خاص بالموقع- يعود السجين محمود، الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد في سجن «حماس» في غزة لإدانته بالتعاون مع إسرائيل، بذاكرته لليوم الذي تم فيه تجنيده من خلال استغلال ضابط الاستخبارات الإسرائيلية لحاجته إلى المال لإتمام زواجه. والشاب محمود (24 عاماً)، هو واحد من عشرات الغزّيّين الذين استدرجتهم إسرائيل للتعاون معها، مقابل مئات الشواقل أحياناً (200 إلى 300 دولار أميركي) لتزويدها بمعلومات عن فصائل المقاومة، وأبرزها «كتائب القسام» الجناح المسلّح لـ«حماس».
لكن «حماس» تؤكد أنها تتصدى لهذه الظاهرة بحزم، حيث قامت العام الماضي بردع «العملاء» بقسوة ونفذت حكم الإعدام بحق عدد منهم ممن أدينوا بالتخابر، في خطوة بدت سابقة من نوعها منذ سيطرتها على القطاع في حزيران 2007، ما أثار استياء المراكز الحقوقية.
وأعلنت حكومة «حماس» في أيلول الماضي كشف واعتقال عملاء لإسرائيل تمكنوا من اختراق فصائل المقاومة وساهموا في اغتيال قادة لها في القطاع.
ويسترجع الشاب محمود وهو قابع في إحدى زوايا سجن غزة للتأهيل والإصلاح ذلك اليوم قائلاً «كنت أمشي بالقرب من الحدود مع إسرائيل في شمال القطاع بالقرب من بيتي فضبطتني قوة خاصة إسرائيلية للتحقيق».
ويتابع «سألني ضابط الاستخبارات عن سبب وجودي بالقرب من الحدود فأخبرته بأني مستاء لأن زواجي بعد شهر ولا أملك المال، فقال لي اعمل معنا ونحن سنعطيك المال». ويضيف الشاب وهو ينظر إلى الأرض «ابتزّني الضابط بالمال... أعطاني ألف شيقل وشريحة أورانج إسرائيلية (هاتف نقال) وقالي لي لا تقلق، نسألك بعض الأسئلة وتجاوبنا عنها، وكل مرة سنعطيك المبلغ ذاته وسنساعدك في تكاليف زواجك». وبتنهيدة عميقة يضيف «وافقت».
ويتابع «اتصل بي الضابط بعد شهر من زواجي، حسب الاتفاق، وقال لي بدأ وقت الشغل الآن، وطلب مني أن أراقب اثنين من جيراني يعملان في كتائب القسام». ويقول «كنت أحاول أن أكذب عليه، لكنه كان يعلم كل شيء ويكشفني دائماً».
وواصل محمود التعاون مع ضابط الاستخبارات الإسرائيلي قرابة عام كما يقول، وذلك قبل أن تعتقله حكومة «حماس» في عام 2008. ويروي الشاب الذي لم يكن يتوقع كشف أمره «أخبرت ابن عم لي اسمه محمد وهو صديق مقرب مني ويعمل مع «حماس» بالقصة وتحدث مع الضابط الإسرائيلي وطلب منه أن يعمل معه أيضاً، لكن الضابط قال له أنت تأخذ راتباً من حكومة «حماس» فلماذا ستعمل معنا».
ويكمل «لم أقلق أن يبلغ محمد عني لأن صداقتنا أقوى من أي شيء وهو يعمل مع «حماس» من أجل المال فقط، لكن الضابط طلب مني أن أتوقف عن الحديث مع محمد، لكني رفضت».
ويقول «كلمني الضابط بعدها بفترة وقالي لي: محمد ابن عمك بلغ «حماس» عنك، اهرب. سيلقون القبض عليك بعد شهر، فلم أصدقه وشتمته». وبعدما صمت لحظة قال محمود «فعلاً، بعد شهر بالضبط اعتقلتني شرطة «حماس» في كمين واعترفت بكل شيء».
ويحتجز في سجون حكومة «حماس» قرابة 40 متهماً بالتخابر مع إسرائيل بحسب ناصر سليمان مدير سجن غزة للتأهيل والإصلاح.
شادي (21 عاماً) عميل آخر يقضي عامه الأول من عقوبة السجن لسبع سنوات الصادرة بحقه، ويقول إنه ضبط من قوة خاصة إسرائيلية قرب الحدود بين غزة وإسرائيل، ويضيف «حققوا معي وعرضوا عليّ أن أعمل معهم فوافقت لأني كنت خائفاً وبحاجة الى المال». ويتابع «أعطاني الضابط 500 شيقل وهاتفاً نقالاً بشريحة إسرائيلية».
ويضيف الشاب الملتحي «طلب مني الضابط الإسرائيلي الذي كان يسمي نفسه أبو العبد أن أعطيه معلومات عن الأماكن التي تطلق منها الصواريخ وأسماء مطلقيها». ويشرح الشاب الذي يقول إنه كان ناشطاً في صفوف جماهير حركة «حماس» «كان لي أصدقاء كثيرون من «حماس» والقسام، كان الضابط يسألني عنهم ويعرف إذا كذبت عليه، يعرفون كل شيء».
ويعود شادي بالذاكرة الى يوم ألقت فيه «حماس» القبض عليه، ويقول «كنت في طريقي لمقابلة الضابط على الحدود عندما صادفت مجموعة من مقاومي القسام يستعدون لإطلاق صواريخ... اشتبهوا بي وسلموني إلى مسؤول «حماس» في منطقتي واعترفت له بكل شيء وسلّمت إلى الشرطة».
ويقول المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لـ«حماس» إيهاب الغصين «وجدنا أن الدافع الاقتصادي هو السبب الرئيسي في الغالب لابتزاز العملاء، وخاصة في ظل الحصار». ويضيف إن «غالبية العملاء الذين اعتقلوا جرى ابتزازهم مقابل مبالغ مالية زهيدة لا تتجاوز مئات قليلة من الشواقل»، مشيرا الى أن «الاحتلال يبتزّ هؤلاء العملاء بطرق دنيئة قد تكون في بعض الأحيان مقابل توفير سجائر ومخدرات».
أما السجين محمد (40 عاماً) فينتظر تنفيذ حكومة «حماس» حكم الإعدام الصادر بحقه، لكنه يرفض الحديث عن طريقة تجنيده.
وبموجب القانون الفلسطيني، يفترض أن يصادق رئيس السلطة الفلسطينية على أحكام الإعدام، إلا أن «حماس» التي لا تعترف بشرعية الرئيس محمود عباس، نفذت إعدامات من دون الرجوع إليه.
(أ ف ب)