في تصريح مكرّر، رأت واشنطن أنّ استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية سيكون «خطاًَ أحمر». في وقت أكد فيه وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أنّ دمشق تملك 700 صاروخ «أرض _ أرض»، وبلاده تعلم «أين نشرت وكيف تخزّن». وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنّ الولايات المتحدة قلقة من أنّ الرئيس السوري بشار الأسد قد يلجأ إلى استخدام الأسلحة الكيميائية أو يفقد السيطرة عليها.
وعقب اجتماع مع وزراء خارجية حلف شمالي الأطلسي، قالت كلينتون إنّ واشنطن أوضحت لسوريا أنّ استخدام الأسلحة الكيميائية سيكون «خطاً أحمر». وأضافت «مبعث قلقنا هو أنّ نظام الأسد، الذي يزداد يأساً، قد يلجأ إلى الأسلحة الكيميائية أو يفقد السيطرة عليها لصالح واحدة من الجماعات الكثيرة التي تعمل الآن في سوريا». وأضافت أنّ الولايات المتحدة، ودول أخرى، ستبحث ما تستطيع أن تفعله لإنهاء الصراع السوري في اجتماع لمجموعة أصدقاء سوريا في المغرب الأسبوع المقبل. وتابعت «لكن ذلك سيستلزم أن يتخذ نظام الأسد قراراً بالمشاركة في انتقال سياسي وإنهاء العنف ضد شعبه. نأمل أن يفعلوا ذلك، لأننا نعتقد أن سقوطهم حتمي. السؤال يتعلق فقط بعدد الناس الذين سيلقون حتفهم إلى أن يتحقق هذا».
من جهته، أكد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، في حديث صحافي، أنّ بلاده تقدّر عدد صواريخ «أرض _ أرض» التي يملكها النظام السوري بحوالى 700. وصرّح بأنّ «الأسد يملك حوالى 700 صاروخ، ونعلم اليوم بالضبط أين نشرت هذه الصواريخ وكيف تخزّن وبين يدي من».
وأكد وزير الخارجية التركي أنّ المجتمع الدولي يخشى أن يقدم النظام السوري، إذا شعر باقتراب أجله، على إجراءات عقابية تجاه الدول التي طالبت برحيله، ولا سيّما تركيا. وبرّر نشر صواريخ باتريوت بالمخاوف من «أعمال قد تنجم عن مجموعات غير منضبطة».
في موازاة ذلك، قال قائد القوات البرية المشتركة لحلف «الأطلسي»، بن هودجز، إنّ قرار الحلف نشر صواريخ «باتريوت» في تركيا هو إعلان واضح أن «الأطلسي» لن يسمح لسوريا بتهديد السيادة التركية. وأوضح هودجز، في حديث إلى وكالة «الأناضول» التركية، أنّ «قرار الحلف بنشر صواريخ باتريوت في تركيا يأتي بسبب تعرّض دولة عضو في الحلف لتهديد محتمل». وأشار إلى «امتلاك سوريا لسلاح كيميائي، ما يوفّر إمكان استخدامها عبر إطلاق صواريخ ذات رؤوس كيميائية، وهنا يأتي دور صواريخ باتريوت التي يمكنها مواجهة مثل هذا التهديد، والقضاء عليه». وقال إنّ «بطاريات الصواريخ الموجودة لدى ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة، والتي ستؤمَّن من إحدى هذه البلدان أو من أكثر من بلد منها، سيجري تحميلها بواسطة السفن بسبب كبر حجمها، وهذا سيتطلب عدة أسابيع». وأضاف أنّه لن يتمكّن من تحديد تاريخ معيّن لوصول المنصّات، لكنّها ستصل تركيا في وقت أقل مما يتوقعه كثيرون.
في السياق، أعلن الملك الأردني عبد الله الثاني أنّ بلاده لن تكون طرفاً في أيّ تدخل عسكري ضد سوريا. وقال، في مقابلة صحافية، إنّ «الموقف الأردني من الأوضاع في سوريا مبني على عدد من العناصر تتمثّل في العمل بكل الطاقات لوقف إراقة الدم السوري، والتحرك على الصعيدين الدولي والعربي من أجل الوصول إلى حلّ يعيد الأمن والاستقرار إلى سوريا».
في غضون ذلك، رأت وزارة الخارجية الصينية أنّ قرار حلف شمالي الأطلسي نشر منظومة بطاريات صواريخ «باتريوت» على الحدود التركية _ السورية أمر لا يفضي إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن المتحدث باسم الخارجية هونغ لي قوله إنّ «الصين تصرّ دائماً على إيجاد حلّ سياسي للتوترات في سوريا عبر الحوار والتشاور».
إلى ذلك، كشفت صحيفة «ديلي تليغراف» أنّ بريطانيا وجّهت تحذيراً مباشراً للنظام السوري عبر قنوات دبلوماسية من عواقب استخدام أسلحته الكيميائية. وقالت الصحيفة إنّ وزير الخارجية وليام هيغ «كشف أنّ بريطانيا استخدمت قنوات دبلوماسية سرية لتوجيه تحذير مباشر للرئيس الأسد من ردّ فوري إذا استخدم نظامه الأسلحة الكيميائية». وأضافت أن مسؤولي الاستخبارات الأميركية أعلنوا أخيراً التقاط صور بالأقمار الصناعية للقوات السورية وهي تنقل أسلحة كيميائية إلى مواقع تمكّنها من استخدامها بسرعة أكبر، فيما أعلنت مصادر في الاستخبارات الغربية اعتراض أوامر لإعداد غاز الأعصاب (راسين) للاستخدام. ونسبت الصحيفة إلى هيغ قوله «نحن قلقون من الأسلحة الكيميائية، وأصبحنا أكثر قلقاً بشأنها في الأيام الأخيرة للأسباب نفسها لدى الولايات المتحدة، وأرسلنا رسائل خاصة واضحة ومباشرة إلى النظام السوري بخصوص العواقب الوخيمة التي ستتبع استخدام هذه الأسلحة».
من ناحيتها، كشفت صحيفة «تايمز» أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها يستعدون لشنّ عمل عسكري في سوريا في غضون أيام، في حال استخدم نظامها الأسلحة الكيميائية في محاولة لصد قوات المتمردين الساعية للسيطرة على دمشق.
وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادر أميركية، أنّ التدخل العسكري الذي ستقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه بريطانيا ودول أخرى «ليس وشيكاً»، لكن وزارة الدفاع والقيادة المركزية الأميركيتين، مستعدتان للتدخل إذا لزم الأمر». ونسبت إلى مسؤول أميركي قوله «إنّ العمل لن يتطلب تحركاً كبيراً، لكن من السابق لأوانه توقع ما يمكن أن يحدث إذا تمّ اتخاذ قرار التدخل، غير أننا لم نصل إلى هذا النوع من القرارات».
في سياق آخر، أغلقت المجر سفارتها في دمشق وأجلت دبلوماسييها بسبب النزاع الدائر في سوريا، كما أعلنت وزارة الخارجية المجرية في بودابست. وأضافت أنّه بإمكان المواطنين المجريين، في حال الضرورة، التوجّه إلى السفارة في بيروت.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)

