وضعت دول حلف شمالي الأطلسي ثلاثة خطوط حمراء، حذّرت النظام السوري من تجاوزها، وقد أبلغته بها، باسم الأطلسي، خلال الأشهر الأخيرة. وكشفت مصادر دبلوماسية موثوقة لـ«الأخبار» أن نشر الولايات المتحدة الأميركية صواريخ «باتريوت» على حدود تركيا مع سوريا يأتي «كاستكمال لحزمة الخطوط الحمراء الثلاثة التي رسمتها دول الحلف في وقت سابق، وقررت إيصالها بالتتالي لسوريا، وأيضاً لكل من روسيا وإيران، وذلك تحت عنوان أنها غير قابلة للتجاوز، تحت طائل تدخل الأطلسي عسكرياً في سوريا».

استخدام الكيميائي

الخط الأحمر الأول يتصل بعدم استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، تحت طائل التدخل العسكري المباشر للأطلسي. وقد أُبلغت روسيا بهذا القرار، بوصفه إجراءً ستلجأ إليه دول الحلف الأطلسي تحت أي ظرف، ومن خارج مجلس الأمن، من دون أن تسجل موسكو تحفظاً على الأمر.
ووفقاً للمصادر، فإنه في آخر لقاء حصل، يوم الرابع من هذا الشهر في جنيف، بين نائبي وزيري خارجية روسيا وأميركا، ميخائيل بوغدانوف ووليام بيرنز، بحضور السفير الأميركي في سوريا، روبرت فورد، حصلت موسكو من واشنطن على إقرار بأنها لن تتدخل عسكرياً في سوريا، إلا في حال خرق النظام السوري أحد الخطوط الحمراء الثلاثة التي حددها الأطلسي.

المسّ باستقرار لبنان

الخطّ الأحمر الثاني عرّابته باريس، وهو حول «أمن لبنان واستقراره». وقد عمدت الحكومة الفرنسيّة، من جانب واحد، الى وضع المعايير التي تحدد نوعية الخروقات التي ستُعتبر مسّاً بهذا الخط الأحمر من قبل النظام السوري، وعلى رأسها تجاوز القوات السورية الحدود اللبنانية في عملية سيطرة دائمة أو مؤقتة على أراضٍ لبنانية، أو الهجوم على أمكنة وجود للمعارضة داخل لبنان، إضافة إلى القيام بأعمال «إرهابية موصوفة» داخل الأراضي اللبنانية.
وتقول هذه المصادر إن باريس «ستتخذ ضد النظام السوري خطوات «حاسمة» مدعومة من الأطلسي إذا ما ارتقت إلى مستوى ضربات عسكريّة، وذلك في حال ثبوت أنه يعمل على تصدير أزمته الى لبنان، عن طريق زعزعة الأمن فيه على نحو كلي».
ورغم أن موسكو لم تمنح موافقتها على هذا الخط الأحمر، على عكس موقفها المتفهم للخط الأحمر المتعلق بالأسلحة الكيميائية، فإن روسيا تأخذ التحذير الفرنسي على محمل الجد. وفي دلالة على قلقها من هذا الاحتمال، فإن روسيا وضعت تصوراً لإجلاء رعاياها من لبنان، المقدّرين بنحو ٣٥ ألفاً، في حال حدوث أزمة أمنية كبيرة فيه على صلة بالأزمة السورية. ويلاحظ هذا التصور إتمام هذا الإجلاء عن طريق البحر لضمان سرعة تنفيذه، لأن مطار بيروت لا يلبّي نقل ٣٥ ألف شخص بالسرعة التي تتطلبها مواجهة حالة طوارئ. وكشفت المصادر عينها عن وجود تصورات مشابهة لدى غير دولة غربية لإجلاء رعاياها من لبنان بحراً.

زعزعة الأمن التركي

الخط الأحمر الثالث والأخير، عبّر عن مضمونه إقدام الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً، ومعها حلف شمالي «الأطلسي»، بإقرار نشر صواريخ باتريوت مع عدد من الجنود في تركيا، مقابل حدودها مع سوريا. ووفقاً للمصادر، فإن الهدف من هذه الخطوة «الإيضاح بشدة للنظام أنه بات بمواجهة ثلاثة خطوط حمراء للأطلسي، فبعدما رسمت واشنطن له خطاً أحمر حول استخدام الأسلحة الكيميائية، وبعدما رسمت فرنسا له خطاً أحمر حول أمن لبنان واستقراره، رسمت له بروكسل اليوم خطاً أحمر ثالثاً حول تركيا وأمنها».
وأكدت المصادر عينها أن صواريخ الباتريوت التي ستنشر في تركيا لا يجب تحميلها معاني هجومية خارج نطاق رسالة الخط الأحمر الثالث. «فهذه الصواريخ تعمل ضد الصواريخ البالستية أو التكتيكية، وأيضاً ضد المقاتلات الجوية. والأطلسي قرر نشرها في تركيا، في مواجهة تهديد النظام السوري المبطن باستخدام الأسلحة الكيميائية». لذلك، فإن إجراء نشرها هو دفاعي محض، حسب تفسير الأطلسي لهذه الخطوة. وهو «لا يرقى بحال من الأحوال إلى فرض منطقة حظر جوي، ولا حتى إلى إنشاء منطقة آمنة للنازحين السوريين داخل الأراضي السورية»، ولا سيما أنه لو كان لدى الأطلسي نية في تنفيذ الإجراءين الآنفين لكان مضطراً إلى إجراء خطوات أخرى تقنية وقانونية ضرورية، وجميعها لم يبادر إلى اتخاذها.
كذلك تتضمن رسالة الباتريوت معنى أساسياً داخل منظومة الخط الأحمر الثالث، وهو أن الحلف الأطلسي لن يترك تركيا، أحد أهم أركانه التي تحتل المركز الأول فيه لجهة عديد قواتها البرية، وحيدة في حال مواجهتها مخاطر داهمة ناتجة عن تشظّيات الحدث السوري.