القاهرة | في مقابل إصرار النظام الحاكم على إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد في موعده، موقف الشعب منقسم بين ثلاثة تيارات: التيار الأول مع الدستور ومواده، وأغلبه من التيار الإسلامي، فيما ينادي التيار الثاني بالمشاركة في الاستفتاء والتصويت بـ«لا»، اعتراضاً على بعض مواد الدستور. أما التيار الثالث، فلا يعترف بوجود الدستور، ويرى أن ما بُني على باطل هو باطل، وأن هذا المنتَج «الدستور»، أخرجته جمعية تأسيسية باطلة. النقاش في المسألة لا يزال محدوداً، ولا سيما مع حالة التصعيد المستمرة في الشارع المصري، بعد الإعلان الدستوري الأخير الذي منح الرئيس المصري محمد مرسي بموجبه لنفسه صلاحيات واسعة.
الإسلاميون يرون أن تلك الصلاحيات كانت ضرورية لمنع انقلاب قضائي كانت المحكمة الدستورية تستعد له للانقضاض على المؤسسات المنتخبة، ومن بينها رئيس الجمهورية نفسه. ويؤكدون أنه إذا كانت القوى الرافضة للإعلان معها أغلبية الشارع، فعليها المشاركة في الاستفتاء على الدستور، لكي ينتهي العمل بالإعلان الدستوري الجديد. غير أن التيارات المعارضة ترى أنها أمام خيارين كلاهما صعب. الخيار الأول أن تشارك في الاستفتاء على الدستور وتصوت بـ«لا»، فيُعاد تشكيل جمعية تأسيسية تصوغ دستوراً جديداً، ويستمر العمل بإعلان مرسي الدستوري. أما الخيار الثاني، فهو أن تضطر إلى التصويت بـ«نعم» على دستور ترى فيه عيوباً كثيرة ومواد «كارثية» تعصف بمعنى الدولة المدنية، ويقيّد حرية الرأي والتعبير، ولا يعبّر عن مطالب ثورة 25 يناير، العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
هذه الحالة المسيطرة على القوى المدنية، يقابلها موقف القوى الإسلامية التي بدأت بالفعل حملات إعلانية في الشارع لدفع المواطنين إلى التصويت بـ«نعم» على مواد الدستور الجديد. وظهرت أمس في محافظة السويس لافتات تدعو المواطنين إلى التصويت بـ«نعم» على الدستور الجديد تحت شعار «دستورنا استقرارنا قول نعم للدستور، أنا مصري حر». هذا الأمر، دفع حزب الوفد في السويس إلى إصدار بيان صحافي، حذر فيه من أن هناك نية مبيتة لدى الإخوان المسلمين ومحمد مرسي لتزوير نتائج الاستفتاء. ولفت إلى «أن الجماعة بدأت الترويج بأن نتائج الاستفتاء ستتخطى 90 في المئة من التصويت بنعم، وهو تزوير مقدم كما كان يفعل الحزب الوطني قبل أي انتخابات، وتأهيل الشارع على هذه النتيجة».
من جهته، قال عضو اللجنة الإعلامية للتيار الشعبي المصري عمرو بدر، إنّ هناك وجهتي نظر داخل التيار لم يتم حسم أيهما بعد. وأوضح أن الاتجاه الأول مع مقاطعة الاستفتاء بنحو كامل حتى لا نمنح الدستور شرعية، وحتى نستكمل مواجهته لإسقاطه نهائياً من طريق الشارع. أما وجهة النظر الأخرى، فترى أن المناخ السياسي مهيأ للتصويت بلا، وأن الغالبية من أبناء الشعب المصري ستكون في صف رفض الدستور. ولفت إلى أن المعركة الأساسية الآن، هي إسقاط هذا الدستور الذي لا يمثل جميع المصريين ووضعته لجنة تأسيسية يسيطر عليها تيار سياسي واحد. وهو ما يفقد الدستور شرعيته ويجعله دستوراً للأغلبية البرلمانية السابقة لا لكل المصريين.
أما الفريق الذي حسم موقفه من المقاطعة، فيرى أن كل الممارسات التي كان يمارسها النظام السابق لا يزال النظام الحالي يمارسها، ما قد يضع احتمالاً قوياً للتلاعب في عملية الاستفتاء، سواء بالتزوير المباشر للأصوات، أو استعادة الماكينة الدعائية للجماعات الإسلامية من أن المعركة هي بين الإسلام والكفر، وهو ما سيؤثر مباشرة على غالبية المصريين. ويرى أصحاب هذا الرأي، أن الحل للأزمة يكمن في تراجع الرئيس عن قراره بالدعوة إلى الاستفتاء، وأن يلغي الإعلان الدستوري. وقال عصام شعبان، عضو السكرتارية المركزية في الحزب الشيوعي المصري:«نرفض الجمعية التأسيسية وما صدر عنها من دستور».
وبالتزامن، دشن عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملات لرفض الدستور وأخرى لعدم المشاركة في الاستفتاء من الأساس، من بينها «لا لدستور الإخوان»، و«دستوركم مش عايزينه».