القاهرة | من جديد، أثبت الرئيس المصري محمد مرسي أنه يختار بعناية من يتحاور معه. فبعدما أخفقت الحوارات التي كانت مزمعة مع جبهة الإنقاذ الوطني بوساطة الجيش المصري، أعلنت مؤسسة الرئاسة أمس عقد الجلسة الثالثة من «الحوار الوطني». وقالت الرئاسة في بيان صحافي إن هذه الجولة تتضمن اجتماعين: الأول خاص بلجنة الخبراء التي تم اختيارها في اللقاء الأول الذي قاطعته أحزاب المعارضة الرئيسية. واللجنة، التي يرأسها المرشح السابق لرئاسة الجمهورية سليم العوا، مكلفة بمناقشة المواد المقترحة للتعديل في مشروع الدستور والتي تقدمت بها الأطراف المشاركة في الجلسة الثانية، كما ستحدد معايير الترشيح التي ستتبناها القوى السياسية عند اقتراحها لمرشحيها لاستكمال عضوية مجلس الشورى. أما الاجتماع الثاني فخصص للحوار مع عدد من الأحزاب السياسية والشخصيات العامة. وبدا الرئيس أنه ليس على استعداد للتحاور مع معارضيه الأبرز، لكون معظم من حضروا الحوار من القوى الإسلامية المؤيدة لقراراته أصلاً. وهو ما فسّره الأمين العام للحزب الديموقراطي الاجتماعي، أحمد فوزي، بأنه «تعبير عن أن مؤسسة الرئاسة بلا مستشارين ولا نواب وما من أحد يقدم الرأي لمرسي إلا جماعة الإخوان المسلمين التي يبدو أنها ضغطت عليه لرفض الحوار مع جبهة الإنقاذ الوطني بوساطة الجيش».
وكانت موافقة الجبهة من حيث المبدأ على الحوار مع المؤسسة العسكرية، بينما الأصوات تتعالى بضرورة محاكمة قيادتها بتهمة قتل الثوار والمتظاهرين، أثارت جدلاً واسعاً. وأوضح عمرو بدر، العضو البارز في التيار الشعبي، أن زعيم التيار حمدي صباحي «رفض أن يشارك في الحوار، لكن التيار انتهج من البداية نهجاً حافظ فيه على الالتزام برأي الأغلبية داخل الجبهة». وأضاف «مع ذلك أصرّ على ألا يحضر بنفسه ممثلاً عن الجبهة وكذلك فعل محمد البرادعي (وكيل مؤسسي حزب الدستور أحد أبرز الأحزاب المشاركة في الجبهة)». وأوضح أنه «جرى الاتفاق على مشاركة عمرو موسى (مؤسس حزب المؤتمر المصري) ومنير فخري عبد النور (القيادي في حزب الوفد) ممثلين عن جبهة الإنقاذ الوطني، ومع كل هذا، فقد أثار الأمر بطبيعة الحال جدلاً في صفوف التيار».
أما الأمين العام للحزب الديموقراطي الاجتماعي، أحمد فوزي، فأوضح أن حزبه على سبيل المثال لا يزال يشدد على مواقفه السابقة التي يدين فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لكنه استدرك بالقول: «نرى أن السياسة لا تقبل المواقف الحيادية، وإلا لعاد الإخوان وكرروا دعايتهم أن المعارضة لا ترغب في الحوار، وهذا ما أردنا تفنيده، بالرغم من أننا كنا نعلم مسبقاً بأن الحوار بوساطة الجيش لا جدوى منه».
مع ذلك، فالقطاع الأكبر من جبهة القوى الثورية تحفظ بشدة على الحوار مع الجيش. وقال هيثم محمدين، عضو المكتب السياسي لحركة الاشتراكيين الثوريين، إحدى القوى البارزة في جبهة القوى الثورية، «ظل البديل الذي دعونا إليه دوماً هو الاستمرار بتنظيم الاحتجاجات الشعبية». وأضاف «أما القوى من قبيل التيار الشعبي وحزب الدستور، فقد كانت من البداية ترفض الكثير من الدعوات التي أطلقناها لتنظيم مسيرات إلى القصر الجمهوري وكذلك الاعتصام أمامه. ولم تنضم إلينا إلا بعدما تأكدت من نجاح تلك الفعاليات».
وتأتي هذه التباينات داخل قوى المعارضة في وقت لم يعد يفصل فيه المصريين في الداخل سوى يوم واحد عن الاستفتاء الدستوري الذي سيجري في مرحلته الأولى غداً. وفي السياق، أعربت جبهة الإنقاذ الوطني عن «مخاوفها العميقة» من غياب الشروط اللازمة لضمان نزاهة الاستفتاء على مشروع الدستور.
كذلك أكدت في بيان صادر عنها أن قرار إجراء الاستفتاء على مرحلتين يمتد بينهما أسبوع كامل مخالف للقانون، وهو ما دفع الهيئة إلى تقديم طعن أمس في القرار أمام القضاء الإداري.
وفيما جدد البيان تمسك الجبهة بموقفها الداعي إلى تأجيل الاستفتاء على الدستور، أكدت أنه في حال التصميم على إجرائه، «فإننا على ثقة من أن ملايين المصريين المحتشدين في الشوارع منذ أسابيع سيستجيبون لدعوتنا لهم بالتصويت بـ(لا) على مشروع الدستور الانقسامي الحالي».
وفي إطار الحشد في الشارع، أعلن الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين محمود حسين أن الجماعة ستنظم مليونية حاشدة في ميدان رابعة العدوية، فيما أعلن التيار الشعبي أنه سينظم اليوم «مسيرتين بسيارات مزوّدة بمكبرات للصوت للتوعية حيال مخاطر الموافقة على مشروع الدستور المطروح للاستفتاء».