القاهرة | «مش عارفين هنروح على فين». عبارة أصبحت تتردد على لسان معظم الشعب المصري، سواء كانوا من المؤيدين للإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس محمد مرسي قبل أيام أو المعارضين له. وعشية التظاهرات التي سيشهدها ميدان التحرير في القاهرة اليوم، بدعوة من غالبية القوى المدنية لرفض قرارات الرئيس الأخيرة، أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، ياسر علي، أنه «لا تعديلات على الإعلان الدستوري» الذي أصدره الرئيس مرسي. وفي ختام اجتماع ضم الرئيس المصري مع وفد من القضاة، أفاد بيان رئاسي بأن «المقصود بما ورد في المادة الثانية من الإعلان الدستوري من تحصين ما يصدر عن رئيس الجمهورية من إعلانات دستورية وقوانين وقرارات وما قد يصدر عنه منها، تلك التي تتصل بأعمال السيادة». وأكد البيان أيضاً أنها «مؤقتة بنفاذ الدستور وانتخابات مجلس الشعب حفاظاً على مؤسسات الدولة الرئيسية».
وجاء في البيان أيضاً أن «الرئيس وكذلك أعضاء مجلس القضاء الأعلى أكدوا حرصهم على ألا يقع صدام أو خلاف بين السلطتين القضائية والتنفيذية».
وكان المتحدث الرئاسي المصري قد أشار إلى أن الرئيس متفائل إزاء إمكانية تجاوز الأزمة السياسية. ونقل عن مرسي قوله: «أنا في غاية التفاؤل، والمصريون قادرون على عبور هذه الصعاب، وقد عبرنا ما هو أصعب من ذلك».
وفي تطور لافت أمس، أعلن الإسلاميون المصريون من إخوان مسلمين وسلفيين تأجيل التظاهرة الداعمة لقرارات مرسي، والتي كانت مقررة أمام جامعة القاهرة اليوم. وأعلن عضو حزب الحرية والعدالة (الجناح السياسي للإخوان)، أحمد صبيع، لوكالة «فرانس برس»، أنه «تم إلغاء المليونية لتجنّب أي احتكاكات».
أما المتحدث الرسمي باسم حزب «النور» السلفي، نادر بكَّار، فقد أعلن على صفحته في «فايسبوك»، «انه درءاً للمفسدة المتوقع حدوثها وحقناً للدماء وصيانةً للأعراض والممتلكات وتغليباً للمصلحة الوطنية العليا، فقد قرَّرت الدعوة السلفية وحزب النور بالاتفاق مع جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة تأجيل المليونية التي كان من المقرر عقدها أمام جامعة القاهرة غداًً الثلاثاء (اليوم) لحين إشعارٍ آخر».
في المقابل، وإلى جانب التجمع في ميدان التحرير، قررت القوى المدنية باختلاف توجهاتها السياسية الخروج في تظاهرات في المحافظات لرفض الإعلان الدستوري الجديد.
وبالتزامن، أكد المعارض المصري محمد البرادعي أنه يرفض أي حل وسط بشأن الإعلان الدستوري. وشدد على أنه «لا حلول وسطاً في المبادئ. إننا أمام رئيس يفرض علينا نظاماً دكتاتورياً مستبداً»، مطالباً مرسي بـ«أن يدرك أنه أخطأ وأن يتراجع عن الإعلان الدستوري ويؤلف جمعية تأسيسية تمثل فئات الشعب وطوائفه، ويشكل حكومة إنقاذ وطني تنتشل البلاد من أوضاعها الأمنية والاقتصادية المتردية».
ويوم أمس، تجمع آلاف النشطاء السياسيين والمواطنين العاديين في ميدان التحرير للمشاركة في جنازة جابر صلاح «جيكا»، الذي أصيب بطلق ناري في الرأس خلال أحداث العنف التي اندلعت أثناء إحياء ذكرى محمد محمود الأولى في 19 الشهر الجاري.
وفي التوقيت نفسه تقريباً، كانت جنازة الفتى إسلام فتحي (15 عاماً) تشيّع هي الأخرى في محافظة البحيرة، بعدما لقي مصرعه أثناء الاشتباكات أمام مقر حزب الحرية والعدالة في المحافظة. وأصدر الحزب بياناً أكد فيه أنه «ينتمي إلى الجماعة، ومات وهو يدافع عن مقر الحزب ضد هجوم البلطجية، وأن لديهم ما يثبت هذا». وحمّل الإخوان القوى الرافضة للإعلان الدستوري المسؤولية عن مقتل فتحي.
في المقابل، حمّل نشطاء وسياسيون الرئيس المسؤولية السياسية عن مقتل جيكا وفتحي لتقاعسه في إعطاء الأوامر لوزارة الداخلية بوقف إطلاق الرصاص على المتظاهرين.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في وقت سابق أمس أنها ستكون على الحياد بين الفريقين. وأكد وزير الداخلية، أحمد جمال الدين، أن جهاز الشرطة أصبحت له عقيدة جديدة، ولن يتدخل لإنصاف قوى على أخرى، لافتاً إلى أن الشرطة أصبحت أداة الوطن لا سواه في حفظ أمنه واستقراره لتكون كما أرادها الشعب المصري.
من جهته، قال رئيس هيئة الإسعاف المصرية محمد سلطان لـ«الأخبار» إن الهيئة قررت الدفع بـ 50 سيارة إسعاف، ووضعت خطة طوارئ تحسباً لتصاعد الأحداث اليوم.
في هذه الأثناء، قررت محكمة القضاء الإداري النظر في الدعاوى المطالبة بوقف تنفيذ الإعلان الدستوري وإلغائه، في الرابع من كانون الأول المقبل.
الى ذلك، دعا البيت الأبيض الى الهدوء في مصر، وحثّ كل الأطراف على حل الخلافات بشأن الأزمة الدستورية.