واشنطن، رام الله ـ الأخبار
ليلة غد، ستكون ليلة تاريخية لدولة فلسطين، إذ يتوقع أن يتم التصويت لها كعضو في منظمة الأمم المتحدة، وإن بصفة غير كاملة. وبعدما وزعت بعثة فلسطين في المنظمة مشروع القرار على الدول الأعضاء لدراسته والتصويت عليه ليلة أول من أمس، بدأت الأمور تتضح أكثر باتجاه التصويت لصالح القرار، مع إعلان فرنسا رسمياً أنها ستصوّت إيجاباً، وسط تواصل الضغوط الأميركية والإسرائيلية لعرقلة هذه الخطوة.
ونشرت البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة ليلة أول من أمس مشروع القرار الذي ستحصل بموجبه فلسطين على وضع دولة مراقب في المنظمة الدولية، والذي سيطرح على التصويت في الجمعية العامة يوم غد، الخميس. ويهدف المشروع الى الحصول على وضع «دولة مراقب غير عضو» في الأمم المتحدة، كما «يعرب عن الأمل في أن ينظر مجلس الأمن بشكل إيجابي» الى ترشيح فلسطين للحصول على وضع عضو كامل العضوية في الامم المتحدة.
ويشارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصويت الجمعية العامة على القرار، والذي يبدو أنه سيحصل على الأغلبية المطلوبة، لكون الفلسطينيين يحظون بدعم واسع بين الدول الـ193 الأعضاء في الجمعية العامة.
ويدعو المشروع الى إيجاد «تسوية سلمية في الشرق الأوسط تضع حداً للاحتلال الذي بدأ عام 1967 وتحقق فكرة الدولتين: دولة فلسطين مستقلة وذات سيادة وديموقراطية وقابلة للحياة تعيش جنباً الى جنب مع إسرائيل بسلام وأمن وعلى أساس حدود ما قبل 1967».
ويوم أمس، حصلت فلسطين على الدعم الفرنسي، بعدما أعلن وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، رسمياً، أن بلاده ستصوّت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة للاعتراف بها دولة غير عضو. في غضون ذلك، لا تزال الولايات المتحدة وإسرائيل تجهدان من أجل عرقلة المساعي الفلسطينية. وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند أنه سيكون من الصعب إقناع الكونغرس بالإفراج عن 200 مليون دولار كمساعدة وعدت بها واشنطن السلطة الفلسطينية التي تُعاني من أزمة مالية خطيرة، في حال تمّ تبنّي مشروع القرار الخميس. وقالت «قلنا للفلسطينيين إنه ليس بإمكانهم التعويل على جواب إيجابي من الكونغرس» في حال حصل التصويت في الامم المتحدة.
وحسب واشنطن، فإن الولايات المتحدة دفعت منذ 1994 أكثر من 3,5 مليارات دولار للسلطة الفلسطينية وللمساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
لكن رغم كل هذه التهديدات، فإن الفلسطينيين أصرّوا على المضي قدماً في مشروعهم. وفي سياق فشل آخر الضغوطات، أفادت صحيفة «هآرتس» أن الجهود الأميركية _ الإسرائيلية لتلطيف نص اقتراح قرار بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي سيعرض على الجمعية العامة يوم غد، قد فشلت. وأضافت الصحيفة أن الفلسطينيين رفضوا إدخال بند على اقتراح القرار يمنعهم من التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وأشارت إلى أن الفلسطينيين وزّعوا مسوّدة اقتراح القرار النهائية في نيويورك، رافضين أي نقاش آخر حول القرار.
كذلك أشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة حاولت في الأيام الأخيرة تغيير نص القرار من أجل تقليص الأضرار السياسية التي يمكن أن تنجم عن التصويت، حيث يتوقع أن يحصل الفلسطينيون على أغلبية كبيرة. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي مطّلع قوله إن الجهود التي بذلت كانت أقل من اللازم ومتأخرة، وأنها انتهت بالفشل. وبحسبه، فإن كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية توجهوا أول من أمس إلى كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، وطلبوا منه القدوم بسرعة إلى واشنطن من أجل إجراء مفاوضات حول نص القرار، إلا أن الأخير رفض، ونقل عنه قوله إنه «لا يوجد لديه متّسع من الوقت، وأنه سيتحدث معهم بعد التصويت».
ونقلت الصحيفة عن الجانب الفلسطيني أن الفلسطينيين أوضحوا للولايات المتحدة ودول بارزة في الاتحاد الأوروبي أنهم على استعداد لتقديم ضمانات شفوية فقط بعدم التوجه إلى المحكمة الدولية لمدة نصف عام، وبعد ذلك سيكونون في حلّ من هذا التعهد.
في المقابل، دعا نائب وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، يوسي بيلين، الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلى التفكير مرتين قبل رفض طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومحاولة عرقلة حل الدولتين، داعياً الولايات المتحدة وإسرائيل إلى أن يكونا أول من يعترف بالدولة الفلسطينية.
من جهته، رأى وزير المال الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، أن التوجه الفلسطيني يمثّل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل تزيد خطورته على خطورة الهجمات الصاروخية من قطاع غزة. وقال للإذاعة العامة الإسرائيلية إنه يجب على إسرائيل العمل على اتخاذ إجراءات عقابية ضد السلطة.