غزّة ــ الأخبار أحيا قطاع غزة عرساً فلسطينياً بمناسبة انطلاقة حركة «حماس»، أول من أمس، على مدى ساعات، تخلله الأناشيد والتكبير وخطابات لقادة «حماس»، وفي مقدمهم رئيس المكتب السياسي، خالد مشعل، حيث أُطلقت رسائل عدّة الى أكثر من جهة؛ إلى إسرائيل والداخل الفلسطيني والعالم العربي.

وهذه الرسائل نقلتها أولاً الجماهير المحتشدة من مختلف الفصائل، والتي تعدت نصف مليون فلسطيني، بحسب أرقام المنظمين، برفع السبابة ومبايعة المقاومة على مرأى طائرات استطلاع العدوّ، وهتافها من أجل الوحدة والمصالحة. ثم كتائب القسام، التي قالت للعدو إنّها تعد له رجالاً من «الضفة وغزة والقاهرة ومصر وتونس وبغداد وبيروت من أنقرة وطهران»، وشكرت قطر ومصر «وتركيا الخلافة وإيران الثورة» على دعمها للمقاومة.
وتابع هذه الرسائل أحد قادة المقاومة، مشعل، الذي أتى الى غزة على متن حصان النصر بعد انقطاع 37 عاماً عن فلسطين، ناثراً في كل محطة رسائل حول ثوابت «حماس»، التي «ترفض دعم نظام ظالم يقتل شعبه»، من دون أن يستبعد تبدل خيارات المقاومة، في إشارة الى استعداد الحركة لبحث التفاوض انطلاقاً من الثوابت، وحول دعم المصالحة الوطنية وإجراء انتخابات، وهو ما تتفق عليه الحركتان المتنافستان «حماس» و«فتح».
وبدأت حركة «حماس» فعاليات انطلاقتها بخروج مشعل من بوابة صاروخ الـ«M75»، الذي يميز منصة الانطلاقة الخامسة والعشرين، يرافقه رئيس الوزراء في الحكومة المقالة اسماعيل هنية وعضوا المكتب السياسي عزت الرشق وموسى أبو مرزوق، ومحمد نصر عبد الفتاح دخان، أحد مؤسسي «حماس».
ورفعت قيادات «حماس» العلم الفلسطيني بعدما حيّت الجماهير التي توافدت الى ساحة الكتيبة للمشاركة في مهرجان الانطلاقة، الذي تخلله هتافات التكبير ورفع السبابة من قبل الجماهير لمبايعة المقاومة، وأناشيد شاركت فيها فرقة «وعد» اللبنانية.
وفي كلمة ألقاها أحد مجاهديها الملثمين، افتتحت القسام المهرجان، معلنة أنها «ستقطع اليد التي تمتد بالعدوان على الشعب الفلسطيني وقياداته». وقالت «قاتلناكم بعُشر قوتنا من غزة، فكيف لو قاتلناكم بأهلنا في الضفة ومصر الكنانة؟»، مضيفة «نُعِدُّ لكم رجالاً من الضفة وغزة والقاهرة ومصر وتونس وبغداد وبيروت ومن أنقرة وطهران، رجالاً يستعدون لليوم الذي يزحفون للقائكم وترحيلكم».
بدوره، أكد هنية في كلمته أن وصول القيادات الفلسطينية من الخارج هو تعزيز للانتصار العسكري وتتويج للانتصار السياسي بكسر الحصار المفروض على غزة منذ ست سنوات. ووجه تحية للضفة المحتلة على انتفاضتها في معركة السجيل.
أما رئيس المكتب السياسي، فتعهد في المهرجان بعدم «التنازل أو التفريط بأي شبر من فلسطين» التاريخية، و«عدم الاعتراف بإسرائيل». وقال «فلسطين ستبقى عربية إسلامية انتماؤها عربي، فلسطين لنا لا لغيرنا». ورأى أن توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الأمم المتحدة «خطوة صغيرة، لكن جيدة نريدها أن تكون دعماً للمصالحة الوطنية وخادماً للمشروع الوطني»، قبل أن يضيف «المصالحة المصالحة، الوحدة الوحدة»، على وقع هتافات الجماهير. ودعا الدول العربية إلى دعم المقاومة بـ«سلاحكم ومالكم ودعمكم السياسي والجماهيري».
وبعدما شدد على عدم التدخل في شؤون الغير، وفي إشارة ضمنية الى سوريا، قال مشعل «حماس لا تساوم على المبادئ ولا تفرط بالقيم، وبالتالي لا تؤيد سياسة أي دولة أو أي نظام يخوض معركة دموية مع شعبه، فنحن مع الشعوب». وأكد تمسك الحركة بحق العودة ورفض التوطين، مشدداً على أنه «لا للتوطين ولا وطن بديلاً، الأردن عزيز علينا، فالأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين. ويا أهل لبنان، لا تخافوا على توطين الفلسطينيين، ويا أهل مصر ويا أهل سيناء، لن يأتيكم من غزة إلا الخير، ولن نذهب إلى التوطين في أي مكان... مصر سندنا ونحن سند لمصر».
لم تنته رسائل مشعل في المهرجان، ففي لقائه في قاعة المؤتمرات الكبرى بالجامعة الإسلامية مع أساتذة وطلاب الجامعة، أكد أن «حماس لا يمكنها أن تستغني عن نظيرتها الفلسطينية (فتح) ولا عن أي من الفصائل الفلسطينية الأخرى»، قائلاً «لقد أخطأنا بحق بعضنا، لكن الله قال عفا الله عما سلف، فلنتسامَ ولنتسامح».
كذلك أكد أن أشكال المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل ستكون رهناً بالوضع، قائلاً إن «المقاومة أصل، لكن مرة نعتمد تهدئة، ومرة نصعد ونغير الأشكال. مرة نضرب صواريخ، ومرة لا نضرب صواريخ، هكذا هي الحياة»، من دون أن يسهو عن تمني السقوط لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «وينسحب من الحياة السياسية كما فعل وزير الدفاع إيهود باراك». وقال «يا أهل غزة، يكفي أنكم خربتم بيت باراك وعقبال ما تخربوا بيت نتنياهو. أما (رئيس الوزراء الأسبق أرييل) شارون فقد أفقدتموه الحياة وحرمتموه من الموت».
وفي وقت لاحق، تعهد مشعل في كلمة أمام أهالي الأسرى والشهداء وممثلي الفصائل الفلسطينية في غزة، بمن فيهم حركة فتح، بالسعي إلى الإفراج عن الأسرى الباقين. وقال «لا خير فينا إن لم نفرج عن أسرانا». وبخصوص المصالحة، أكد «أننا تحت الاحتلال بحاجة الى انتخابات حرة ونزيهة، بعدها شراكة وطنية في تحمل المسؤولية».



