واشنطن | حثّ أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة الحكومة الأميركية على تخصيص ما لا يقل عن 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية السنوية لمصر لتعزيز جهود الحكومة المصرية في ملاحقة الجماعات السلفية الجهادية القريبة من تنظيم «القاعدة» في شبه جزيرة سيناء، إلى جانب تمويل مشاريع تنموية فيها لصالح سكانها الذين يقارب عددهم 400 ألف نسمة. وقال «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، الذي يعتبر المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي ــ الإسرائيلي في واشنطن، في تقرير بعنوان «الانخراط بدون أوهام»، إن التغييرات الأساسية التي حدثت في مصر وانتخاب رئيس جمهورية إسلامي يتطلبان إعادة تقييم رئيسي للاستراتيجية الأميركية إزاء جهود مكافحة ما سمّاه «الإرهاب»، وكذلك إزاء الشراكة الاستراتيجية الثنائية بين البلدين منذ ثلاثة عقود. وأوضح التقرير أنه «على الرغم من أي خلافات سياسية مع الحكومة المصرية المدنية، لا يزال تعاوننا الوثيق مع الجيش المصري ضرورياً. إن الاستقرار الإقليمي هو مصدر قلق كبير، ونقترح تخصيص 100 مليون دولار من التمويل العسكري الخارجي من أجل إرساء الأمن في سيناء».
ورجح التقرير، الذي أعدّه اثنان من الخبراء السياسيين هما غريغوري كريغ (المستشار السابق في البيت الأبيض) وفين ويبر (النائب الجمهوري السابق)، أن تظل العلاقات الأميركية مع نظام الرئيس مرسي مشدودة بغض النظر عن المساعدات الأميركية السنوية لمصر والتي تبلغ نحو 2.1 مليار دولار.
وقال التقرير إن «قيادة الجيش المصري ستحتج على إدراج الأموال المخصصة لمكافحة الإرهاب في سيناء ضمن المساعدات الأميركية العسكرية لمصر، لكن من أجل أمن مصر الداخلي والعلاقات السلمية على المدى الطويل بين القاهرة وتل أبيب، فإن واشنطن ستكون في حاجة إلى استخدام الأموال لضمان مواجهة القاهرة لهذه المشكلة المتنامية». ورأى التقرير أن «ما يحدث لمصر في المستقبل المنظور هو نتيجة هائلة ليس فقط للشرق الأوسط، ولكن أيضاً للعالم ولنا كأميركيين. إذا لم تُحترم المعاهدة مع إسرائيل، فسنكون في خطر نشوب حرب».
وتقرير المعهد هو ثمرة خلاصات جولة قام بها المؤلفان في مصر لدراسة مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، حيث أكدا على أربع ملاحظات رئيسية: «أولاً، إن عملية التغيير الجذري في مصر لم تنته بعد، إذ لا توجد قواعد تحكم العملية الانتقالية في مصر، فيما تظل إمكانية الثورة المضادة أمراً قائماً، كما أن الجيش المصري، بالرغم مما يبدو أنه قد توصل إلى هدنة مع جماعة الإخوان المسلمين، قد يتدخل في حال توجه الجماعة إلى تعزيز طموحهم بتأكيد سلطتهم».
وأضاف «ثانياً، إن الرئيس محمد مرسي يواجه توترات حقيقية بين مطالب الحكم وواقع الأزمة الاقتصادية من جهة، وولائه لتعاليم وتوجيهات جماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى. هذا التوتر إلى حد كبير يتعزز بالأدلة يومياً، وخاصة ما جرى أخيراً في تشديد قبضته على السلطة». ويتحدث التقرير في النقطة الثالثة عن غير الإسلاميين، ويقول إنهم «غير منظمين ويائسين ومبتئسين. ويعتقدون أن الولايات المتحدة مسؤولة عن إيصال جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة». وفي النقطة الرابعة يشير الى المشاكل الاقتصادية. وينتقد موقف الحكومة الأميركية الحالي الذي يصفونه بأنه يقف حتى الآن بشكل فعال مع مرسي ضد معارضيه من الأعضاء غير المنتمين إلى التيارات الإسلامية؛ فمنذ اندلاع الأزمة الحالية بعد يومين من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي نال الكثير من ثناء الولايات المتحدة لمصر، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانين رئيسيين، الأول بعد إصدار مرسي تعديلاته الدستورية التي استهدف منها تعزيز سيطرته على مقاليد السلطة، والثاني بعد الموافقة المتسرعة على مسودة الدستور وإعلان الاستفتاء. والقراران أخرسا أي انتقاد، ورددا تصريح مرسي بأن المعارضين ينبغي أن يعبّروا عن وجهة نظرهم في التصويت بـ«لا».