تظاهر عشرات الآلاف من المصريين، أمس، للمرة الثانية في أقل من أسبوع، في معظم المحافظات، مجددين التأكيد على رفضهم الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي ومشروع الدستور الجديد الذي أقرته الجمعية التأسيسية للدستور أمس على عجل.
وعاد ميدان التحرير أمس ليمتلأ من جديد بالمتظاهرين، بعدما قاد رموز المعارضة مسيرات حاشدة من مختلف أنحاء القاهرة الكبرى إلى الميدان للمشاركة في الاحتجاجات تحت شعار «مليونية حلم الشهيد». ودعا رئيس حزب «الدستور» المصري، محمد البرادعي، من الميدان، إلى «ضرورة انخراط القوى والتيارات السياسية في حوار وطني جاد من خلال التوافق على خطوات محدَّدة وأرضية مشتركة لمواجهة الأخطار التي تضرب في كل مناحي الحياة». وفيما اعتبر مشروع الدستور الحالي فاقداً الشرعية من حيث الشكل والمضمون، أكد على ضرورة التوافق على لجنة تأسيسية ممثلة ومؤهلة تقوم بإعداد دستور يضمن حقوق كافة المصريين وحرياتهم ويؤسس لنظام ديموقراطي حقيقي.
من جهته، دعا المحامي خالد علي، المرشح السابق لانتخابات الرئاسة المصرية، إلى عصيان مدني في جميع أنحاء مصر حتى يتم إسقاط الإعلان الدستوري، فيما اعتبر خطيب صلاة الجمعة في الميدان، الشيخ محمد عبد الله، أن «الإعلان الدستوري ما هو إلا مخطط أميركي يتاجر بدماء الشهداء». وردَّد المتظاهرون هتافات «عيش حرية عدالة اجتماعية»، «وحياة دمك يا شهيد ثورة تاني من جديد»، و«يسقط يسقط حكم المرشد»، في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع.
ووقعت اشتباكات محدودة بالأيدي وملاسنات بين منظمي إحدى المسيرات المتجهة للميدان ومنتمين لتيار الإسلام السياسي معترضين على المسيرة في مدينة الجيزة.
كذلك، سجل تظاهر العشرات أمام مسجد فاطمة الشربتلي بضاحية التجمّع الخامس، حيث كان مرسي، مردِّدين هتافات ضد الرئيس وخطيب المسجد الذي شبّه مرسي بالنبي محمد بقوله «الرسول لم يستشر صحابته ونخبة قريش في قراراته»، في إشارة إلى ما ذكره غالبية أعضاء الهيئة الاستشارية لمرسي من أن الرئيس لم يستشرهم في بنود الإعلان الدستوري قبل إصداره. وفيما علت هتافات «يسقط خطيب السلطة»، و«انزل يا منافق»، و«يسقط مرسي والإخوان»، حاول مرسي تهدئة المصلين قبل أن تضطر عناصر حمايته إلى تأمين خروجه من الجامع.
وفي الاسكندرية، تظاهر آلاف المواطنين في ميدان «سيدي بشر»، مطالبين بإسقاط الإعلان الدستوري وبحل الجمعية التأسيسية للدستور، مؤكدين أن المشروع يعبِّر عن قوى الإسلام السياسي دون سواهم، فيما شهدت منطقة «فيكتوريا» تظاهرة كبيرة نظمها مؤيدون للإعلان الدستوري.
وسجل خروج تظاهرات حاشدة في الميادين الرئيسية في محافظات السويس، وبورسعيد، وفي محافظات القليوبية والمنوفية والغربية والدقهلية والبحيرة، كما خرجت مسيرات في محافظات بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج، وفي ميدان المحطة في محافظة أسوان (أقصى جنوب مصر).
وبينما كان المحتجون يملأون الميادين، وافقت الجمعية التأسيسية المصرية أمس على مشروع الدستور الجديد.
وأعلن رئيس الجمعية التأسيسية، حسام الغرياني، أن الأعضاء أقروا بنود الدستور الـ234 التي طرحت عليهم في جلسة ماراتونية بدأت أول من أمس. وقال الغرياني في الجلسة «هذا دستور ثوري»، لافتاً إلى أن الجمعية ستقوم بأعمال ذات طابع إداري للاعداد للاستفتاء الشعبي.
وسيقدم النص الذي أقر بالاجماع بحسب الغرياني، اليوم، إلى مرسي لينظم خلال أسبوعين استفتاءً للموافقة عليه حتى يحل محل الدستور السابق الذي ألغي بعد سقوط حسني مبارك في مطلع 2011.
وإقرار مشروع الدستور، الذي كان مجمداً منذ أشهر، يأتي في خضم أزمة سياسية نشأت إثر اصدار مرسي الأسبوع الماضي اعلاناً دستورياً، حصّن بموجبه قراراته من أي رقابة قضائية إلى حين وضع الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد، كما حصن الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى اللذين يهيمن عليهما الاسلاميون من اي قرار قضائي محتمل بحلهما.
في غضون ذلك، واصل قضاة مصر تصعيدهم في مواجهة مرسي، بعدما قرَّر «نادي قُضاة مجلس الدولة» تعليق العمل في جميع دوائر المجلس عدا دوائر تلقي طلبات وقف التنفيذ. ووافقت الجمعية العمومية للنادي على هذه الخطوة، وذلك احتجاجاً على ما يتضمَّنه الاعلان الدستوري «من تدخل في شؤون القضاء». وينضم مجلس الدولة إلى محاكم «النقض» و»الاستئناف» والمحاكم الابتدائية في تعليق أعمالهم.
إلى ذلك، نفت السفارة الأميركية لدى القاهرة، أمس، ما أوردته بعض التقارير الصحافية من أنها أغلقت أبوابها أول من أمس، أو أنها وافقت على إجلاء الموظفين العاملين بها.
(يو بي آي، رويترز)