رغم أن هاجس الانتفاضة الثالثة يسيطر على المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية إلى درجة تحوّله إلى مصدر قلق حقيقي، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعمّد إطلاق المزيد من المواقف الاستفزازية للشارع الفلسطيني، عبر تأكيده أن حائط البُراق «المبكى» سيبقى إلى الأبد جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل.
واستغل نتنياهو جلسة الحكومة الأسبوعية لإطلاق المزيد من المواقف الانتخابية والأيديولوجية، وكذلك المواقف التي أطلقتها حركة «حماس» بمناسبة مرور 25 سنة على تأسيسها، مؤكداً خلالها تمسك إسرائيل بالقدس عاصمة لها. وقال «الموجودون فيها ليسوا منذ 25 عاماً، بل منذ 3000 عام، وفي البلاد (عامة) منذ قرابة 4000 عام»، مشدداً على وجود إرادة قوية وصلبة في الدفاع عن وجود الدولة. وشدد على أن حائط البراق ليس أرضاً محتلة وسيبقى جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل. ووصف نتنياهو حائط البراق بأنه «يرمز إلى صخرة الأساس لوجودنا منذ آلاف السنين وسنقف بصلابة أمام جميع أولئك الذين يريدون طردنا من هنا، ودولة إسرائيل والقدس ستبقى بأيدينا إلى الأبد».
من جهة ثانية، ذكر ضابط رفيع في قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، أن ما يحدث في الضفة الغربية يشير بوضوح إلى سوء الأوضاع الأمنية، وأن الهدوء السائد في الضفة خادع ومضلل. كما قال ضابط أمن المستوطنات في الضفة شلومو فاكنين، «نحن بالطبع نلمس ازدياد التوتر على أرض الواقع من ازدياد حجم التظاهرات والمواجهات وعدد الزجاجات الحارقة الذي تضاعف على خلفية العملية الأخيرة في غزة، فضلاً عن التظاهرات الضخمة التي وصلت إلى الطرق الرئيسية وإلى مداخل المستوطنات، والشعور السائد هو أن هناك أعمالاً منظمة في هذا الاتجاه».
وأضاف فاكنين «إن كل ما يحدث هنا حول حماس ومن دون أدنى شك يعطي دفعة إلى المواطن العادي والذي في نهاية المطاف يجب أن يقرر بين هذا وذاك، وينظر إلى الإنجازات التي حققتها حماس، وعليه بكل بساطة أن يتعاطف معها بشكل أكبر». وكشف عن أن الجيش اضطر إلى إخفاء بعض الأحداث التي وقعت في الضفة الغربية خلال عملية عمود السحاب، من أجل منع مزيد من التدهور، حيث أصيب نحو 30 من قوات الاحتلال والمستوطنين جراء إلقاء الحجارة، بمعنى أن الهدوء الذي كان سائداً في الماضي لم يعد قائماً.
في السياق نفسه، عقّبت مراسلة الإذاعة الإسرائيلية العامة للشؤون الفلسطينية أوفرايت بايس، على تصريحات المسؤول الإسرائيلي، قائلة «إن هناك ظاهرة تلوح في الأفق منذ ثلاثة أشهر تدلّ على نيات خطيرة، حيث وصلت المواجهات إلى ذروتها خلال عملية عمود السحاب». وأضافت بايس «في الواقع، نحن نتحدث عن نوعين من الأعمال العدائية: الأول، هو غضب شعبي يتمثل في قذف الحجارة على الطرق الرئيسية، بالإضافة إلى إلقاء الزجاجات الحارقة على قوات الأمن الإسرائيلية، كما رأينا في الآونة الأخيرة في منطقتي كدوم والخليل. والثاني، هو المسّ على نحو مخطط ومنهجي بالجنود، حيث وصلت الإنذارات في المنطقة من عمليات إطلاق نار وعبوات ناسفة إلى مستوى كبير، وهناك تهديدات جدية وهامة حول العبوات الناسفة».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن قادة حركة حماس في غزة والخارج يحرّضون الفلسطينيين في الضفة الغربية لمهاجمة الحواجز العسكرية الإسرائيلية بهدف اندلاع انتفاضة ثالثة، في الوقت الذي تحاول فيه السلطة الفلسطينية منع المتظاهرين الذين يصلون الى نقاط التماس من الاقتراب أكثر نحوها ومواجهة الجنود كما حصل في الخليل أخيراً.
في المقابل، أكد آفي يسسخروف، في «هآرتس» أن السلطة الفلسطينية تحرص على عدم خروج المسيرات والمواجهات عن نطاق السيطرة»، لكنه عاد وشدد على أن ذلك لم يلغ المخاوف حتى لدى قادة السلطة من فقدان السيطرة على الأحداث التي تزداد يومياً، وخاصةً عقب استشهاد الفتى السلايمة في الخليل منذ أيام.
ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في تقرير يتعلق بالتظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل، أن الانتفاضة الثالثة ستنطلق على ما يبدو منها، مضيفة إن رجال الشرطة ضاقوا ذرعاً بتجدد نشاط عناصر حماس ونشطائها في المدينة.