الاشتباكات والقصف المركّز يتواصلان في ريف دمشـق وحلب



شهدت مناطق عدة في ريف دمشق وحلب اشتباكات عنيفة وقصفاً مركزاً، في تواصل للمعارك التي تشهدها المنطقتين منذ أيام

استمرت الاشتباكات بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين في عدد من مناطق ريف دمشق، التي تعرّض بعضها لقصف جوي ومدفعي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتركزت الاشتباكات، بحسب المرصد، في بلدات عربين وسقبا، وبيت سحم، ومدينة داريا، فيما تعرّضت أطراف المليحة، وزبدين، والبساتين المحيطة ببيت سحم للقصف بالطيران الحربي.
بدورها، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أنّ وحدات الجيش السوري واصلت «ملاحقتها لإرهابيي جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة» في ريف دمشق. كذلك أشارت إلى أنّ هذه الوحدات قضت في زملكا على «إرهابيين يقومون بأعمال قتل وسلب وتخريب».
في دمشق، ذكر المرصد أنّ عبوة ناسفة انفجرت في المنطقة الصناعية، ما أدّى إلى خسائر مادية. وقتل مقاتلان معارضان في اشتباكات مع القوات النظامية في حيّ التضامن في جنوب العاصمة، بحسب المصدر ذاته. في محافظة إدلب، أفاد المرصد عن مقتل ثلاثة رجال، وسيدة، وطفلة، وإصابة آخرين بجروح إثر قصف تعرّضت له بلدة تلمنس.
وكان سبعة عناصر من القوات النظامية قد قتلوا، فجر أمس، «إثر هجوم نفذه مقاتلون من عدة كتائب مقاتلة على حاجزهم في قرية بابولين، الواقعة جنوب مدينة معرة النعمان في إدلب»، بحسب المرصد. في محافظة دير الزور، قال المرصد إنّ «النيران اندلعت بطائرة حوامة كانت تحاول الإقلاع من مطار دير الزور العسكري، الذي يحاصره مقاتلون معارضون، ويقصفونه بقذائف الهاون منذ أيام». في محافظة حلب، قتل خمسة رجال، بينهم مقاتلان معارضان، وسقط عدد من الجرحى جراء قصف على حيّ بستان القصر، بحسب ما ذكر المرصد الذي أشار، أيضاً، إلى مقتل مقاتل آخر في حيّ بستان الباشا، وتعرّضت أحياء عدة في المدينة ومحيطها لقصف مصدره القوات النظامية.
من ناحية أخرى، قطع التيار الكهربائي، منذ صباح أمس، عن مناطق واسعة في مدينة حلب، بحسب ما أفادت به وكالة «فرانس برس»، فيما ذكرت «سانا» أنّ السبب هو «اعتداء مجموعة إرهابية مسلحة على محطة غاز حلب».
في محافظة حمص، أفاد المرصد عن تعرّض مدينة القصير ومنطقة الحولة للقصف، وكذلك حيّ دير بعلبة في مدينة حمص.
إلى ذلك، أعلن مصدر في هيئة الأركان العامة، بالأسطول البحري الحربي الروسي، أنّ بارجتين حربيتين دخلتا إلى نقطة الدعم الفني المادي بمرفأ طرطوس في سوريا للتموين. وأضاف أنّ السفينتين ستتوجهان في النصف الثاني من كانون الأول إلى البحر الأسود، ثمّ إلى مواقع المرابطة الدائمة.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)

