القاهرة | الضعف في الحشد لتظاهرات المعارضة، أول من أمس، فتح شهيّة الحركات السياسية والأحزاب المنتمية لتيار الإسلام السياسي لتكريس الهجوم على معارضيهم، واستغلال ذلك في الحشد للموافقة على الدستور في المرحلة الثانية من الاستفتاء يوم السبت المقبل. ورأت القوى الإسلامية، التي تستعد للتظاهر غداً في الإسكندرية، أن ضعف الإقبال على المشاركة في مسيرات المعارضة دليل على انتفاء الأسباب التي كانت تؤدي إلى التظاهر. وقال عصام دربالة، عضو مجلس شورى جماعة الجماعة الإسلامية، إن تلك الأعداد «تعبر عن حقيقة موضوعية مفادها أن الأسباب التي تدفع المواطنين إلى التظاهر والخروج في مسيرات لم تعد موجودة كما كانت منذ أسبوع».
كذلك استغل التيار الإسلامي التظاهرات للتأكيد على أنه لا يزال صاحب الغالبية في الشارع. وقال عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة هشام الدسوقي، إن «الشعب المصري ذكي، وقال كلمته في المرحلة الأولى من الاستفتاء برغم التضليل الإعلامي الذي مارسته المعارضة». وأضاف «الشعب المصري وصل إلى نتيجة تقول إن هذه الفئة لا تريد الاستقرار للبلاد، وما يسمى جبهة الإنقاذ هو في الحقيقة جبهة للإغراق، ولها حسابات شخصية ضيقة». ورأى أنه لو كان لتلك الحركات والأحزاب ثقل حقيقي في الشارع لحشدت أنصارها في تلك التظاهرات.
الحقيقة التي لا يمكن أن تنكرها المعارضة هي أنه بالفعل كانت أعداد المشاركين في التظاهرات ضئيلة، بحيث لا يمكن مقارنتها بحجم المسيرات والمليونيات التي دعت إليها خلال الفترة القليلة الماضية، عقب الإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية الشهر الماضي، قبل أن يضطر الى إلغائه.
والمؤكد أن المعارضة ارتكبت خطأ بالدعوة إلى تلك التظاهرات لسببين. الأول مرتبط بالتوقيت، إذ جاء قبل المرحلة الثانية من الاستفتاء بأيام، وفي الوقت الذي قررت فيه المعارضة الاستمرار في المشاركة بالاستفتاء وعدم مقاطعته. أما الخطأ الثاني الذي وقعت فيه المعارضة فهو ضعف الترويج للتظاهر.
المتحدث باسم حزب «المصريين الأحرار»، أحمد خيري، وأحد المشاركين في جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة للرئيس محمد مرسي، نفى أن يكون «ضعف المشاركة في تظاهرات الثلاثاء يعني أن الناس أصبحوا راضين عن الوضع الحالي في البلاد». ولفت إلى أن الدعوة خرجت متأخرة للغاية، وفي الوقت الذي كان من المفترض فيه الاستمرار بالعمل التوعوي في المحافظات التي ستشارك في المرحلة الثانية من الاستفتاء. وشدد على أن «هذه الأعداد القليلة تحسب لصالحنا، بوصفها دليلاً على أن من ينزل في التظاهرات الرافضة للرئيس وللدستور هو من المواطنين العاديين وليس من هؤلاء الذين ينزلون بأوامر». وأضاف «لم ندّع يوماً أننا نحرك الناس أو نتحكم بالشارع. فقط نحن ندعو إلى التظاهرات، والناس هم من يشاركون فيها». وأشار إلى أن جبهة الإنقاذ الوطني وكل الحركات والأحزاب السياسية لا تشارك في التظاهرات سوى بنسبة 20 في المئة تقريباً.
من جهةٍ ثانية، أقرّ خيري بأن هناك بالفعل حالة من الإحباط أصابت عدداً من المواطنين، لكنه رأى أن دور الحركات السياسية الآن هو التركيز في خطابها للجماهير على أن صراعنا مع السلطة الحاكمة هو معركة النفس الطويلة، وأن المسألة تحتاج إلى إصرار وأن هناك جولات أخرى. وأضاف «لن ينتهي الأمر عند الانتهاء من الاستفتاء أو إقرار الدستور، فهناك انتخابات برلمانية مقبلة، ولا بد أن يستمر نضال المعارضة، وفي النهاية سينتصر من يملك النفس الأطول».
من جهته، أوضح الناشط خالد تليمه، عضو المكتب التنفيذي للتيار الشعبي، أن تظاهرات أول من أمس كانت مقترحة من أحد الأشخاص وخرج للعلن في أثناء المناقشات الداخلية، من دون إعداد كافٍ لها. وأكد أن الأهم في هذه الفترة هو أن يستمر النزول إلى الشارع في المحافظات التي ستجرى فيها المرحلة الثانية من الاستفتاء.
في غضون ذلك، تعتزم جماعات إسلامية مصرية تنظيم تظاهرة حاشدة في الإسكندرية غداً في تحرك سيزيد التوتر قبيل المرحلة الثانية والأخيرة من الاستفتاء على الدستور الجديد، بعد الاشتباكات التي شهدتها المدينة الأسبوع الماضي.
وقال المتحدث باسم الإخوان المسلمين، أنس القاضي، «ما حدث يوم الجمعة الماضي يكشف الوجه القبيح للعلمانية»، في إشارة إلى الاشتباكات ومحاصرة مسجد القائد إبراهيم.
وفيما تتواصل الاستعدادات للمرحلة الثانية من الاستفتاء، اعتذر الأمين العام للجنة العليا للانتخابات في مصر زغلول البلشي عن عدم الإشراف على المرحلة الثانية لظروف صحية بعدما اضطرّ إلى إجراء عملية في إحدى عينيه.