فور تردد خبر تصدّر السيناتور الجمهوري السابق تشاك هيغل لائحة المرشحين لترؤس وزارة الدفاع الأميركية، بدأت أصوات الاعتراض تعلو من أوساط المنظمات اليهودية الأميركية، في خطوة تعكس اعتراضاً إسرائيلياً ضمنياً عبّرت عنه بشكل صريح صحافة تل أبيب.
واسترجعت الصحف الإسرائيلية أمس سيرة هيغل «الذي برز في الماضي بمواقفه المعارضة للسياسة الإسرائيلية» مثيرة فرضية أن يكون التعيين نوعاً من الانتقام السياسي من قبل الرئيس باراك أوباما ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي دعم ميت رومني، المرشح الرئاسي المنافس لأوباما، خلال الانتخابات الأميركية الأخيرة. ووفقا لما كتبته الصحف العبرية، فإن السيناتور السابق عن ولاية نبراسكا كان من الموقعين عام 2009 على بيان دعا الإدارة الأميركية إلى تشجيع تشكيل حكومة فلسطينية بين حركتي فتح وحماس، بل إنه وقع في حينه على رسالة للرئيس أوباما حثته على إجراء محادثات مباشرة مع حماس.
وقبل ذلك بسنوات، كان هيغل أحد ثلاثة من أصل مئة سيناتور رفضوا التوقيع على عريضة تعلن تأييد إسرائيل عام 2006 قامت بتوزيعها منظمة الآيباك. واقترن رفضه بتصريح بارز قال فيه «إن الواقع السياسي يظهر أن اللوبي اليهودي يقلق الكثير من الناس في أميركا»، «وأنا دائما أعارض بعض المواقف الغبية التي لا علاقة لها بإسرائيل». وكان هذا الموقف تكراراً لموقف سابق اتخذه هيغل في ذروة الانتفاضة الثانية عام 2002، حين رفض التوقيع أيضاً على بيان تأييد لإسرائيل إلى جانب ثلاثة سيناتورات آخرين. وتبرز أيضاً مواقف هيغل المعارضة للاستيطان اليهودي في الضفة الغربية. وخلال حرب تموز عام 2006، دعا هيغل الرئيس جورج بوش في حينه إلى العمل على وقف إطلاق نار فوري في لبنان «من أجل وقف الجنون»، متهماً إسرائيل بالعمل على تدمير دولة لبنان وشعبه.
في الملفات الإقليمية، كان هيغل من أبرز المصوتين في مجلس الشيوخ ضد الحرب على العراق، كما أنه رفض استخدام القوة في حال رفضت إيران التنازل عن المشروع النووي. وهو صوّت في مجلس الشيوخ ضد قانون العقوبات الأميركي على ليبيا وإيران، وفي عام 2008 عاد وصوت ضد فرض رزمة جديدة من العقوبات على إيران.
وحول قضية إيران، أشارت صحيفة «إسرائيل اليوم» إلى أن «حقيقة أن يكون نظير وزير الدفاع الاسرائيلي المقبل هو تشاك هيغل.. الذي عارض عملية عسكرية (ضد إيران).. تقلق موظفين اسرائيليين كباراً». ونقلت القناة العاشرة الإسرائيلية تصريحات لمسؤولين أميركيين جزموا فيها بأن هيغل سيعارض أي هجوم عسكري على إيران.
وكان أوباما قد أعرب عن تقديره لماضي هيغل، المقاتل والجريح السابق في فيتنام والحامل لعدد كبير من الأوسمة من تلك الحرب. وعلقت مصادر في إدارة أوباما بتهكم على بعض الادعاءات التي تتردد في بعض أروقة المنظمات اليهودية في واشنطن وتقول إن أوباما يرغب في تعيين هيغل وزيراً للدفاع بدافع الانتقام من رئيس الوزراء الإسرائيلي.
ورأى رئيس الائتلاف اليهودي الجمهوري، مات بروكس، أمس «أن تعيين هيغل هو صفعة على وجه كل أميركي يهتم بأمن إسرائيل»، فيما اعتبر مورتين كلاين، رئيس منظمة اليهود الأمركيين الصهاينة، أن «هيغل هو أحد المنتقدين المعادين على الإطلاق لإسرائيل في تاريخ مجلس الشيوخ». كما اعتبر فيليب كلاين، أحد النشطاء في الحزب الجمهوري «أن هيغل هو أحد السيناتورات الأكثر معاداة لإسرائيل في التاريخ الأميركي المعاصر، وهو يناسب أوباما».
وكان هيغل قد رد في الماضي على المواقف التي تتهمه بمعاداة إسرائيل بالقول «أنا سيناتور أميركي ولست سيناتوراً إسرائيلياً. أنا أؤيد إسرائيل، إلا أن المصالح الرئيسية بالنسبة لي هي أميركا. عندما أؤدي القسم، أؤديه للدستور، لا للرئيس ولا للحزب ولا لإسرائيل».