صراع المقاتلين على الأشرطة المصوّرة لجذب الممــوّلين



المقاتلون في سوريا يقرصنون أشرطة الفيديو الخاصة بالمعارك من أجل الحصول على المال. هذا ما كشفته صحيفة «فاينانشل تايمز» البريطانية منذ أيام في تحقيق للصحافية أبيغيال فيلدينغ سميث. مقال سميث الذي أعادت نشره صحيفة «ذي واشنطن بوست» الأميركية، يفيد بأن هناك منافسة حادّة بين المجموعات المقاتلة على الأراضي السورية على إثبات وجودها من خلال إظهار عدد العمليات التي تنفذها ونوعيتها. وهذا ما يدفع ببعض تلك المجموعات الى سرقة مواد مصوّرة من هجمات لمجموعات أخرى ونسبها إليها. والهدف واحد، حسب سميث، الحصول على تمويل دولي.
هكذا، قال بعض الناشطين للصحافية إنهم «عرّضوا حياتهم للخطر بغية تصوير عملية عسكرية لمجموعة مسلّحة معيّنة، فيفاجأوا بعد أيام بمشاهدة الشريط ذاته يدمغ باسم مجموعة أخرى تتبنّى العملية وتعرضه على المواقع الإلكترونية». وإضافة إلى سرقة المواد المصوّرة، يكشف المقال أن بعض المجموعات القتالية الصغيرة تقايض عملياتها المصوّرة، لمجموعة أكبر، بالسلاح. أبو طارق، وهو أحد «المسؤولين العسكريين» في حماة، أشار لسميث إلى أن «هناك الكثير من الأشرطة المزيّفة التي تنشر بغية الحصول على المال». وشكا انخفاض التمويل مع مرور الوقت، إذ «ظنّ مموّلونا أن الأمور ستنتهي خلال أشهر». وهنا تشرح سميث أنه في ظلّ نقص التمويل وغياب المحاسبة تبقى الأشرطة المصوّرة المؤرشفة هي الدليل الوحيد على العمليات الميدانية وما يجري على الأرض. «باختصار، لا فيديو لا أموال»، يقول أبو طارق.
سميث تحدّثت أيضاً مع «جنرال سوري منشق» في جنوب تركيا فقال إن «من يصوّرون عملياتهم إنما يفعلون ذلك من أجل الحصول على المال فقط... إذ من يملك الوقت خلال المعارك ليصوّر شريطاً؟». المقال يكشف أيضاً بعض الطرق التي لجأ إليها المقاتلون كي يصعّبوا عملية القرصنة، مثل وضع «اللوغو» الخاص بكتيبتهم على اللقطات المصوّرة كلها، وذكر اسم المكان والزمان المرافقين للعملية... أحد الباحثين في «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» قال لسميث إنه «في ظل عدم تنظيم تمويل المجموعات السورية، وفي ظل لامركزيتها وعدم معرفة حاجات المقاتلين، يصبح لا مفرّ من حدوث تلاعب. من السهل خداع المموّلين» يختم الباحث.
والخلاصة، حسب سميث، هي أن المعارضة السورية المسلحة لا تزال مفككة، وأن مموّلي المجموعات المقاتلة يفتشون عن كتيبة فاعلة على الأرض لـ«الاستثمار فيها»، لذا يعتمد المقاتلون على أشرطة «يوتيوب» و«فايسبوك» لإثبات فعاليتهم وتسويق صورتهم للمستثمرين.
(الأخبار)