تونس | أعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف بن راشد الزياني، عن انزعاجه من تصريحات زعيم حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، عندما تحدث في بريطانيا عن التغيير الشامل الذي سيقوده الإسلاميون في كامل الوطن العربي، بما في ذلك دول الخليج مثل قطر والكويت والبحرين.
وقال الزياني إن تصريحات الغنوشي تعدّ تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، مُعرباً عن أمله بألا تكون تصريحات الغنوشي تعبيراً عن الموقف الرسمي للحكومة التونسية.
وكان الغنوشي ذكر في محاضرة في معهد «تشاتام هاوس» في بريطانيا، أن التغيير الذي تعيشه البلدان العربية المعروفة بدول الربيع العربي، مثل تونس ومصر وليبيا، سيتواصل ليصل الى الخليج، وأن الإسلاميين ستكون لهم اليد الطويلة في الحكم لسنوات مقبلة.
تصريحات الغنوشي أثارت غضب حلفائه الخليجيين الذين دعموا حركة النهضة بأشكال مختلفة منذ الثمانينيات، وخاصة دولة قطر التي تُعدّ الراعية الأساسية لحركة النهضة الحاكمة من خلال ما وفّرته لها من غطاء سياسي ودعم مالي.
في المقابل، سارع عدد من قيادات «النهضة» الى التخفيف من حدة تصريحات زعيمهم بالتأكيد على أن تصريحاته قد تم تحريفها. وهذه ليست المرة الأولى التي يضطر فيها قياديون الى الشرح والتوضيح والتعقيب للتخفيف من حدة التصريحات التي تثير حفيظة القوى الديموقراطية خصوصاً.
الأزمة بين حركة النهضة وحلفائها من الخليجيين يُتوقّع أن تؤثر سلباً على الدعم السياسي والمالي في ظرف اقتصادي صعب بعد تراجع المانحين الدوليين، لا سيما الاتحاد الأوروبي، الشريك الأول لتونس، عن الكثير من المشاريع بسبب تعثر المسار الانتقالي الديموقراطي والمخاوف من تنامي نفوذ السلفيّين، بكل ما يعنيه ذلك من مخاوف على الحريات وخصوصاً حقوق المرأة وحرية الإبداع.
من ناحية ثانية (يو بي آي)، قال زعيم «النهضة» في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» أمس، إن بعض العلمانيين في تونس «يفعلون كل شيء لإقناع العالم الخارجي بأن الإسلاميين ضد الحداثة»، معتبراً أن «هؤلاء يعتقدون أن البعض في الخارج هم خونة لقضية العلمانية».
وأشار الغنوشي (71 عاماً) إلى أن «حزب النهضة، الذي تعرّض لقمع شديد في ظل نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، يحكم داخل ترويكا ولا يحتكر السلطة للتقليل من هذا الاستقطاب، وقدّم تنازلات في الدستور الجديد الذي تجري صياغته الآن، تحت اسم الإجماع».
وأضاف «لا يمكن الحكم على النيات في السياسة بل على الواقع، ونحن نعتقد أن الدولة لا تستطيع فرض الإسلام أو العلمانية أو أي إيديولوجية، إذا أصبح المجتمع إسلامياً أكثر وصارت الدولة أكثر إسلامية».
وأصرّ الغنوشي على أن «الدولة العلمانية التونسية هي التي دمّرت المؤسسة الدينية التونسية وحرمت المجتمع من المراجع الدينية، وسمحت بظهور وجهات نظر إسلامية متطرفة في بلد معتدل إلى حدّ كبير»، في إشارة إلى تونس.
وقال إن السلفيين الذين ظهروا في تونس أخيراً هم «ظاهرة معقّدة لا تتطلب حلاً أمنياً، بل مزيجاً من الحوار والسياسات للتعامل مع الأمراض الاجتماعية المغذية لدعوتها التي تنتشر في الأحياء الفقيرة».
وأضاف الغنوشي «يجب اعتقال السلفيين إذا خالفوا القانون، لكن وضعهم جميعاً في السجن كما فعل النظام السابق مع أعضاء حزب النهضة، سيكون وصفة كارثية للمستقبل»، محذراً من أن اعتقالهم بشكل جماعي «سيسهم في إيصالهم إلى الحكم في غضون 10 سنوات».