التيار الصدري إن «مقتدى الصدر وصل إلى النجف عند الساعة الثالثة من بعد الظهر برفقة عدد من كبار مساعديه، بينهم مصطفى اليعقوبي ومحمد الساعدي وحيدر الجابري». وأضاف أن «الصدر موجود في منزله في حي الحنانة»، مشيراً إلى أن عودته «ليست زيارة، بل سيبقى في النجف». وفور إعلان النبأ المفاجئ، احتشد المئات من أنصار الصدر ترحيباً به، وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذتها الشرطة، بينما سارع العائد إلى زيارة مرقد الإمام علي وسط توقعات بأن يكون قد زار المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.
وكان آخر ظهور علني للصدر في العراق أثناء خطبة الجمعة في أوائل حزيران 2007، وأقام منذ ذلك الوقت في مدينة قم الإيرانية «للتفرغ لدراسة العلوم الدينية» بحسب ما أُشيع. وقد اتسمت فترة مغادرته بخلافات كبيرة جداً مع حكومة نوري المالكي التي تُرجمَت بحملة عسكرية حكومية على التيار الصدري من خلال «صولة الفرسان» في البصرة ومدينة الصدر البغدادية، وما تلاها من حلّ لـ«جيش المهدي» والتخلي عن المقاومة العسكرية. كل ذلك في ظل إعلانات لتهديدات متكررة لحياة الصدر من قوات الاحتلال الأميركية وبعض الأطراف الحكومية في تلك الفترة. في هذا الوقت، كان وزير الخارجية الإيراني بالوكالة، علي أكبر صالحي، يحطّ في بغداد في ثاني زيارة خارجية رسمية يقوم بها بعد تركيا، ما يؤكد أن الدبلوماسية الإيرانية ستبقى تولي العراق أولوية كبيرة. وبحث الرجل، في بغداد، مسألة منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة التي يتجمع بعض أنصارها في معسكر أشرف الواقع في محافظة ديالى، وقضايا ترسيم الحدود بين الدولتين الجارتين.
وكشف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع صالحي، عن أنّ العراق «عانى أكثر من أي طرف آخر من شرور هذه المنظمات تجاه مصالحنا ومواطنينا. دستورنا لا يسمح إطلاقاً بوجود أي منظمة على أراضينا تعتدي على دول الجوار، ونحن ملتزمون بذلك». وأوضح زيباري أنه اتفق مع صالحي على تفعيل جملة من القضايا المشتركة بين البلدين، أهمها عقد اللجنة المشتركة الخاصة ومتابعة الحدود المشتركة وتنظيم زيارة الزوار الإيرانيين للعتبات المقدسة في العراق.
أما خليفة منوشهر متكي، علي أكبر صالحي، المولود في مدينة كربلاء العراقية، الذي قضى شبابه في منطقة الكاظمية في العاصمة، فقد شدد على أن طهران «تعقد الكثير من الأمل على جلاء القوات الأجنبية من العراق الذي نعدّ ترابه مقدساً»، في إشارة إلى الانسحاب المفترض حصوله نهاية العام الجاري.
وأضاف باللهجة العراقية: «نتطلع إلى أن يستعيد العراق على وجه السرعة استقلاله الكامل واستتباب الأمن، وأن يكون صاحب السيادة الوطنية الكاملة، على أن يتولى أبناؤه إدارة الملفات على نحو كامل من دون أي تدخل».
ولفت إلى أنّ طهران «تتطلع بعد تأليف الحكومة العراقية إلى علاقات قوية بين البلدين، وفتح صفحة جديدة والعمل على دفع عجلة اللجنة العليا إلى الأمام، والمساهمة في عملية البناء والإعمار وتطوير الاقتصاد العراقي».
ونقل بيان رسمي عن المالكي قوله، خلال لقائه صالحي: «نتطلع إلى تحقيق النجاحات؛ لكون الحكومة تألفت في مرحلة أفضل من المرحلة التي تألفت بها حكومة الوحدة الوطنية التي واجهت الكثير من التحديات، ولا سيما في الجانب الأمني». وأكد أن «حرصنا على سلامة العراق وأمنه جزء من حرصنا على أمن جميع دول المنطقة، وحرص الحكومة على تطوير العلاقات» مع إيران.
(أ ف ب، يو بي آي، الأخبار)