لم تؤدّ زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتركيا إلى أيّ تقارب في وجهات نظر الطرفين بشأن الأزمة السورية. واتفق الطرفان على تكليف وزيري خارجية كلّ من الدولتين إجراء المزيد من المحادثات، فيما رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أنّ النظام السوري يمكن أن يسقط «في أيّ وقت» بسبب تقدّم المعارضة سياسياً وعسكرياً.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارة لإسطنبول، أنّ تركيا وروسيا لم تتوصلا إلى رؤية مشتركة حول وسائل تسوية الوضع في سوريا. وقال بوتين، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إنّ «بلاده ستحافظ، رغم هذه التباينات، على الحوار مع تركيا». وأضاف: «سنكون على اتصال مع تركيا لمتابعة العمل معاً، حول وسائل تطبيع الوضع في سوريا. وكُلِّف وزيرا الخارجية، التركي والروسي، إجراء المزيد من المحادثات في هذا الصدد».
وكشف بوتين أنّ أفكاراً جديدة ولدت خلال الاجتماع «لكن من السابق لأوانه الكشف عنها»، مشيراً إلى أنّها تحتاج إلى المزيد من البلورة. وأكد أن بلاده لا تغضّ نظرها عن القصف السوري للأراضي التركية ــ الحدودية، الذي وصفه بأنه «عبء أخلاقي على سوريا وتركيا».
ورداً على سؤال عن إمكانية استخدام سوريا لأسلحة نووية، أجاب بوتين بأنّ السؤال قد يكون فيه خطأ في الترجمة؛ لأنّ «سوريا ليس لديها أسلحة نووية ولم تقترب من صناعة أسلحة دمار شامل». وعن طلب تركيا من حلف شماليّ الأطلسي نشر منظومة صواريخ باتريوت على حدودها، قال بوتين إنّ «أنظمة الباتريوت ليست الأنظمة المثالية للدفاع الجوي في العالم»، مشيراً إلى أنّ نشر الصواريخ لن يقود إلى الانفجار، لكنه سيقود إلى المزيد من التصعيد. وقال إنّ البندقية التي تعلّق على الحائط في أولّ المسرحية لا بدّ أن تطلق النار في نهاية المطاف. وجدّد التأكيد أنّ «روسيا ليست محامية النظام السوري. ولكننا قلقون من المستقبل، ولا نريد تكرار أخطاء الماضي القريب»، موضحاً أنّ المجتمع الغربي لم يكن يظن أنّ سياسته في ليبيا ستقود إلى اغتيال السفير الأميركي في بنغازي.
وأضاف بوتين: «قبل اتخاذ أيّ خطوات، يجب أن ندرس التداعيات»، مؤكداً «استمرار المباحثات مع المجتمع الدول لحلّ هذه العقدة». ورداً على سؤال عمّا إذا كانت روسيا تضمن ألّا تهاجم سوريا تركيا، قال إن «سوريا منهمكة في الوضع الداخلي وليس لديها الإمكانات لمهاجمة أيّ دولة».
من جهته، قال أردوغان إنّ الجانبين الروسي والتركي يسعيان إلى وقف العنف في سوريا في أسرع وقت ممكن، مشيراً إلى تقارب مواقف البلدين إلى حدّ ما حول الأزمة، إلّا أنّه كُلِّف وزيرا الخارجية العمل خلال الفترة المقبلة بجهد ونشاط أكبر للوصول إلى نقاط مشتركة ومحددة بالخصوص. وأضاف: «نريد أن يستفيد الشعب السوري من حقّ تقرير مصيره»، متمنياً «عودة السلام إلى الأراضي السورية، وهو ما يصبّ في مصلحة المجتمع الدولي بأسره، لا سوريا وحدها».
في موازاة ذلك، صرّح الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، بأنّ النظام السوري يمكن أن يسقط «في أيّ وقت»، مشيراً إلى أنّه «يواجه معارضة تتقدّم سياسياً وعسكرياً. إنّها تحقّق تقدماً كلّ يوم»، مشيراً إلى أنّ «المعارك تدور الآن في دمشق». ورأى العربي أنّ الائتلاف الوطني السوري «يمضي قدماً». وتابع: «نحن على اتصال معهم ونقابلهم دوماً»، بعدما اعترفت الجامعة العربية به باعتباره «الممثل الشرعي للمعارضة السورية، والمحاور الأساسي للجامعة العربية».
ورداً على سؤال عن احتمال أن يؤثر النزاع السوري على الدول المجاورة، قال العربي: «الاحتمال قائم ولا يمكن أن نستبعده». وأعرب عن أسفه لدعم روسيا لدمشق، مشيراً إلى أنّه يمنع مجلس الأمن من تحقيق تقدم في الملف السوري. وأكد أنّ «الروس يصرّون على أن الأسد يجب أن يبقى حتى نهاية الفترة الانتقالية، بينما تقضي الخطة العربية لتسوية النزاع بأن تبدأ الفترة الانتقالية بتشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة، وبالتالي يصبح الأسد من دون سلطات». ورأى أنّ الصين يمكن أن تغيّر موقفها. وقال إنّ «التصريحات التي يدلي بها الصينيون تشير إلى أنّهم أكثر مرونة». وأشار أيضاً إلى أنّه لا يتوقع تغييراً في الموقف الإيراني «لأنّه موقف دوغمائي، لكنه ليس مؤثراً إلى هذا الحدّ».
من جهة أخرى، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، إنّ إيران مع إرساء الديموقراطية في سوريا، لكن ليس بالطرق التي ترغب فيها الدول «الفاقدة للديموقراطية». وأضاف لاريجاني، في مؤتمر صحافي، أنّ وزارة الخارجية الإيرانية قامت ببعض المبادرات حول سوريا، وعقدت الاجتماعات ودعت إليها مختلف الدول، داعياً إلى تعزيز هذه المبادرات. وأشار إلى أنّه، خلال جولته الأخيرة، اطّلع عن كثب على الأوضاع في المنطقة وسوريا، و«ازددنا إصراراً على ضرورة الحلّ السياسي للمشكلات في سوريا». وأعرب عن اعتقاده بأنّ إرسال السلاح إلى سوريا «لن يغيّر الظروف الداخلية في هذا البلد، بل هو خطأ كبير». ولفت إلى وجود «إرادة قوية لدى المسؤولين السوريين لحلّ القضايا بالطرق السياسية»، مشيراً إلى أنّ «الحل الوحيد الذي يمكن أن يكون مؤثراً في سوريا هو الحوار وتعزيز الديموقراطية ووقف القتل والعنف».
بدوره، أكد وزير الخارجية الإيرانية، علي أكبر صالحي، خلال استقباله رئيس «هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير السلمي» السورية في الخارج، هيثم مناع، على ضرورة وقف العنف في سوريا، مجدداً القول بأن الحل الوحيد في سوريا هو حل سياسي.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)