بعد كلمة الرئيس المصري، محمد مرسي أول من أمس، التي رأت فيها المعارضة تعنتاً غير مبرر من قبل الرئاسة المصرية، تكثف الحراك أمس في محاولة لاحداث اختراق يقنع المعارضة بالمشاركة في الحوار اليوم. وبعدما بدا أن غالبية القوى السياسية تستشعر خطورة استمرار الأزمة السياسية الحادة، برزت مبادرة جديدة أعلنها نائب الرئيس، محمود مكي. وأشار إلى أن مرسي «على استعداد للموافقة على تأجيل الاستفتاء على الدستور بشرط تحصين هذا التأجيل من الطعن أمام القضاء». وقال مكي «نحن محكومون بمادة (في الاعلان الدستوري) تلزم الرئيس بعرض مشروع الدستور (بعد تلقيه) على الاستفتاء في مدة لا تتجاوز 15 يوماً». وأضاف «يجب أن تقدم القوى السياسية التي ترغب في التأجيل ضمانة حتى لا يجري الطعن بعد ذلك بقرار الرئيس، ولا يتهم بمخالفة الاعلان الدستوري».
وأضاف «الرئيس مستعد للتأجيل ويمكن أن يوافق على تأجيل الاستفتاء بشرط أن نحصن هذا التأجيل من الطعن به امام القضاء».
وقال مكي «لا بد كذلك من بحث ماذا سيحدث بعد تأجيل الاستفتاء»، فيما أعلنت لجنة الانتخابات موافقتها على تأجيل استفتاء المصريين في الخارج، كمؤشر على استعداد الرئاسة المصرية للمضي في تأجيل الاستفتاء في الداخل.
هذه المبادرة تزامنت مع تأكيد المعارض المصري البارز محمد البرادعي، أن الحوار مع محمد مرسي لا يزال ممكناً، لكن بشروط، داعياً «لايجاد وسيلة مهما كانت عن طريق التحاور للخروج من هذا المأزق».
وأضاف، في كلمة مسجلة أذاعتها قناة «أون تي في»، «هناك خطوتان يستطيع أن يأخذهما فوراً: أولاً اسقاط الاعلان الدستوري، والخطوة الثانية ان يؤجل الاستفتاء على مشروع الدستور حتى نصل الى توافق وطني»، كما حذر «من أي اشتباكات وطلب من الجميع أن لا يدخلونا في معارك دموية»، مشدداً على أنه «لا يمكن أن نتحمل مرة أخرى أن يراق دم مصري».
من جهته، قال السكرتير العام لحزب غد الثورة، حسام علي، إنهم سيشاركون في الحوار الذي دعا إليه مرسي اليوم، بناءً على تأجيل الاستفتاء على الدستور في الخارج، وعلى أجندة حوار واضحة تتضمن التعديلات الخاصة بالإعلان الدستوري وضرورة تأجيل الاستفتاء.
وجاءت هذه التصريحات بعدما كانت جبهة الانقاذ الوطني، التي تضم أبرز قوى المعارضة المصرية، قد أبدت رفضها المشاركة في الحوار «لافتقاره إلى أبجديات التفاوض الحقيقي والجاد وتجاهله طرح المطالب الأساسية للجبهة المتمثلة بضرورة الغاء الاعلان الدستوري بأكمله وإلغاء قرار الرئيس بالدعوة للاستفتاء على الدستور». وأكدت المعارضة أنها مستمرة في «استخدام كل الوسائل المشروعة في الدفاع عن حقوقها وحرياتها وتصحيح مسار الثورة».
في المقابل، رأى المتحدث باسم جماعة الإخوان محمود غزلان، أنه «إذا رفضت المعارضة أن تحضر الحوار، فسيتبين أن نيتها هي إزاحة مرسي من الرئاسة لا إلغاء الإعلان الدستوري أو الدستور كما يدعون».
وتمسّك المعارضة بموقفها تزامن مع استمرار الحشد في الشارع من الطرفين، إذ شارك الآلاف من أنصار المعارضة في تظاهرات «الكارت الأحمر» التي تركزت بين قصر الاتحادية حيث مقر الرئيس وميدان التحرير. وانطلقت مسيرات المتظاهرين إلى محيط القصر الرئاسي من مساجد وأحياء عدة في العاصمة المصرية عقب صلاة الجمعة. وهتف المشاركون فيها «الشعب يريد اسقاط النظام»، و«لا اعلان لا دستور، النظام كله يغور (يرحل)».
وفي المساء، تمكن المتظاهرون من اختراق الحواجز الأمنية، وبدأوا بكتابة شعارات على سور القصر، فيما فرض الحرس الجمهوري طوقاً لحماية بوابة القصر.
وفي ميدان التحرير، تجمع مئات المتظاهرين، حيث خاطبهم القيادي في جبهة الانقاذ حمدين صباحي. وقال «بدأت ثورتنا سلمية وستنتهي سلمية بانتصار الشعب المصري بإيمانه بالله وبوحدته وترابطه». كذلك، شارك الالاف في تظاهرات في الإسكندرية قبل أن يعمد نحو ألف محتج إلى اقتحام مقر المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية المصرية.
وفي كفر الشيخ، اشتبك مؤيدون لجماعة الإخوان المسلمين مع منتمين إلى قوى سياسية معارضة بالحجارة أمام مقر حزب الحرية والعدالة. وشهدت الاشتباكات أيضاً استخداماً لبنادق صيد وأسلحة بيضاء، كما شهدت محافظة الشرقية، اشتباكات قرب منزل أسرة مرسي بالزقازيق، كبرى مدن المحافظة، والشوارع المحاذية له. واستخدمت في الاشتباكات الحجارة والزجاجات الحارقة والقنابل المسيلة للدموع، مما أدى إلى إصابة 23 شخصاً
بجروح.
وفي محافظة البحيرة، وقعت اشتباكات عنيفة في مناطق متفرقة أوقعت اكثر من 30 جريحاً.
في المقابل، تظاهر الآلاف من أنصار الرئيس أمام مدينة الإنتاج الإعلامي بمشاركة المرشح الرئاسي السابق، الشيخ حازم أبو إسماعيل. كذلك، تجمع آلاف الإخوان في جنازة القتلى الذين سقطوا في الاشتباكات عند القصر الجمهوري. وهتفوا «بالروح بالدم نفديك يا إسلام» من دون أن تحدث اشتباكات مع المعارضين. وفي المساء، تجمع الالاف من أنصار مرسي أمام جامع «رابعة العدوية» دعماً للشرعية.
وفي السياق، أصدر «ائتلاف القوى الاسلامية» بياناً أكد فيه أن «أبناء التيار الاسلامي خرجوا للدفاع عن الشرعية بطريقة حضارية سلمية ولم يحملوا سلاحاًً ولم يصوبوا رصاصاً ولم يلجأوا للعنف».
في المقابل، كان لافتاً نفي مصدر قضائي لـ«اليوم السابع» ما قاله مرسي في خطابه أول من أمس لجهة اعتراف المتهمين في اشتباكات قصر الاتحادية بتلقيهم أموالاً وسلاحاً من قبل بعض القوى السياسية لنشر الفتنة وإثارة الذعر فى
البلاد.
دولياً، دعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي، إلى وقف العنف، مشيراً إلى أن «الثورة في مصر في خطر»، وأن «الحيوية الايجابية للتغيير يمكن أن تضيع».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)