كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائلية أمس، عن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، يعتزم الدخول في مفاوضات مباشرة مع طهران ليقدم خلالها اقتراحاً لحل ملفها النووي على طريقة «الكل أو لا شيء». وذكرت الصحيفة أن المفاوضات لن تطول أكثر من أربعة أشهر وستتمحور حول اقتراح أميركي بوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة وإخراج كل المادة المخصبة بهذه النسبة إلى خارج إيران أو تحويلها إلى أغراض البحث العلمي والسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بممارسة رقابة جدية على الأنشطة النووية الإيرانية. ويتضمن الاقتراح في المقابل تخفيفاً فورياً من جانب الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية المفروضة على طهران.
وأشارت الصحيفة الى أن البيت الأبيض سيحدد إطاراً زمنياً صلباً جداً للصفقة. وقالت: «عملياً يطرح الأميركيون أمام الإيرانيين إنذاراً حتى عيد الفصح (الواقع في شهر نيسان): إذا لم توقفوا التخصيب بدرجة عالية وتسمحوا برقابة جدية، فستكون لدينا المشروعية لاستخدام خيار الهجوم العسكري».
وإذا تكللت هذه الاتصالات بالنجاح، فمن المتوقع أن تنتقل المفاوضات إلى مرحلة إضافية، بعيدة المدى، ستحاول واشنطن في إطارها التوصل إلى اتفاق دائم مع طهران يتضمن رقابة منتظمة، حسبما قالت «يديعوت»، التي أكدت أنه في مقابل إنجاز جوهري كهذا، «سيكون الأميركيون مستعدين على ما يبدو لفتح سفارة في طهران وإلغاء العزلة الدولية (عن إيران) بشكل كامل».
وأشارت الصحيفة إلى أن نقطة الانطلاق الأميركية في مقاربة واشنطن الجديدة هي أن الإيرانيين يشعرون بالضغط: اقتصادهم مُدمّر، وتشديد العقوبات وصولاً إلى فرض حظر تجاري كامل يمكن أن يؤدي إلى انهياره. ويدرك الأميركيون أن هناك انتخابات رئاسية ستجري في إيران في حزيران المقبل، ويعتقدون أن الرغبة الإيرانية في الامتناع عن وضع يحصل فيه التصويت تحت ضغط الاقتصاد المهشم ستشجع الإيرانيين على تليين مواقفهم.
أما في ما يتعلق بالموقف الإسرائيلي، فذكرت الصحيفة أن الآراء في تل أبيب منقسمة في الوقت الراهن حول الخطة الأميركية. فمن جهة، هناك رأي يعتبرها تطوراً إيجابياً سيؤدي إلى وقف الإيرانيين التخصيب بنسبة مرتفعة وإلى سحب كميات اليورانيوم المخصبة بهذه النسبة من أيديهم. ومن جهة أخرى، ثمة من يرى أن الاقتراح الأميركي خطير بالنسبة إلى إسرائيل، لأنه سيمنح الإيرانيين وقتاً كافياً إضافياً لمواصلة التخصيب السري.
وقالت الصحيفة إن هناك شعوراً بالرضى في إسرائيل من حقيقة أن الرئيس الأميركي قرر «معالجة الملف الإيراني»، إلا أنه إلى جانب ذلك ثمة قلق مرده عدم وجود تطابق في آراء أوباما في الملف النووي الإيراني مع الموقف الإسرائيلي. وعلى سبيل المثال، تطالب إسرائيل بوضع شرط للصفقة هو وقف كل أشكال التخصيب في إيران وتفكيك المنشأة التحت أرضية في قم، «وهي مطالب لن تظهر على ما يبدو في الاقتراح الأميركي». ونقلت «يديعوت» عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى قوله إنه برغم المواقف المختلفة بين تل أبيب وواشنطن، لن تستطيع إسرائيل أن تعارض اقتراح الرئيس الأميركي؛ لأن «الحديث يتناول اقتراحاً جدياً ومحدداً زمنياً، يتضمن تهديداً باستخدام الخيار العسكري من جانب الولايات المتحدة». وترجح التقديرات الإسرائيلية أن يدير الاتصالات مع طهران مستشار الأمن القومي الأميركي، توم دونيلون، أو نائبه للشؤون النووية ومراقبة التسلح، غاري سايمور.
يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان قد دعا العالم من على منصة الأمم المتحدة في أيلول الماضي إلى وضع خط أحمر واضح أمام إيران لمنعها من تخصيب كمية من اليورانيوم كافية لإنتاج قنبلة نووية.