القاهرة | لم تمنع جميع المخالفات والإشكالات التي رافقت عملية الاستفتاء، الرئيس المصري محمد مرسي من توقيع مرسوم إنفاذ الدستور الجديد، والتسليم بالنتيجة التي أعلنتها اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء أول من أمس بموافقة 63.8 في المئة على الدستور في مقابل رفض 36.2 في المئة له. وظهر مرسي، أمس، في خطاب تلفزيوني مدافعاً عن الدستور، واصفاً إقراره بأنه يوم «تاريخي مشهود»، مؤكداً أنه «أصبح لمصر والمصريين دستور حر ليس منحة من ملك ولا فرضاً من رئيس ولا إملاءً من مستعمر». ورأى أن إقرار الدستور يعد «بحق فجر مصر الجديدة الذي بزغ وهو الآن يسطع وسيمضي نهار مصر الجديدة إلى تحقيق أهدافه». وفيما رأى أن «الشعب المصري أقر الدستور بأغلبية قاربت الثلثين»، أقر بأن «قطاعاً محترماً من شعبنا اختار أن يقول لا وهذا حقهم لأن مصر الثورة لا يمكن أن تضيق بالمعارضة الوطنية الفاعلة». لكن مرسي صوب على المعارضة نفسها بقوله: «للأسف البعض لم يدرك الفارق بين حق التعبير السلمي عن الرأي واللجوء الى العنف ومحاولة فرض الرأي من طريق تعطيل المؤسسات العامة وترويع المواطنين، واذا كنا جميعاً نرحب بالاختلاف في الرأي فإننا جميعاً نرفض العنف والخروج عن القانون». وفيما أقر بالأزمة التي تواجه بلاده، اكتفى بتجديد الدعوة الى المعارضة المصرية للانضمام الى «جلسات الحوار الوطني الذي أرعاه بنفسي».
وفي مواجهة التدهور الاقتصادي، أعلن تكليف رئيس الوزراء «هشام قنديل عمل التعديلات الوزارية اللازمة التي تناسب هذه المرحلة»، وذلك بعد يوم من استقالة وزير الاتصالات هاني محمود. وأكد مرسي أنه «سيبذل كل جهد من اجل دفع الاقتصاد المصري الذي يواجه تحديات ضخمة ولكنه يمتلك فرصاً كبيرة للنمو».
القوى المدنية المعارضة لمرسي، التي سلمت بإقرار الدستور، سرعان ما ردت على دعوة مرسي معلنةً رفضها المشاركة في الحوار الوطني الا بعد التزامه تعديل الدستور الجديد. وفي مؤتمر صحافي للجبهة، أكدت أن «الشعب المصري يرفض تحويل مصر إلى دولة دينية»، مجددةً التأكيد أنها «لن تشارك في أي حوار إلا حين تتوافر عناصر هذا الحوار». كذلك أكدت أنها «تعول على دعوة جماهير الشعب بمزاجها الثوري إلى التظاهر الحاشد ضد مشروعية هذا الدستور في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير العظيمة في عاصمة الثورة بميدان التحرير وكل ميادين تحرير مصر».
وأوضح وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي، عبد الغفار شكر أن جبهة الإنقاذ الوطني رفضت المشاركة في احدى جلسات الحوار الوطني التي عقدت أمس واكتفت بإرسال مشروع وملاحظات حول قانون الانتخابات الجديد. وأشار إلى أنه في ضوء نتيجة هذا الحوار، ومدى تجاوبهم مع ملاحظات الجبهة سيُحدَّد الموقف في سلسلة الحوارات، التي تدعو إليها الرئاسة الفترة المقبلة.
بدوره، أكد أحمد فوزي، الأمين العام لحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي، أن من سيشارك لن يكون ممثلاً عن الجبهة بل ممثلاً عن نفسه.
وبالتزامن، بدأت جبهة الإنقاذ الوطني تعد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، متبنيةً المبادرة التي طرحها المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى أمس للخروج من الأزمة. وتنص على «مصارحة الشعب بحقيقة الوضع الاقتصادي، وإعلان هدنة سياسية مع جبهة الإنقاذ الوطني، وتشكيل حكومة طوارئ لمدة عام يرأسها رئيس الجمهورية تتشكل من مختلف القوى السياسية الفاعلة».
وفي ما يتعلق بالدستور تطالب المبادرة بتشكيل «لجنة بقرار جمهوري من فقهاء القانون الدستوري لقراءة الدستور ومناقشة المواد المختلف عليها أو التي تحتاج إلى تعديل تنهي أعمالها في ظرف ستة أشهر وتعرض نتائجها على مجلس الوزراء لمناقشة كيفية التعامل مع نص الدستور وتفعيل المواد التي يجري تعديلها، بما في ذلك دور المحكمة الدستورية العليا».
ولم تغفل الجبهة تجميع كل ما يثبت وجود تزوير لإرادة الناخبين لإمرار الدستور. ورأت أن ما أقر من دستور لا يمثلها أو أن الدستور باطل مهما استفتي عليه حسب رئيس حزب الدستور محمد البرادعي. وكانت اللجنة العليا للانتخابات قد اعترفت بوجود العديد من التجاوزات والانتهاكات خلال مرحلتي الاستفتاء، الأمر الذي جعلها تستبعد ما يقرب من 20 لجنة في محافظة الدقهلية و3 لجان في محافظة الشرقية و8 لجان في محافظة أسيوط و3 لجان في محافظة سوهاج ولجنة واحدة في محافظة البحيرة ولجنتين في محافظة الجيزة. وتراوحت الأسباب بين غلق اللجان قبل انتهاء الموعد الرسمي للتصويت، وعدم وجود قضاة في اللجان ووجود عبث بالصناديق وإخراجها من اللجان واعادتها من جديد. ورغم رصد تلك الانتهاكات، الا أن اللجنة تجاهلت التحقيق في عشرات الانتهاكات الأخرى التي تحدثت عنها منظمات المجتمع المدني ونوادي الهيئات القضائية والقوى السياسية.
وأكد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، لـ«الأخبار»، أن اللجنة تجاهلت الشكاوى الخاصة بوجود أسماء لمتوفين ضمن الكشوف الانتخابية. وأكدت وجود إشراف قضائي كامل على الاستفتاء في المرحلتين، وهو أمر غير صحيح. ووفقاً لأبو سعدة، فإن اللجنة العليا إزاء قلة عدد القضاة المشرفين على الانتخابات عمدت الى دمج العديد من اللجان الانتخابية، ما أدى إلى وجود تزاحم شديد من قبل الناخبين وزيادة الكثافة التصويتية في هذه اللجان. كما أوضح أبو سعدة أن أبرز الانتهاكات التي تجاهلتها اللجنة واقعة تسويد بعض بطاقات الاقتراع وتوقيع مكان الناخبين من قبل الغير، وعدم التحقيق في بعض حالات الرشاوى الانتخابية، وحالات التصويت الجماعي، ووجود استمارات غير مختومة، وتعمد تعطيل دخول الناخبين إلى مقار الاقتراع، وبعض الأخطاء داخل اللجان من قبيل عدم توافر الحبر الفسفوري ووجود دعاية على أسوار المدارس.