دمشق | يوم الأحد الماضي، خرج معسكر الريحان عن سيطرة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين _ القيادة العامة، بعد هجوم قرابة 700 عنصر من «الجيش الحر»، ما أدى إلى الاستيلاء على أهم معسكرات الجبهة في سوريا. العملية العسكرية الكاملة التي تضمنت قطع الإمدادات، مثّلت خرقاً لالتزامات ضمنية وأخلاقية حاصلة سابقاً من قبل «الجيش الحر» بعدم الاقتراب من المعسكرات الفلسطينية، بحسب مصدر مقرّب من القيادة العامة.
وأكد المصدر لـ«الأخبار» أنه رغم اتهام القيادة العامة بأنها محسوبة على النظام السوري، إلا أنها لم ترفع بندقية فلسطينية إلا دفاعاً عن المخيمات. وعليه، فهو يرى أن الهجوم على معسكر الريحان مرتبط بأجندة الموساد، نظراً إلى تزامنها مع عملية «قبية» التي نفّذتها القيادة العامة في تل أبيب في عام 1987.
ويمتد معسكر الريحان على مساحات شاسعة من أراضي ريف دمشق. ويضم ساحة لصيانة الآليات التابعة للجبهة، وسجناً قديماً استخدم سابقاً للأسرى الإسرائيليين الذين اعتقلتهم الجبهة الشعبية خلال فترة الثمانينيات.
السجن تدّعي التنسيقيات أنه يستخدم لاعتقال الثوار والمتظاهرين. لكن هذا الأمر نفاه لـ«الأخبار» أحد العناصر الذين كانوا موجودين خلال عملية اقتحام المعسكر منذ أيام. وأوضح أن السجن يحتوي على عناصر اللجان الشعبية ممن ارتكبوا مخالفات مسلكية، إضافة إلى جاسوس عمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية.
ويحتوي المعسكر أيضاً على مسبحين لتدريب الضفادع البشرية وساحة تدريب للطائرات الشراعية وساحة تخييم للدورات العسكرية وساحات قتالية للتدريب، إضافة إلى مبنى القيادة المركزية. كذلك يحتوي المعسكر على مختبر لتصنيع العبوات والأسلحة.
وفي تسريبات لـ«الأخبار»، فإن المعسكر يحتوي على مدفع 107 مع سبع قذائف. لكن عناصر الجبهة لم يتمكنوا أثناء الاقتحام من استعمال إلا قذيفة واحدة، إضافة إلى قطعتي سلاح من طراز دوشكا، وأسلحة فردية pkc وكلاشنيكوف.
وكانت دبابة تابعة للجيش الحر اقتحمت يوم الأحد الماضي المعسكر بالتزامن مع سقوط العديد من القذائف على المعسكر. وعلى الأثر، اندلعت اشتباكات عنيفة خلال ساعات الصباح الأولى، تم بعدها حصار المعسكر كلياً، والطلب من عناصره تسليم أنفسهم قبل أن ينتهي الحصار باقتحام الجيش الحر للمعسكر والسيطرة عليه بالكامل مع بقاء مجموعة من عناصر الجبهة محاصرة داخل مبنى القيادة، منهم مدربون من جنسيات عربية كأبو فهد التونسي. وأثناء محاولات اقتحام مبنى القيادة باستخدام القذائف، اندلعت اشتباكات عنيفة لمدة خمس ساعات، جرى إنهاك العناصر فيها، وأدت إلى سقوط خمسة عناصر مع عدد من الجرحى، دون وصول أي إمدادات طالبوا القيادة العامة بإرسالها إليهم منذ الصباح.
وتذكر مصادر خاصة لـ«الأخبار» أن أحمد جبريل، القيادي الفلسطيني الوحيد الموجود داخل مخيم اليرموك، أرسل عدة مجموعات إلى المعسكر، لكنها لم تستطع الوصول بسبب وجود قناصين في المنطقة. وتوضح المصادر عدم استطاعة الجيش السوري تقديم المساندة عن طريق المروحيات بسبب امتلاك الجيش الحر أسلحة قادرة على إسقاطها في تلك المناطق.
عملية التفاوض بين الجبهة والجيش الحر لإخراج المحتجزين تمت بطريقة غير مباشرة، وذلك عن طريق وسيط من أقرباء أحد العناصر المحاصرين داخل المبنى. في المقابل، قام العناصر المحاصرون في الداخل بتفخيخ مبنى القيادة وإعدام الجاسوس منعاً من وقوعه في يد الجيش الحر. وبعد سقوط المبنى، أفرج الجيش الحر عن ثلاثة من عناصر الجبهة وعدد من الجرحى يبلغ عددهم 17، فيما احتفظ بعناصر آخرين على رأسهم أبو علي كايد مدرب مقاتلي الجهاد وحماس، وأحد أبرز عناصر الجبهة خلال حرب لبنان.