عشية الاستفتاء المرتقب اليوم في مصر على مشروع الدستور الجديد الذي دعا اليه الرئيس محمد مرسي، نظّم معارضو ومؤيدو المشروع أمس، «مليونيتين» في القاهرة، وسط تصاعد الاتهامات بين الجانبين وانحدار لغة الوصف الى مستوى «جرابيع» و«خرفان» للتعبير عن المعارضين والمؤيدين للدستور الجديد. ووصف الشيخ عبد الله بدر، الذي يظهر عبر فضائيات اسلامية متطرفة، معارضي الرئيس مرسي، المعتصمين في ميدان التحرير، بأنهم «جرابيع»، بينما يصف معارضو مرسي اتباع جماعة الإخوان المسلمين بأنهم «خرفان» في سخرية من طاعتهم لأوامر قادة الجماعة من دون تفكير او مناقشة.
وتزامن ارتفاع وتيرة الخطاب مع تنظيم المعارضة تظاهرات في ميدان التحرير وسط العاصمة وأمام القصر الرئاسي شرق القاهرة تحت شعار «لا للدستور»، فيما نظم الإسلاميون تظاهرات تحت شعار «نعم» في مدينة نصر شرق القاهرة.
وفيما لم تشهد التظاهرات في القاهرة مشاركة أعداد كبيرة، أعلنت حركة شباب 6 أبريل تعليق اعتصامها فى التحرير ومحيط الاتحادية، حرصاً منها على مرور عملية الاستفتاء بسلام، داعيةً جميع المواطنين إلى المشاركة الفاعلة فى الاستفتاء والتصويت بـ «لا» على مشروع الدستور.
ولم تقتصر الاحتجاجات على العاصمة المصرية، بل تعدّتها الى مدينة الاسكندرية الساحلية، حيث جرت مواجهات بين المعارضين لمشروع الدستور الجديد والمؤيدين له، بعدما هاجم خطيب الجمعة الشيخ أحمد المحلاوي معارضي مشروع الدستور. وقال شاهد من «رويترز»: «رأيت 13 مصاباً بجروح وكدمات سقطوا في الشوارع في منطقة محطة الرمل بمحيط مسجد القائد إبراهيم»،
وفي مدينة المحلة الكبرى في دلتا النيل، اشتبك عشرات المؤيدين والمعارضين لمشروع الدستور بالأيدي أمام مسجد جاويش بعد صلاة الجمعة. ودعا خطيب الجمعة في مسجد سيدي محمد الحنفي، الشيخ صلاح عبد الله نجم، المصلين إلى الاستفتاء على مشروع الدستور، لكن بعض المصلين حاولوا ضربه داخل المسجد بعد الصلاة.
أما في مسجد السادات الروازقية في المحلة الكبرى، فقال شاهد إن مصلين حاولوا ضرب خطيب الجمعة بعد الصلاة أيضاً، لأنه قال إن الدستور هو «دستور الشريعة والشرعية.. وعليكم أن تخرجوا للتصويت عليه بنعم».
يأتي هذا فيما يستعد ملايين الناخبين المصريين للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، في مرحلته الأولى، التي تشمل محافظات القاهرة والاسكندرية والدقهلية والغربية والشرقية وأسيوط وسوهاج وأسوان وشمال سيناء وجنوب سيناء. وتضم هذه المحافظات نحو 26 مليون ناخب مسجل.
أما المرحلة الثانية، فستُجرى في 17 محافظة هي الجيزة والقليوبية والمنوفية والبحيرة وكفر الشيخ ودمياط والإسماعيلية وبورسعيد والسويس ومطروح والبحر الاحمر والوادي الجديد وبني سويف والفيوم والمنيا والأقصر وقنا. وتضم هذه المحافظات نحو 25 مليون ناخب.
وجرى اللجوء إلى خيار إجراء الاستفتاء على مرحلتين بعد مقاطعة فئات واسعة من القضاة للإشراف على الدستور، بلغت وفقاً لرئيس نادي القضاة 90 في المئة، فيما تصر اللجنة العليا للانتخابات على أن لديه العدد الكافي من القضاة للاشراف على الاستفتاء.
ولتأمين أجواء الاستفتاء دعي 130 الف شرطي و120 الف جندي لحماية مكاتب الاقتراع، التي يفوق عددها 13 الفاً في كافة انحاء مصر.
وقبيل ساعات من انطلاق التصويت، أصدرت الجمعية التأسيسية للدستور أمس، بياناً دعت فيه الشعب إلى عدم الانسياق وراء حملات التشويه والتضليل التي يشنها بعض السياسيين ضد مشروع الدستور، كما دعت الجمعية الفرقاء السياسيين إلى عدم الزج بخلافاتهم السياسية في الحكم على مشروع الدستور.
وأضاف البيان إن «البعض أثار مزاعم بأن الدستور لا صلة له بالشريعة والدين، وهو ما يؤكد عدم قراءتهم لمسودته، التي أوضحت المادة الثانية في دين الإسلام أن الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع». وتابع البيان «وصلت حملة التشويه إلى مدى يفتقر إلى العقل والمنطق بالزعم أن الدستور يصنع رئيساً ديكتاتوراً، فيما قلصت مواد الدستور صلاحيات الرئيس واشترطت على حكومته أن تنال ثقة البرلمان، وألزمته بالاستقالة إذا رفض الشعب حل البرلمان في استفتاء عام، ولا يعلن الحرب إلا بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني، وموافقة مجلس النواب بأغلبية عدد الأعضاء».
في غضون ذلك، أعلن كل من مركز كارتر الأميركي، منظمة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الانمائي وحتى جامعة الدول العربية عدم مراقبة الاستفتاء على مسودة الدستور المصري.
(أ ف ب، رويترز، الأخبار)