«فتح» ترحب بمهرجان «حماس»


وجدت المواقف الإيجابية، التي أطلقت خلال مهرجان انطلاقة «حماس»، ترحيباً واسعاً من مسؤولي حركة «فتح»، وقال عباس زكي إن مشاركة «فتح» في احتفالات «حماس» هي خطوة على طريق تعزيز الوحدة الفلسطينية الداخلية. وأضاف «في أي مناسبة لأي فصيل فلسطيني، نحن نشارك فيه على اعتبار أن هذا انتصار لفكرتنا لأننا السباقون في الثورة، ونشعر في فتح بالفرحة حين يحتفل أي فصيل فلسطيني بانطلاقته ونشاركه فيها، أما ما حصل مع حماس منذ الانقلاب فكان جرحاً داخلياً، وكان يصعب احتماله، إلا أن أرادة شعبنا وبعد النصر في غزة، وتعزيز الوضع القانوني لفلسطين من خلال الرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة، هذا الوضع أحدث حالة التكامل، وأحدث وحدة الشعب الفلسطيني، التي انعكست على قيادته». وشدد على أن «الوقت قد حان حتى يأخذ الإخوة بعين الاعتبار دعوة الرئيس لأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والأمناء العامين للفصائل والأحزاب والقيادات بأسرع وقت ممكن».
بدوره، وﺻﻒ ﻋﻀﻮ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﻟﺤﺮﻛﺔ «ﻓﺘﺢ»، ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ، ﻋﺰﺍﻡ ﺍﻷ‌ﺣﻤﺪ، ﺧﻄﺎﺏ ﻣﺸﻌﻞ ﺑﺄﻧﻪ «ﺇﻳﺠﺎبي ﺟﺪﺍً ﻭﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إلى المضموﻥ ﻻ‌ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻴﻪ، ﻓﻘﺪ ﺭﻛﺰ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﺕ ﻓﻲ ﺑﻨﻮﺩ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺪﻭﺣﺔ». ﻭﺭﺃﻯ ﺃﻥ ﺃﻫميته «تكمن ﻓﻲ أﻧﻪ أُﻟﻘﻲ ﻣﻦ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ، ﻭﺑﺤﻀﻮﺭ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺣﻤﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ، ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﻤﺎﺱ»، ﺩﺍﻋﻴﺎً ﺍﻟﻰ «إﻧﻬﺎﺀ ﺍﻻ‌ﻧﻘﺴﺎﻡ، ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻷ‌ﺳﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺍلاﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﺪﻭﺣﺔ ﻭﻫﻲ ﺳﻠﻄﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺭﺋﻴﺲ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺗﺸﺮﻳﻌﻲ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﺗﻔﻌﻴﻠﻬﺎ».