كما كان متوقعاً، أُعلن رسمياً أمس إلغاء الإضراب العام الذي كان مزمعاً تنفيذه اليوم كردّ فعل على الاعتداءات التي لحقت بالمقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل ومناضليه.
وأكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، بعد اجتماع الهيئة الإدارية للاتحاد أمس أن قرار إلغاء الإضراب «روعيت فيه اعتبارات الأمن والحرص على تجنيب البلاد أي مخاطر تمسّ بأمنها». وشدد على ضرورة الوحدة بين النقابيين واليقظة مما يحاك في السر والعلن ضد الاتحاد.
وسيعقد الأمين العام اليوم الخميس مؤتمراً صحافياً يشرح فيه كل الملابسات والتفاصيل التي دفعت الاتحاد إلى إعلان الإضراب العام وإلغائه في آخر لحظة.
بدوره، قال وزير الفلاحة (الزراعة) محمد بن سالم وعضو حركة النهضة في تصريح لإذاعة «موزاييك أف أم» الخاصة: «توصلنا إلى اتفاق يرضي الجميع، اتفقنا على كل النقاط، ونتيجة الاتفاق هي إلغاء الإضراب العام»، من دون أن يكشف مزيداً من التفاصيل.
كذلك أكد المستشار السياسي لرئيس الحكومة التونسية لطفي زيتون، عضو الوفد الحكومي المفاوض، في تصريح لوكالة «الأناضول» التركية، أن «المفاوضات دارت في أجواء طيبة، وتجنبنا في الاتفاق المشترك تجريم أي طرف دون لجنة تحقيق».
ونص اتفاق الاتحاد مع الحكومة على أن تدين الأخيرة الاعتداء الذي لحق بالنقابيين، وتندد بالمعتدين وعلى تشكيل لجنة تحقيق مشتركة بين الاتحاد والحكومة في أحداث ٤ كانون الأول وإحالة المتورطين على القضاء وبناءً على نتائج التحقيق تحدد مسؤولية رابطة حماية الثورة قضائياً بما قد يؤدي إلى حلها.
ونص الاتفاق أيضاً على أن تعتذر الحكومة للاتحاد، وأن تقدّر دوره الوطني وأن تفعّل مبادرة الحوار الوطني التي أعلنها الاتحاد خلال شهر تشرين الأول وقاطعتها حركة النهضة وشريكيها في الحكم حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» وحركة وفاء المنشقة عنه. وتدعو مبادرة الاتحاد إلى تشكيل هيئة عليا مستقلة للانتخابات وتفعيل المرسومين ١١٥ و١١٦ المنظمين لقطاع الإعلام وبعث هيئة عليا مستقلة للإعلام السمعي البصري وهيئة مستقلة للقضاء العدلي مع تحديد موعد للانتخابات. ويعتبر الاتحاد وعدد كبير من الفاعلين أن مبادرة الاتحاد كفيلة بجمع القوى السياسية حول أرضية دنيا للوفاق الذي تفتقر إليه تونس اليوم.
النتائج التي توصل إليها الطرف النقابي، الذي ضم خمسة أمناء عامين مساعدين، مع الطرف الحكومي الذي ضم خمسة وزراء، اعتبرها بعض النقابيين لا قيمة لها، فيما عبّر عدد منهم في المقر المركزي للاتحاد عن غضبهم من هذا الاتفاق الذي جاء لمصلحة الحكومة. إلا أن الأمين العام حسين العباسي رأى أن المصلحة العليا للبلاد تقتضي التنازل والبحث عن التوافق، مؤكداً استقلالية الاتحاد عن كل الأحزاب، سواء كانت في المعارضة أو في السلطة.
ودعا العباسي النقابيين إلى الوحدة والتكاتف، مؤكداً أن الاتحاد سيكون دوماً في الموعد لحماية البلاد وسيكون سداً منيعاً لضرب وحدة البلاد. وحيا العباسي كل الأطراف التي ساندت الاتحاد والتي دافعت عنه من نقابيين ومكونات المجتمع المدني وأحزاب وشباب، وخاصة المنظمات الدولية.
إلغاء الإضراب أرخى بظلاله على الشارع التونسي الذي بدا الارتياح واضحاً عليه، وخاصة أمام تواتر أخبار المواجهة العسكرية مع مجموعات مسلحة على الحدود الجزائرية وسقوط ضابط تونسي وأنباء عن العثور على أسلحة وعبوات ناسفة وقنابل محلية الصنع في أكثر من جهة في البلاد.
وفي سياق متصل بالوضع الأمني المتفلت في البلاد، ألغى الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي زيارتين كانتا مقررتين من 13 حتى 15الشهر الحالي لكل من بلغاريا وبولندا بسبب الوضع الحساس في البلاد وتصاعد التجاذبات السياسية، ولمتابعة المساعي من أجل تخفيف حدة الاحتقان بين الأطراف الوطنية.