عادت غزة واخبارها الى ازقة المخيمات في بيروت. اللاجئون الفلسطينيون وفي اللحظة التي سقط فيها نائب القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري شهيداً، عرفوا ان الامور في القطاع تتجه الى حرب. هؤلاء كانوا يعرفون الرجل بالاسم فقط. وهو بالنسبة اليهم، مثل الحاج عماد مغنية، رجل أفنى عمره في العمل المقاوم. لم يكن وجه الجعبري معروفاً لدى البعض. آخرون تعرفوا إليه للمرة الاولى وهو يرافق الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليط خلال عملية تبادل الاسرى عام 2011. عندما اغتيل الجعبري شعر الفلسطينيون بأن الفقيد ابنهم وواحد منهم.
منذ تلك اللحظة، تبدلت اولوياتهم. فالأهم الآن متابعة أخبار قطاع غزة. اعتقدوا انهم سيعيشون مجدداً ما عاشوه خلال عملية «الرصاص المصهور» عام 2008. لكن الحرب هذه المرة مختلفة. تل ابيب تقصف، وكتائب القسام اسقطت طائرة من دون طيار. في هذه الحرب انتظر الفلسطينيون الغد ليسمعوا أخباراً ومفاجآت من كتائب القسام وسرايا القدس والاقصى.
هكذا، وعلى مدى الايام الثالثة الماضية، تسمر الفلسطينيون امام شاشات التلفزة. بعضهم قرر عدم الذهاب الى العمل. آخرون انهوا اعمالهم باكراً لمتابعة اخبار القطاع. في هذه الحرب لم تكن الجزيرة المصدر الاساس للمعلومات، وخصوصاً ان المحطة القطرية ليست على مستوى ما يجري في غزة. المحطة الفلسطينية في هذه الحرب هي قناة الميادين.
كانت الاخبار الآتية من غزة جنونية، والمفاجآت التي اعلنتها الفصائل الفلسطينية أدخلت الفرح في قلوب اللاجئين. فبعد اعلان اسقاط طائرة استطلاع أفرغ بعض المتحمسين رصاص بنادقهم في فضاء المخيم. ليلة أول من امس بقي اللاجئون في المقاهي القريبة لمنازلهم. صوت مراسلي الميادين ملأت فضاء مخيم برج البراجنة. الاناشيد الثورية كانت هي الاخرى حاضرة . بالطبع ابناء حماس وانصار الحركة الاسلامية كان اكثر من يرحب بهم.
بالطبع في مثل هذه الفترات التي اعتاد الفلسطينيون ان يعيشوها، تكون «البقلاوة» حاضرة دائما لتوزيعها على الحضور عند ورود كل خبر جميل عن غزة. هكذا، عاش ابناء مخيم برج البراجنة ما يعيشه ابناء القطاع. توتر، فرح، حزن، وافتخار بقدرة المقاومة على استهداف تل ابيب. ففي النهاية هذا اسلوب «غزة في اعلان جدارتها بالحياة».