مارينا أوتاواي من «معهد كارنيغي» كتبت في مجلة «فورين أفيرز» أن «جذور التوتر في مصر تعود الى توزيع غير متوازن للسلطة بين القوى السياسية». هي ترى أن «الإخوان» «أثبتوا أنهم أكثر تنظيماً وشعبية منذ العام ٢٠١١، بينما المعارضون العلمانيون لا يزالون منقسمين على أنفسهم ولم ينجحوا في اكتساب شعبية كبيرة بين مختلف شرائح المجتمع المصري». لذا، تقول المحللة، فإن «الاخوان يريدون تسريع العودة الى السياسات الرسمية الديموقراطية لأن بإمكانهم أن يفوزوا فيها. أما القوى العلمانية فهي لا تستطيع الدخول في هذه اللعبة». أوتاواي تتابع «والسؤال الآن ليس حول من هو ملتزم بإحلال الديموقراطية في مصر بل من يستطيع الفوز الآن وبأي طريقة؟». وهنا تستنتج الكاتبة أنه «نظراً لاختلاف مستوى التأييد الشعبي لكل من الطرفين، فإن الإخوان سيستمرون بالتبشير بالديموقراطية والقوى العلمانية ستحاول تأجيل العملية الديموقراطية قدر المستطاع». وفي الخلاصة تقول أوتاواي إن «ما جرّ مصر الى الأزمة الحالية ليس دستوراً معيباً، بل صراع على السلطة بين قوى سياسية لم تتصالح مع بعضها حتى الآن». هذه النقطة تكررت أيضاً في مقال كارل فيك، في مجلة «تايم» الاميركية، إذ ركّز على «تناقص المبادئ أو الأرضيات المشتركة في مصر». فيك يطرح سؤال: من هم الاخوان المسلمون فعلياً؟ ويردف «بعد ٦ أشهر على حكم الإخوان لا جواب واضحاً على ذلك حتى الآن، لكن الأمر الوحيد الذي نجحوا في تحقيقه بعد سنتين على الثورة هو عدم خلق أي شكل من الإجماع حولهم». الكاتب يضيف أن «الاخوان قرروا الدخول في المعترك الانتخابي من دون كسب ثقة من ليس منضوياً تحت لوائهم ومنذ تسلمهم الحكم لم ينجحوا في تهدئة المشككين بهم». والرئيس محمد مرسي «لم يساعد على ذلك» أيضاً، يضيف فيك.
الصحافي يشير الى أن الانقسام السياسي في مصر يظهر جغرافياً في ميداني التظاهرات. وينقل ما سمعه من شعارات وهتافات رفعت في الساحة المؤيدة لمرسي مثل «مصر ستكون إسلامية» و«ليذهب الليبيراليون والعلمانيون والمحكمة الدستورية الى الجحيم» و«الى الجهاد»...
وعن ميادين التظاهرات بين المعارضين لمرسي والمؤيدين له كتبت سارا توبول في «ذي نيو ريبابليك»، ونقلت عن أحد المؤيدين لمرسي قوله عن المتظاهرين أمام القصر الرئاسي ضد الرئيس بأنهم «أعداء مصر وقد دفع لهم النظام السابق الاموال للتظاهر... هم ليسوا مصريين في أعماقهم». توبول تقول إنه «مع اقتراب الذكرى الثانية للثورة المصرية بات الطرفان يؤبلسان بعضهما والشرخ بين القوى السياسية يبدو أنه لن يلتئم».
دانيال ستنيفورث يقول في صحيفة «دير شبيغل» الالمانية أن «ليس هناك مؤشرات تدلّ على أن التوتر في مصر سيهدأ» وأنه «من الصعب التنبّؤ بما ستؤول اليه الامور بعد الصراع القائم على السلطة». ستينفورث يخلص الى أن «مصر لا تزال في بداية طريق الديموقراطية وأن الاخوان المسلمين الذين لديهم خبرة طويلة في التعامل مع حكّام ديكتاتوريين لا يعرفون شيئاً عن الحرية والتعدد».
موقع «مجلس العلاقات الخارجية» الاميركي خصص ملفاً حول «الإسلام السياسي». وضمن مقابلة مع رضا أصلان، رأى الأخير أن «الاخوان المسلمين في مصر هم اليوم في وضع متزعزع يحاولون إرضاء من هم تحت جناحهم كما يحاولون تلبية مطالب المصريين الآخرين من ليبيراليين وعلمانيين وغيرهم». أصلان يضيف أن «مسودة الدستور التي قدمها مرسي، ورغم وجود العديد من الثغر فيها، تمثّل الى حد بعيد محاولة التوازن هذه».
وفي قراءة تركية لمستجدات مصر، رأى احسان يلمظ، بعد زياراته المتكررة لمصر، أن الأتراك يسقطون رؤاهم للسياسات التركية على الوضع المصري. وأضاف على موقع «توداي زمان» أن «بعض الأتراك، من «الكماليين» (نسبة لمصطفى كمال أتاتورك) غير راضين عن نتائج الثورة في مصر، بعدما حلّ الملتحون مكان العلمانيين في السلطة، لأن هذا الأمر يذكّرهم بألمهم هم في تركيا». و«الأسوأ»، يتابع يلمظ، أن «الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ومعظم الدول الغربية بدأت فعلياً بالعمل مع القادة المصريين الجدد، إذ ولّت الايام التي تصنّف فيها واشنطن البلدان التي يحكمها الملتحون بمحور الشرّ». يلمظ يردّ على بعض الأتراك الذين يقولون إن الاخوان الذين وصلوا الى الحكم في مصر يعملون مع العسكر الآن ويخونون الثورة، بالتشكيك في هذا الأمر والقول إن «الاخوان في مصر لا يمكن أن يفعلوا ذلك لأنهم لا يستطيعون نسيان ما فعله بهم جمال عبد الناصر». ويتابع «هم يعرفون جيدا فضائل الديموقراطية والحرية وشفافية الدولة. وهم سيرتكبون الاخطاء وهذا أمر طبيعي إذ إنهم في بدايات المسار الديموقراطي». لذا، يخلص الكاتب «يجب أن نراقب كل خطواتهم بعناية لكن لا يجب أن نسارع الى تشويه صورتهم وتكذيبهم لصالح النخبة القديمة».