رغم أن الانتخابات الإسرائيلية قد تشكّل، بدايةً، فرصةً لرئيس وزراء يميني، مثل بنيامين نتنياهو، كي يحقِّق مكاسب شعبية عبر عمليات أمنية واستعراضية يبدو فيها زعيماً حازماً وشجاعاً في اتخاذ القرارات التي تتصل بأمن إسرائيل، لكن ما ظهر حتى الآن أنّ الحلقة الأضعف في منظومة المقاومة على مستوى المنطقة، أي قطاع غزّة، باتت قادرة على فرض معادلات من النوع التي يجبر صانع القرار في تل أبيب على التردّد طويلاً في اتخاذ قرارات أمنية بعيدة المدى، بل والالتزام بضوابط محددة خلال تنفيذ ضربات عسكرية مدروسة، حتى من موقع ردّة الفعل.
ولعلّ ما يميز جولة التصعيد الحالية في قطاع غزة، المنسوب المرتفع للدعوات الإسرائيلية إلى شنّ عمليات عسكرية واسعة في قطاع غزة، والتي تحاول أن تبدّد، على ما يبدو، تقديرات تسود في الطرف المقابل، بأنّ إسرائيل تُدرك تماماً محدودية خياراتها العسكرية، والتي فرضت عليها حتى الآن الالتزام بقواعد محدّدة في الردّ والمبادرة في القطاع، وذلك بفعل المستجدات التي شهدتها الساحة المصرية، وتطور القدرات الصاروخية، لفصائل المقاومة في غزّة، التي باتت قادرة على استهداف تل أبيب، بصواريخ «فجر الإيرانية»، كما تؤكد المصادر الإسرائيلية.
هذا الواقع الميداني والسياسي المتداخل مع الواقعين الإقليمي والدولي، دفع وزير الدفاع ايهود باراك إلى القول إن «إسرائيل ستعمل على استعادة قدرة ردعها في مقابل «حماس»»، مضيفاً أن «القضية لم تنته. ونحن سنقرر كيف ومتى نعمل عندما يكون هناك حاجة لذلك». كما دفع أيضاً نائب رئيس الحكومة الاسرائيلية، سيلفان شالوم، إلى القول إن لجوء إسرائيل إلى سياسة «الإحباط المركز» أو «الدخول في عملية برية يأتي في ظل انعدام الخيارات البديلة». وكما الآخرون، لم يفت شالوم التأكيد على اللازمة، التي تثبت عكسها، وهي تبرئة القيادات السياسية من الاعتبارات الانتخابية، في أي قرار أمني يتخذونه بخصوص قطاع غزة.
أما المصادر، التي لم تكشف عن أسمائها، فقد كانت أكثر صراحة في تحديد الواقع الذي تواجهه إسرائيل، عبر التأكيد على أن وجهة إسرائيل ليست نحو التصعيد، بالرغم من تزايد الدعوات في الأوساط السياسية والأمنية إلى عملية عسكرية في قطاع غزة. وهو ما أكده أيضاً مصدر أمني رفيع بالقول إن إسرائيل تبحث حالياً عن السبل لتعزيز الردع في مواجهة «حماس»، لكن من دون جر المنطقة إلى تصعيد، واصفاً الخطوات الإسرائيلية كما لو أنها تسير على حبل دقيق، وخصوصاً أن «هناك خشية تطرح في النقاشات حول إمكانية إطلاق صواريخ بعيدة المدى وإدخال المزيد من الإسرائيليين في دائرة النار».
وإذا صح ما نقلته صحيفة «معاريف»، من أن ردّ مصر على رسالة إسرائيلية كان التأكيد على الضرب بشدّة في حال فشل وساطات وقف النار، عبر التهديد بسحب سفيرها من تل أبيب، يصبح القيد السياسي الإقليمي أكثر حضوراً في اعتبارات الحكومة الإسرائيلية، التي عقد نتنياهو اجتماعاً لها لبحث سبل «الردّ»، حيث أكّدت الإذاعة الإسرائيلية، أنّ إحدى الخيارات التي طُرحت في النقاش العودة إلى سياسة اغتيال قيادات «حماس» في غزة.
