القاهرة | تحاول جماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة في مصر لملمة ومداواة جراحاتها الداخلية خلال هذا الأسبوع في تركيا، حيث يعقد «مجلس شورى» الجماعة، التي هي بمنزلة السلطة التشريعية والهيئة التي ترسم سياساتها، فيما يتولى تنفيذها «مكتب الإرشاد».
ووفق اللائحة العامة للجماعة، فإن «مجلس شورى الإخوان» هو السلطة التشريعية للجماعة في مصر، وهو مختص بمناقشة وبإقامة السياسات العامة والوسائل التنفيذية اللازمة لها، وأيضاً بمناقشة التقارير السنوية التي يتقدم بها «الإرشاد»، كما حددت اللائحة عدد أعضاء المكتب بـ75 عضوا، وزعتهم على قطاعات الجماعة، ومكاتبها الإدارية في المحافظات، قبل أن تشهد السنوات الأخيرة توسعا بضم أعضاء جدد إلى مجلس الشورى العامة، حتى وصل أعضاء «مجلس الشورى» إلى 120 تقريبا، تماشيا مع مرحلة الصعود في الحالة السياسية المصرية، قبل أفول نجمها عقب عزل محمد مرسي عن الرئاسة منتصف 2013.
رجحت مصادر
إخوانية حضور محمود عزت الاجتماع المقرر
في تركيا

وكان آخر اجتماع معلن لـ«مجلس الشورى» قد عُقد قبل أسبوع من تظاهرات «30 يونيو»، التي تلتها قرارات خريطة طريق «3 يوليو»، وأولها عزل مرسي، فيما شهدت الجماعة عددا من اجتماعات المجلس غير المعلنة، خلال اعتصام رابعة العدوية قبل فضه. وثمة اجتماعات أخرى «بمن حضر» من الأعضاء الذين اختفى بعضهم لأسباب أمنية، فيما ألقت قوات الأمن على بعضهم الآخر، عقب فض الاعتصام، كما تنص اللائحة على اجتماع مجلس الشورى بدعوة من المرشد العام دورتين كل عام: الأولى خلال النصف الأول من شهر صفر الهجري، والثانية خلال النصف الأول من شعبان.
ووفق مصادر إخوانية في الداخل والخارج، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن أهم ما يواجه الجماعة في اجتماعها الحالي، هو الخلاف المتصاعد بين «إخوان الداخل المحسوبين على مكتب الإرشاد، وإخوان الخارج المحسوبين على مكتب الخارج»، وهو ما انعكس على الصف الاخواني بعدد من البيانات المتضاربة بين الطرفين، فيما انقسم الصف الداخلي للجماعة بين من انضم إلى المحسوبين على مكتب الإرشاد، وآخرين تمسكوا أخرى بالتبعية إلى مكتب الخارج في تركيا.
وكانت المرحلة الماضية قد شهدت عدة محاولات لرأب الصدع بين الطرفين، على ضوء وساطات من قادة إخوانيّين في عدد من دول العالم بينهم إخوان الكويت وتركيا وقادة من حركة «حماس»، أسهمت في تهدئة الأجواء بين الطرفين، لكنها لم تفلح في حسم وإنهاء الخلاف من جذوره.
وآخر ما توصل إليه الطرفان في سبيل حسم صراع السيطرة على الصف وموارد الجماعة والنوافذ الإعلامية وقنوات الاتصال بين الداخل والخارج والتصعيد أو التهدئة بين الجماعة والنظام، تأليف «اللجنة الإدارية العليا» المكونة من 11 عضوا مقسمين على إخوان الداخل والخارج، كجهة عليا ومرجعية للإشراف على الطرفين، فيما تنقسم اللجنة إلى عدة لجان هي لجان «5-3-2»: الأولى مختصة بالتوفيق والاتصال بين الداخل والخارج، والثانية مختصة بالإشراف على الموارد المالية للجماعة والتمويلات، فيما تشرف الثالثة على اللجان الإعلامية.
يأتي كل ذلك في وقت شهدت فيه الساحة الإخوانية هدوءا حذرا خلال الشهور الماضية على الساحة العامة، فيما شكا أكثر من مصدر في «إخوان الداخل» من التعليمات والرسائل المتضاربة الواردة من طرفي الصراع، ومحاولة كل طرف تحميل الآخر مسؤولية الإخفاق داخل الجماعة. وأشاروا إلى أن الصراع كان قد احتدم بين الطرفين تحت السطح، إلى حد أن حسين إبراهيم (القيادي الإخواني المقبوض عليه أخيرا) كان قد أحيل إلى التحقيق من مجموعة الإرشاد (محمود حسين، ومحمود عزت) إلى التحقيق، وذلك قبل إلقاء القبض عليه، بسبب انحيازه إلى «إخوان الخارج».
كذلك تأتي على رأس أجندة اجتماع «شورى الجماعة» الاستعدادات لـ«25 يناير» المقبل والتنسيق مع القوى والتيارات السياسية الأخرى، وفق الرسائل الموجهة إلى الصف الداخلي، وهي تتحدث عن «موجة ثورية جديدة تهدد النظام»، وأيضا لا تزال محل جدل وخلافات بين تيارات الجماعة. وترى المصادر أنها تأتي من قبيل الاختزال المخل بحصر تيارات الجماعة في اثنين فقط: الداخل والخارج، مؤكدين أن الخلافات في وجهات النظر قائمة بين أطراف متعددة.
في الوقت نفسه، رجحت مصادر إخوانية حضور محمود عزت، رجل الجماعة القوي الآن، والقائم بأعمال مرشد الجماعة اجتماع مجلس الشورى في تركيا، إثر نجاحه في الهرب من مصر، التي بقي فيها منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، قبل خروجه منها أخيرا لحضور الاجتماع في تركيا. وفي حال ظهور عزت وحضوره الاجتماع الذي أتاحت له اللائحة مرونة في الظروف الاستثنائية، فإن ذلك سيزيد اشتعال الأمور داخل الجماعة، التي لا تزال تئن تحت وطأة ضربات النظام العنيفة لها.