للمرة الثالثة التقى الموفد العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، ولم ينجم عن اللقاء أيّ جديد. فيما رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية بمثابة انتحار سياسي. وأعرب الأخضر الإبراهيمي بعيد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، عن أمله في توصل أطراف الأزمة السورية إلى حلّ. وقال إنّ «الوضع في سوريا لا يزال يدعو للقلق، ونأمل من الأطراف كلّها أن تتجه نحو الحلّ الذي يتمناه الشعب السوري ويتطلع إليه». وأضاف: «تشرفت بلقاء السيد الرئيس، وتكلمنا في الهموم الكثيرة التي تعانيها سوريا في هذه المرحلة. وكالعادة تبادلنا الرأي حول الخطوات التي يمكن اتخاذها في المستقبل». وأوضح أنّ الأسد تحدث عن «نظرته إلى هذا الوضع، وتكلمت عمّا رأيته في الخارج في المقابلات التي أجريتها في المدن المختلفة مع مسؤولين مختلفين في المنطقة وخارج المنطقة، وعن الخطوات التي أرى أنّه يمكن أن تتخذ لمساعدة الشعب السوري على الخروج من هذه الأزمة».
من جهته، أكد الأسد للإبراهيمي «حرص الحكومة السورية على إنجاح أيّ جهود تصبّ في مصلحة الشعب السوري وتحفظ سيادة الوطن واستقلاله»، بحسب ما جاء في التلفزيون السوري الرسمي. وأوضحت القناة أنّ الطرفين بحثا في «التعاون القائم بين الحكومة السورية والمبعوث الأممي. والمباحثات ودية وبناءة».
من ناحيته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ سوريا لن تستخدم الأسلحة الكيميائية، معتبراً ذلك بمثابة انتحار سياسي للحكومة إن فعلت. وقال لافروف، في حديث تلفزيوني، إنّه «كل مرة نسمع فيها شائعات أو ترد إلينا معلومات عن أن سوريا فعلت شيئاً بالأسلحة الكيميائية نعيد التحقق ونتحقق ثالثاً، ونذهب مباشرة إلى الحكومة ونحصل على تأكيدات حاسمة بأنّ هذا لن يستخدم تحت أي ظرف». وأعرب لافروف عن أنّ روسيا لم تحاول الدفاع عن الرئيس الأسد، بل كانت تحاول تأكيد ضرورة إجراء محادثات معه، معتبراً «منطق من يقولون لا للمفاوضات مع الأسد مثيراً للجدل وخطيراً جداً. نحن لا نبرر ما تقوم به الحكومة، لكن المعارضة تستفز الحكومة، وتلجأ إلى الهجمات الإرهابية واحتجاز الرهائن وتدخل كذلك البعد الطائفي في هذا الصراع».
بدوره، صرّح نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف أنّ موسكو تتوقع قدوم الموفد الأخضر الإبراهيمي إلى روسيا في زيارة قبل نهاية الأسبوع الجاري، يجرى خلالها مناقشة نتائج زيارته لدمشق. وقال غاتيلوف: «إنّ هذه المسألة قيد الدراسة عبر القنوات الدبلوماسية بشكل رسمي». وأضاف: «كذلك نعوّل على أن تجري مباحثات الإبراهيمي مع القيادة السورية في جو مثمر وأن يؤدي ذلك إلى ظهور أفكار جديدة في ما يتصل بالخروج من الأزمة التي طال أمدها». ولفت إلى أنّه «نرى من الأهمية بمكان، أنّ الإبراهيمي ينفذ دبلوماسية مكوكية حثيثة، محاولاً دفع أبطال الأزمة إلى وقف العنف، وتحقيق الانتقال السياسي للوضع والتسوية الدبلوماسية».
في موازاة ذلك، أعلن أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، في المنامة خلال انعقاد القمة الخليجية، أنّ بلاده ستستضيف مؤتمراً للجهات المانحة أواخر كانون الثاني المقبل بطلب من الأمم المتحدة لتقديم مساعدات إلى السوريين. وندّد بـ«مواصلة آلة القتل التي لا ترحم أحداً في سوريا»، معرباً عن اعتقاده أنّ «الدلالات على قرب نهاية المأساة لا تزال بعيدة».
ميدانياً، شنّ الطيران الحربي السوري غارات على مناطق في ريف دمشق، الذي شهد اشتباكات عنيفة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. من جهتها، قالت القوات النظامية السورية إنّها نفذت، أول من أمس، عملية ضد «مجموعة إرهابية مسلحة» في بلدة حلفايا في ريف حماة، متهمة إيّاها بالمسؤولية عن مقتل العشرات في البلدة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا». واتهمت الوكالة «المجموعات الإرهابية بتصوير الجرائم لاتهام الجيش العربي السوري بها، بالتزامن مع زيارة الأخضر الإبراهيمي». من ناحية أخرى، قال المرصد إنّ «طائرات حربية عدة نفذت غارات جوية على مدن الغوطة الشرقية وبلداتها، رافقها تصاعد لسحب الدخان من المنطقة». بعدما أشار، في وقت سابق، إلى غارتين على بلدة جسرين، والمنطقة الواقعة بين بلدتي جسرين وكفربطنا. فيما دارت اشتباكات في مدن عربين، والمعضمية، وداريا الواقعة في ريف دمشق، بحسب المرصد.
وفي دمشق، أفاد المرصد عن اشتباكات بعيد منتصف الليل في حيّ القابون في شمال شرق العاصمة، وشارع الثلاثين في جنوبها، الذي يفصل بين مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وحيّ الحجر الأسود.
في السياق، أكّدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنّ «الاتفاق الذي جرى في السفارة الفلسطينية في دمشق، في ما يخصّ مخيّم اليرموك لم تحترمه المجموعات المسلحة التي سيطرت على المخيم، وبالأخص جبهة النصرة التابعة للجيش الحر ومأساة النازحين لا تزال قائمة».
وشدّدت الجبهة، في بيان، على أنّ «المعلومات عن عودة الهدوء إلى المخيم وعودة النازحين إليه هي معلومات غير صحيحة، وأنّ النازحين يرفضون العودة قبل مغادرة المجموعات المسلحة المخيم بنحو كامل».
إلى ذلك، سيطر مقاتلون إسلاميون من «جبهة النصرة» ولواء أحرار العشائر على أجزاء واسعة من بلدة معان في محافظة حماة، وأشار المرصد إلى مقتل 11 مقاتلاً إثر القصف على محيط البلدة، و«معلومات أولية عن مقتل ما لا يقلّ عن 20 من القوات النظامية ومسلحين موالين لها». من جهته، لفت التلفزيون السوري الرسمي إلى «استشهاد عدد من أهالي قرية معان التابعة لبلدة صوران بريف حماه برصاص إرهابيين هاجموا البلدة».
(أ ف ب، رويترز، أ ب، سانا)