طرابلس | لقي قانون العزل السياسي الذي دعا إليه العديد من النشطاء ومؤسسات المجتمع المدني في ليبيا، استحسان العديد من الساسة، من حيث أهمية صدور قانون يقضي بتجميد دور قادة النظام السابق لبرهة من الزمن، حتى يجري بناء مؤسسات الدولة بعيداً عنهم. إلا أن نفس المشروع قُوبل بغضب من أطياف أخرى ترى في القانون إهداراً لخبرات وكوادر الدولة، وتصفية لحسابات قديمة. بيد أن فئة ثالثة ترى أن البرلمان بدأ فعلياً بخلط الأوراق وأولويات المرحلة، وبتشتيت الرأي العام عن الاستحقاق الأكبر، أي الدستور، الأمر الذي قوبل برفض من نواب البرلمان، مبررين مناقشتهم لقانون العزل السياسي اليوم بأنه استحقاق لا يقل في أهميته عن الدستور. وكما جرت العادة لم يخلُ الأمر من تعليق الإخفاقات على شماعة الحكومة، حيث يرى البعض أن الاستعانة بقادة النظام السابق في حكومة علي زيدان، أثار نزعة الثأر عند حكام اليوم، معارضي الأمس. ويؤكد المتابعون للشأن الليبي أن تعمّد رئيس الوزراء الحالي علي زيدان، الاستعانة بعدة وزراء كانوا داخل نطاق منظومة العقيد معمر القذافي، أمر لن يكون مقبولاً من قادة حاليين برزوا في المعارضة.
فنواب حزب الجبهة الوطنية تقدموا للمؤتمر الوطني بمُقترح يقضي بعزل كل القادة من وزراء وسفراء ورؤساء برلمان وقادة أمنيين ورؤساء اتحادات الطلبة، إضافة إلى كل المعارضين السابقين الذين تصالحوا مع نظام العقيد. نقطة أثارت حفيظة بعض رموز الإخوان المسلمين، الذين أبرموا صفقة في السابق مع القذافي قضت برجوعهم الى ليبيا.
حتى رئيس الوزراء الأسبق محمود جبريل، لم يقف مكتوف اليدين، وهو يرى أن مثل هذه القوانين فُصّلت على مقاسه، وهو صاحب الأكثرية في البرلمان، فباشر النواب عن قوى التحالف الوطني بتقديم مسودة مشروع أخرى تقضي بعزل كل من شارك في نظام العقيد منذ عام 69.
بهذا القانون يصبح حتى من انشق عن القذافي بعد عدة أعوام ومنذ 40 عاماً غير قادر على ممارسة الحياة السياسية. الأمر الذي أصاب رئيس المؤتمر الوطني محمد المقريف، حيث اشتغل سفيراً لليبيا لدى الهند قبل أن يعلن انشقاقه بداية الثمانينيات.
المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بدوره باشر اتخاذ خطوات عملية لأول مرة تجاه هذا الجدل، بعدما وصل الخلاف إلى أوجه داخل أروقته وتعالت الأصوات. فقد قرر إنشاء لجنة لصياغة قانون الإصلاح المؤسسي تتكون من 15 عضواً تقريباً، عن طريق تزكية كل 10 نواب لعضو في هذه اللجنة.
اللجنة التي سيعلن عن أسماء أعضائها في 30 كانون الأول الحالي، قيل إن مهماتها محصورة في التواصل مع كافة أطياف المجتمع للتوصل إلى مسودة تنال بنودها رضى الجميع، وتدرس الخطوط العريضة للقانون، كما من المتوقع أن يبت البرلمان ما توصلت إليه هذه اللجنة بداية شباط من العام المقبل. من ناحيتها، أستاذة القانون في جامعة بنغازي هناء القلال، أوضحت في حديثها لـ «الأخبار» أن مبدأ العزل السياسي ضرورة وهو آلية للوصول إلى قانون عدالة انتقالية حقيقي يُنصف ضحايا النظام، مشددة في نفس الوقت على أن القانون الذي سيُوضع للعزل السياسي لا يجوز ولا يقبل أن يكون أداة سياسية لخدمة مصالح خاصة.
وأضافت إن قانون العزل السياسي يجب أن يجري بمعايير موضوعية واضحة ومنضبطة وتحقق العزل لكل من كان قد ارتكب انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والإداري، مضيفة إنه لا أحد يرضى بأن يكون من يضع القوانين ويقود المرحلة المقبلة في ليبيا هم من كانوا أدوات الهدم والدعم لنظام القذافي.



أفادت وكالة أنباء التضامن الليبية أن أهالي مدينة بنغازي الليبية (شرق) سينطلقون اليوم الجمعة في مسيرة مُنظّمة لدعم القوى الأمنية الرسمية. ونقلت الوكالة عن «مجموعة من شرائح مجتمع مدينة بنغازي» أمس، عن رئيس اتحاد ثوار 17 فبراير (طلائع الإطلاقة الأولى)، محمود البرعصي، أن «الغرض من مسيرة يوم الجمعة هو دعم قوات الجيش والشرطة واستبعاد كل من تورط في قتل الليبيين». وأضاف إن «التظاهرة تتضمن أيضاً طلباً بحل جميع الكتائب المشرعة وغير المشرعة وانضمام الثوار إلى مؤسسات الدولة كأفراد». وتابع إنه «من ضمن توصيات التظاهرة الكشف عن نتائج التحقيقات في مقتل واغتيالات أبناء بنغازي»، مطالباً بسحب الملف الأمني من المجلس المحلي وتسليمه إلى ذوي الاختصاص (وزارة الداخلية).
(الأخبار)