في إطار الحديث المتصاعد عن اتفاق روسي أميركي حول الوضع في سوريا، وفي ظل جولة المبعوث العربي والدولي، الأخضر الإبراهيمي، التي قد تقوده إلى دمشق، أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء السوري، قدري جميل، أن الأحاديث عن كواليس حصول تفاهم روسي أميركي حول الأزمة في سوريا آتية من محادثات جنيف، والاتفاق الأميركي الروسي بشأن تعريف المرحلة الانتقالية لم يحصل بعد، بسبب رفض الروس الدخول بتفاصيل الأسماء والتشكيلات.
وأضاف جميل في تصريح خاص لـ«الأخبار» أن الكلام عن تفاهم روسي أميركي ليس إلا افتراضات آتية من استقراء لحالة استعصاء الحل العسكري عن إيجاد مخرج نهائي على الساحة السورية والذي يمكن أن يفضي إلى انفتاح آفاق للحل السياسي كنتيجة منطقية لهذا الاستعصاء. ولفت إلى أنه ليس متشائماً حيال إمكانية حدوث حل.
واشار جميل إلى تقاطع الجبهة الشعبية للتغيير الديموقراطي، التي يرأسها، مع عدة نقاط وردت في مقابلة نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الأخيرة مع «الأخبار» أمس، معتبراً أن تصريحات الشرع هي «رأي من ضمن الآراء المطروحة».
في غضون ذلك، ردّت أنقرة على انتقاد طهران على نشر صواريخ الباتريوت على حدودها مع سوريا، وطالبت القيادة الإيرانية بتوجيه رسالة إلى دمشق تقضي بطلب وقف العنف. وحثّ وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، طهران على استخدام نفوذها «وتوجيه رسالة واضحة» إلى النظام السوري لوقف العنف ضد شعبه. وصرح داوود اوغلو أنّه «بدلاً من انتقاد نظام صواريخ الباتريوت، على إيران أن تقول كفى للنظام السوري المستمرّ في قمع شعبه واستفزاز تركيا، من خلال الانتهاكات الحدودية». وأضاف «حان الوقت لتوجيه رسالة واضحة إلى النظام السوري». وقال «اليوم إذا كان هناك عنصر في المنطقة يهدّد السلام، فهو سياسات النظام السوري العدوانية».
بدوره، علّق رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، على انتقاد رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، الجنرال حسن فيروز آبادي لأنقرة حول نشر الباتريوت، وأكّد أنّ الأخير «معروف بهذا النوع من الملاحظات غير المتجانسة». وصرّح أبنّه «حين نسأل السلطات الإيرانية عن هذا الأمر، تجيب بأنّ هذه التصريحات تُلزمه فقط».
من ناحيته، أشار نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى أنّ إيران لا تعتقد أنّ الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته سيسقطان قريباً. وبعد محادثات أجراها في موسكو، قال رداً على سؤال عن توقعات غربية بأن إطاحة النظام السوري وشيكة، «لدينا شكوك قوية في هذا. الجيش السوري وجهاز الدولة يعملان بسلاسة».
ورفض عبد اللهيان التلميحات إلى أنّ موسكو غيّرت موقفها تجاه سوريا، وقال «خلال محادثاتنا مع نظرائنا الروس تبيّن لنا أنّه ليس هناك تغيّر في الموقف الروسي تجاه سوريا».
في سياق آخر، بحث الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، في القاهرة مع المبعوث العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الابراهيمي، مستجدات الوضع في هذا البلد، بحسب ما أفاد مصدر في الجامعة. وأوضح المصدر أنّ الإبراهيمي والعربي بحثا «الجهود المبذولة حالياً للتعامل مع الوضع في سوريا، في ضوء المشاورات والاتصالات التي يجريها الإبراهيمي مع مختلف أطراف الأزمة، ونتائج محادثاته الأخيرة مع مسؤولي وزارات الخارجية في موسكو وواشنطن، التي جرت في جنيف، وكذلك نتائج مباحثاته مع عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي».
من جهة أخرى، استقبل وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، الأخضر الابراهيمي، و«بحثا آخر التطورات على الساحة السورية، والجهد المصري والعربي والدولي الهادف إلى وقف إراقة الدماء في سوريا بأسرع ما يمكن»، بحسب مصدر في وزارة الخارجية.
من جهتها، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أنّ الولايات المتحدة منفتحة على أيّ خيار تفاوضي يجمع عليه السوريون لانتقال السلطة في البلاد. ورداً على سؤال حول إعلان الرئيس السوري بشار الأسد استعداده للحوار، قالت نولاند، خلال مؤتمر صحافي، «قلنا منذ البداية، إنّ الخطوة الأولى التي نتوقعها من النظام السوري هي وقف العنف، وبعدها سنكون منفتحين إزاء أيّ خيار تفاوضي لانتقال السلطة يجمع عليه السوريون». وفي ما يتعلق بتصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، قالت «من الواضح أنّ بيان الشرع يأتي كردّ فعل على الضغط الذي يخضع له النظام السوري. ومما يؤسف له أنّ النظام لم يغيّر سلوكه بعد، بما في ذلك وحشيته في التعامل مع شعبه. وقد رأيتم الهجمات الأخيرة على أحياء خارج دمشق، بما في ذلك الحيّ الذي يعيش فيه الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا». إلى ذلك، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، إنّ القضية السورية باتت في «بداية النهاية»، داعياً القيادة مرة أخيرة إلى «التضحية من أجل الشعب». وأوضح أنّ «المسألة السورية تمرّ حالياً بمرحلة حرجة، وهناك مسؤولية دولية باتجاه بدء عملية سياسية، وفقا للتقارير التي نتلقاها من عدة مصادر فانها بداية النهاية». واستبعد فتح مكتب تمثيل للائتلاف السوري المعارض لدى المنظمة، قائلاً «قانونياً عضوية سوريا في المنظمة معلّقة، تمثيل المعارضة في المنظمة أمر غير مطروح وليس له مغزى من الناحية العملية».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب)