حوار غريب ونادر عبر بث مباشر حدث، أول من أمس، بين القناة الثانية الإسرائيلية وفضائية «الأقصى» التابعة لحركة «حماس»، قد يكون الأول من نوعه، لا بين هذين الطرفين فقط، وإنما بين أي قناتين تلفزيونيتين في أي مكان. اشتمل الحوار، وفقاً لوكالة «سما» الفلسطينية، على تبادل معلومات بين الطرفين، تارةً باللغة العربية وطوراً بالعبرية حول الأوضاع في غزة والتوجهات السياسية في تل أبيب، على الهواء مباشرة، من خلال شاشة التلفاز من دون استخدام الهواتف أو أية أدوات اتصال أخرى.
وبدأ الحوار بدون تخطيط مسبق عندما كان الصحافي والمحلل الإسرائيلي إيهود ياعاري يراقب القناة التابعة لحركة «حماس»، في الوقت الذي كان يشارك فيه بالنشرة الإخبارية للقناة الثانية ضمن طاقم الصحافيين والمحللين. وتنبه من خلال الشاشة الصغيرة الموجودة في الاستديو إلى أنه يشاهد نفسه وزملاءه عبر البث المباشر لقناة «الأقصى» التي كانت تنقل النشرة الإخبارية الإسرائيلية، يرافقها ترجمة فورية للعربية بصوت مترجم فلسطيني. عندها فاجأ ياعاري مقدمة النشرة الرئيسية قائلاً: «أريد أن نقوم الآن بتجربة»، مضيفاً: «قناة حماس تقوم بنقل نشرتنا على الهواء مباشرة برفقة مترجم، انظروا يمكننا أن نرى هذا من خلال الشاشة المعلقة على الحائط (في الاستديو)، وأنا أتوجه الآن إلى مترجم حماس ببث مباشر (من خلال الشاشة)، أخبرني... أنت في الأقصى، ما رأيك في البث الخاص بنا حتى الآن؟». وأضاف «أنا أسألك: هل هناك هدنة أم ليس هناك هدنة؟».
وتلقى المترجم الفلسطيني السؤال وعمد الى ترجمته للمشاهدين من العبرية إلى العربية، ثم جاءت إجابته: «أنا أسمعكم. أنا منذ سنوات، منذ كنت في السجن وأنا أسمعك وأنت جيد جداً بالتحليلات».
وبدا ياعاري معجباً بنجاح محاولته في مخاطبة الطرف الآخر من خلال الشاشة، وبالإطراء الذي سمعه من المترجم الفلسطيني المدعو منصور، كما تبين من سياق المحادثة، والذي بدوره أيضاً وجّه سؤالاً لإيهود يعاري قائلاً: «أنا أسألك: هل هناك هدنة أم ليس هناك هدنة؟ اليوم (رئيس المكتب السياسي لحماس خالد) مشعل قال إن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو طلب وقفاً لإطلاق النار، هل نتنياهو هو الذي طلب وقفاً لإطلاق النار؟».
ولم تتأخر الإجابة الإسرائيلية، فأجاب ياعاري بلغته العبرية: «أنا أعتقد أنه في نهاية المطاف سيكون هناك وقف لإطلاق النار. على حماس أن تفهم أنه لن يكون هناك ما يمكن أن يظهر على أنها هي التي انتصرت. ولكن أخبرني ما هو الوضع في غزة الآن؟ كيف هي الحالة النفسية والمعنوية؟».
ورد المترجم الفلسطيني بالعبرية قائلاً إن الوضع ممتاز، حتى دخل إلى البث صوت آخر لأحد العاملين في القناة مخاطباً المترجم: «قل له يا أستاذ منصور إن الوضع في غزة جبهة داخلية قوية»، فقام منصور بترجمة ذلك.
ثم تابع منصور حديثه عن الأوضاع بالعربية، محذراً من أي حماقة يمكن أن يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة، فقاطعه الإسرائيلي مطالباً إياه بالحديث بالعبرية، وبعد بضع رسائل متبادلة انتهت التجربة.
(الأخبار)