لم تدم طويلاً التكهنات حول طريقة تعاطي نجل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، أحمد مع قرارات هيكلة الجيش التي اتخذها الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي أول من أمس، وألغى بموجبها الحرس الجمهوري، الذي يعد أفضل أجنحة الجيش اليمني تسليحاً. فبعد تسريبات عن اجتماعات عقدها صالح بنجله أحمد، وابن أخيه العميد يحيي الذي تمت اقالته بموجب القرارات نفسها، أعلنت مصادر في الرئاسة اليمنية أن العميد أحمد وافق على التخلي عن الصواريخ التي تتبع قيادة الحرس الجمهوري، بعد أن رفض طوال الشهر الحالي تسليم صواريخ سكود التي كانت بحوزة الحرس الجمهوري إلى وزارة الدفاع. وقال مصدر في قصر الرئاسة لـ«رويترز»، طلب عدم نشر اسمه، أن نجل صالح بدأ نقل كل الصواريخ التي تتبع قيادته الى الرئيس هادي.
بدوره، أكد مصدر رئاسي آخر نقل الصواريخ، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة التي كانت حليفاً رئيسياً لصالح في محاربة القاعدة أبلغت أقارب هادي «بأن المجتمع الدولي يدعم القرارات التي يصدرها الرئيس هادي». وهو ما ترجم في الاتصال الهاتفي الذي أجراه مستشار الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، جون برينان مع هادي وتأكيده «دعم الولايات لإصرار هادي على مواصلة مسار الانتقال السياسي في اليمن».
وفيما بدا أنه استسلام لقرارات هادي، رحب كل من علي محسن الأحمر قائد الفرقة أولى مدرع التي تم الغاؤها، والعميد يحيى محمد صالح بقرارات هادي التي ينظر إليها على أنها جزء من الجهود لاحتواء نفوذ صالح وتفكيك قبضة عائلته على الجيش.
وكان هادي قد أصدر اول من أمس قرارات تعد الأبرز منذ توليه سلطات الرئيس السابق قبل اكثر من سنة، ألغى بموجبها قوات الحرس الجمهوري النافذة التي يقودها نجل صالح كما عزل ابن أخيه العميد يحيى محمد صالح من قوات الأمن المركزي، وعين بدلاً منه العميد احمد علي المقدسي. كذلك ألغى هادي الفرقة الأولى مدرع التي يقودها علي محسن الاحمر، بعدما قسم القوات المسلحة الى قوات برية وجوية وبحرية وحرس حدود وقوات احتياط استراتيجي، وجعلها تابعة هرمياً لوزارة الدفاع، ومن ثم الى الرئيس الجمهورية بوصفه القائد الاعلى للقوات المسلحة.
في المقابل، ثبت هادي قوات «الحماية الرئاسية»، التي سبق أن شكلها في وقت سابق هذه السنة وألحق بها عدداً من وحدات الحرس الجمهوري. كما ألحق وحدات الصواريخ بالقائد العام أي بالرئيس، بعد ان كانت تحت سيطرة الحرس الجمهوري.
وأوضح مدير مكتب هادي، نصر طه مصطفى، أن قرارات هادي «تعني إلغاء كل المسميات التي كانت قائمة وبالتالي لم يعد هناك شيء اسمه حرس جمهوري أو فرقة أولى». لكنه استدرك بالقول «إلغاء تكويني الحرس والفرقة لا يستدعي إقالة قائديهما لأن التكوينين أصلا لم يعودا موجودين من الناحية القانونية».
من جهته، اعتبر المحلل العسكري اليمني محسن خصروف، أن «اخضاع تشكيلات الجيش لوزارة الدفاع من شأنه القضاء على مراكز القوى وتعدد الولاءات» التي يعاني منها اليمن، البلد القبلي المعقد.
بدوره، لفت الخبير في شؤون الامن والدفاع مصطفى العاني، أنه «من المبكر أن نقول أن كل ذلك سينجح. اليمن بلد معقد جداً وسيتطلب الأمر وقتاً طويلاً لفرض سلطة الرئيس الجديد». ونبه إلى أن «القوة العسكرية في اليمن ليست حكراً على الدولة، اذ ان كل قبيلة لديها وحدة عسكرية».
وكان النفوذ المستمر للرئيس السابق في الجيش يثير قلق الدول المجاورة والدول الغربية التي تخشى من صراع آخر يمكن أن يدفع اليمن نحو الفوضى، في بلد يواجه متاعب اقتصادية بالغة وانقسامات داخلية ومطالب انفصالية بالاضافة الى تحديات من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقراً له.
وتأكيداً على التأييد الذي حظيت به قرارات هادي، سارع مجلس التعاون الخليجي، الذي يرعى عملية الانتقال السياسي في اليمن، الى الترحيب في قرارات هادي، مؤكداً على لسان الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني أن «اعادة هيكلة القوات المسلحة والامن ضرورية من أجل الولوج للمؤتمر الوطني الشامل».
وكان الرئيس اليمني قد مهّد لهذه القرارات بسلسلة اجراءات ابرزها اقتطاع عدد كبير من وحدات الحرس الجمهوري والفرقة الاولى مدرع في اب الماضي. كما ألقى هادي في وقت سابق هذا الشهر كلمة نارية منع وسائل الاعلام من تغطيتها، أكد فيها وجود فساد كبير في الجيش. وكشف أن الرئيس السابق يسيطر على ألف دبابة حديثة وعشرة ألوية تابعة للحرس الجمهوري يرفض تسليمها إلى وزارة الدفاع.
(أ ف ب، رويترز، الأخبار)