أجواء المصالحة الوطنية الفلسطينية، التي تحسنت عقب العدوان على قطاع غزة، ثم الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة، عادت إلى الانتكاس على خلفية إقامة مهرجان «فتح» في قطاع غزة، بحيث وقع الخلاف بين الفصيلين المتناحرين على مكان إقامته، فيما أعلنت مصادر في وزارة الخارجية المصرية أن مؤتمر المصالحة الفلسطينية سيقام في القاهرة في نهاية كانون الثاني المقبل، لكن في حال استقرار الأوضاع الداخلية في مصر. وقالت المصادر المصرية، التي رفضت ذكر اسمها، إن «مصر ترعى القضية الفلسطينية وتجعلها من أولوياتها رغم الأوضاع الصعبة التي تمر بها في ظل التحول الديموقراطي بعد الثورة».
بدوره، أكد رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، زكريا الآغا، أنّه «بعد الانتصار العسكري الذي حققته المقاومة في قطاع غزة على الاحتلال الإسرائيلي أخيراًً، وبعد الانتصار السياسي الذي حققته السلطة بحصول فلسطين على صفة مراقب بالأمم المتحدة، بات هناك أرضية جيدة للتصالح ولمّ الشمل الفلسطيني». وأضاف: «إننا بانتظار دعوة مصر لإقامة اجتماع لمنظمة التحرير الفلسطينية واتخاذ الآليات العملية لتفعيل المصالحة، ومن المقرر أن يقام الاجتماع برعاية الرئيس محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل».
وكشف مفوض العلاقات الدولية، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، نبيل شعث، عن نية الرئيس المصري محمد مرسي، تسريع عجلة الحوار الفلسطيني، لإنجاز المصالحة الفلسطينية. وقال إن مصادر مقربة في الرئاسة المصرية، نقلت له «نية الرئيس مرسي الجادة الإسراع في إتمام ملف المصالحة الفلسطينية، وإعطائه الضوء الأخضر لتشجيع الإخوة في حركتي فتح وحماس للاستعداد لبدء جولة الحوار الوطني». لكنه أضاف أن «الأمور كلها مرتبطة الآن بالوضع المصري الداخلي واستقراره، ولا سيما مع قرب إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور المصري».
في غضون ذلك، لا يزال الجدل يتفاعل بشأن مكان عقد مهرجان الانطلاقة الـ48 لحركة «فتح»، بحيث أبدى مفوض العلاقات الدولية في حركة «فتح» نبيل شعث، استياءه الشديد إزاء «مماطلة حماس في هذا الشأن»، على الرغم من الرسائل الإيجابية التي تلقتها حركته من رئيس المكتب السياسي لحماس، ونائبه موسى أبو مرزوق، «اللذين أكدا ترحيبهما الكامل بطلب فتح، وقالوا افعلوا ما تريدون». وأضاف: «رغم المشاعر القوية التي ظهرت بين كافة أطياف الشعب الفلسطيني في كامل بقاع فلسطين، وخاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والانتصار الأممي الذي منحنا صفة دولة، والبوادر الإيجابية التي أظهرتها فتح إزاء حماس، والمهرجانات العديد التي نظمتها حماس في الضفة الغربية، إلا أن حماس تصر على وضع العراقيل أمام أي جهود رامية للمصالحة».
أما زميله عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لفتح، فوصف رفض «حماس» إقامة مهرجان انطلاقة حركته فى «ساحة الكتيبة» بمدينة غزة، بأنها قضية سياسية بامتياز، مضيفاً أن «حماس لا تريد أن تظهر حركة فتح فى قطاع غزة بحجمها الحقيقي». وأشار إلى اتصالات أجرتها مصر مع خالد مشعل وإسماعيل هنية، لاحتواء هذه الأزمة «ساحة الكتيبة»، إلا أنها لم تلق التجاوب. وأضاف أن حماس طرحت على حركته أماكن صغيرة لا تتناسب مع شعبيتها فى القطاع، وحسب قوله، فإن مسؤول من «حماس» لم يسمه قال: «لا نريد أن تعلو الرايات الصفراء رايات فتح على الرايات الخضراء، رايات حماس».
المتحدث باسم الحركة، أحمد عساف، قال بدوره، في بيان إن «حماس تصر على التفكير بنفس العقلية السابقة، عقلية الاستفراد والهيمنة». وأكد ان «حماس تتحمل المسؤولية الكاملة عن التداعيات السلبية الناجمة عن هذا القرار والممارسات التي من شأنها أن تصيب جهود المصالحة بنكسة وتفسد فرحة شعبنا الفلسطيني بقرب إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية».
ووصف عساف مبررات «حماس» حول وجود أسباب أمنية بأنها «واهية، وهي المبررات التي تعكس الأسلوب الذي استخدمته لتعطيل المصالحة لسنوات طويلة».