في 17 تشرين الثاني، بحسب صحيفة «هآرتس» اليومية، أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي، بخصوص غزّة، أن «الهدف من هذه العملية هو إعادة قطاع غزّة إلى العصور الوسطى. عندئذٍ فقط سيسود الهدوء في إسرائيل لأربعين عاماً».
يتعلق الأمر بتصريح «إنساني» لدولة ديموقراطية. بشكلٍ عام، يهدد المتحضّرون بإعادة البربريين إلى العصر الحجري (ونحن كنا نعتقد أنّهم في ذلك العصر أصلاً). هنا يظهر الوزير الاسرائيلي أكثر اعتدالاً: ففي النهاية، العصور الوسطى أفضل من حقبة ما قبل التاريخ...
أعلن قائد القوات الأميركية في فيتنام ما بين عامي 1964 و1968، الجنرال وليام ويستمورلاند، بخصوص هذه الدولة التي يسحقها تحت قنابله: «يتلخّص حلّي للمشكلة في أن أقول صراحة (للفيتناميين الشماليين الشيوعيين) أن يتوخّوا الحذر ويوقفوا اعتداءاتهم وإلا فسننهال عليهم بالقنابل لإعادتهم إلى العصر الحجري. وسنرجعهم إلى العصر الحجري باستخدام قواتنا الجوية والبحرية لا قواتنا البرية»، كتاب Mission With LeMay : My Story (عام 1965) ص. 565.

ثم أعلن ويستمورلاند، في وقتٍ لاحق، أنّه كان يودّ القول ببساطة إنّ «الولايات المتحدة تملك القدرة على إعادة الفيتنام إلى العصر الحجري، لا إنّها ستفعل ذلك».
في مقالٍ عن السينما الأميركية والحرب نُشِرَ في صحيفة «لوموند ديبلوماتيك»، العدد الصادر عن نيسان 2002 بعنوان «تصوير صراع فيتنام»، متوافر على DVD، يكتب إيغناسيو راموني: «يروي ضابط أميركي لطلاب مدرسة انطباعاته عن الهند الصينية: الفيتناميون متخلفون وبدائيون جداً؛ يوسّخون كل شيء. من دونهم، ستصبح فيتنام بلداً جميلاً».
ندرك بوضوح تام الأسف على حل جذري «لا شعب، لا مشكلة» على طراز «الحل الهندي» الذي سعى الجنرال ويستمورلاند، قائد فرقة التدخل السريع، إلى تطبيقه من دون أي رادعٍ أخلاقي، لأنّه، كما يقول، «يعلق الشرقيون قيمة أقل على الحياة من الغربيين». وقد أعلن في مقابلة معه: «لا يعلّق الشرقي القيمة الكبيرة نفسها على الحياة كما الغربي. الحياة وافرة. الحياة رخيصة في الشرق».
نعتقد أننا سمعنا بعض المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون عن ثمن الحياة لدى الفلسطينيين. عشية الهجوم على العراق، بعد اجتياح الكويت، في 2 آب 1990، قال الرئيس (الأميركي جورج) بوش الأب أيضاً: «سنعيدهم إلى العصر الحجري»، (نجد هذا الاقتباس في نصوص كثيرة، لكن لم أجد مراجع محددة _ تاريخ، أصل، إلخ: إذا وجدها أي قارئ، شكراً على إرسالها إليّ).
في مقالٍ آخر في صحيفة «لوموند ديبلوماتيك» بعنوان «تحقيق السلام» Gagner la paix، (شباط1991)، كتب إيغناسيو راموني: «منذ 19 كانون الثاني [1991]، قدّرت واشنطن أنّ العراق «ينبغي أن يُدمَّر عسكرياً، بمعزل عن انسحابه من الكويت».
وقد اعترف (الرئيس الفرنسي) فرانسوا ميتران: «لا بد من تدمير القدرة العسكرية الصناعية للعراق بطبيعة الحال».
كذلك، في نيسان 2010، أعلن وزير إسرائيلي، في مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، أنّه إذا استهدف صاروخ لحزب الله بلده، فـ«ستدمّر إسرائيل البنية التحتية لسوريا وتعيدها إلى العصر الحجري» ( ذُكِر هذا القول على موقع «واي نت Y-Net» الإلكتروني ضمن مقالٍ بعنوان «تقرير: إسرائيل تهدد بإعادة سوريا إلى العصر الحجري»، (18 نيسان 2010).
في أيلول 2012، كشفت الصحافة أنّ لدى الجيش الإسرائيلي خططاً لـ«إعادة إيران إلى العصر الحجري». مقال بعنوان «قد تعيد إسرائيل إيران إلى العصر الحجري بواسطة القنبلة الإلكترومغناطيسية»، صحيفة «ذا تايمز أوف إسرائيل»، (9 أيلول 2012).
وإذا ما تساءلتم عن القانون الدولي، تمعّنوا في هذه الجملة التي قالها خبير ألماني في نهاية القرن التاسع عشر: «يستحيل القانون الدولي حبراً على ورق إن كنا نسعى إلى تطبيق مبادئه على الشعوب البربرية. فلمعاقبة قبيلة زنجية، لا بدّ من حرق قُراها، إذ لن يتحقق شيء ما لم نجعل منها عِبرة. ولو طبّقت الإمبراطورية الألمانية القانون الدولي في حالات مشابهة، فلن يُعتبَر ذلك إنسانياً أو عادلاً بل سيُعتبَر ضعفاً مخزياً». ذُكر ذلك في كتاب «علامَ يُطلَق اسم فلسطين» De quoi la Palestine est-elle le nom? ، للكاتب ألان غريش.