لكن في موازاة ذلك، تدرك فصائل المقاومة الفلسطينية أنّ الكبح الإسرائيلي عن الخيارات العسكرية الواسعة ليس مطلقاً، إذ في حال أدرك نتنياهو أن التصعيد الأمني قد يهدّد مستقبله في رئاسة الحكومة، سيجد نفسه مضطراً إلى تجاوز العديد من الاعتبارات والذهاب في خيارات عسكرية أكثر عنفاً، وخصوصاً أنّه سيكون مظللاً بشعار حماية أمن إسرائيل التي «من حقها وواجبها الكاملين الدفاع عن مواطنيها»، كما أوضح لسبعين سفيراً أجنبياً عقد لهم اجتماعاً في عسقلان الواقعة في جنوب إسرائيل، وعلى مرمى الصواريخ الفلسطينية.
في السياق نفسه، أكّدت صحيفة «هآرتس» أن إسرائيل تدرس سلسلة من الخطوات الهجومية ضد «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى في القطاع، يمكن أن تشمل إلى جانب اغتيال ناشطين أساسيين في المنظمات الفلسطينية، المس بشكل منهجي بالبنية التحتية وبرموز سلطة «حماس» في قطاع غزة. وضمن هذا الإطار، تتكثَّف الجلسات التشاورية للمستويين السياسي والعسكري في إسرائيل، من أجل اتخاذ القرار حول أسلوب العمل المطلوب ضدّ «حماس».
ورفضت مصادر أمنية رفضت الإفصاح عن طبيعة القرارات المتخذة، لكنها لّمحت إلى أن إسرائيل لم تستنفد ردّها حتى الآن، وأنها تتوقع مسارات عسكرية نوعية في الفترة القريبة. وأكدت «هآرتس» أنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يفضل في هذه المرحلة الامتناع عن عملية برّية نوعية في القطاع، والاكتفاء بتوسيع الاستهداف عبر سلاح الجو، الذي كان معتدلاً حتى الآن. لكن في الوقت الذي تبحث فيه القيادة الإسرائيلية عن الأعذار أمام جمهورها، لامتناعها أو على الأقل تأخرها في ردود أكثر شدّة حتى الآن، لفتت الصحيفة الى أن سلاح الجو يواجه قيوداً مناخية تساهم في زيادة العراقيل أمام القيام بعمليات جوية فعالة.
وبحسب تقارير إعلامية اسرائيلية، يسود نوع من الرهانات في الوسط الإسرائيلي بأنّ ظروف وقف النار باتت أكثر نضجاً، سواء على خلفية اكتفاء فصائل المقاومة بما تحقق من انجازات معينة دون دفع أثمان كبيرة، أو لوجود خشية حقيقية من أن تكون إسرائيل جدية في تهديداتها.
في غضون ذلك، قال الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، إن على «حماس» الاختيار بين غزة في حالة تطور أو في حالة انفلات ومن دون أمل. وأضاف في كلمة ألقاها في الكلية الأكاديمية تل أبيب ـ يافا، أنه «لا يوجد التباس هنا: إذا أردتم حياة طبيعية أوقفوا إطلاق الصواريخ». ورأى أن «الأولوية الحالية للحكومة يجب أن تكون لسكان الجنوب»، معتبراً أن «على الساسة الالتزام بالصمت خلال هذه المرحلة وإفساح المجال أمام الجيش للعمل وفقاً لاعتباراته».
أما وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي، فوجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، هدّد فيها قائلاً «قبل أن تقرر إسرائيل وقت وقوة الرد، أطلب تدخلاً فورياً لردع ووقف النشاط الإرهابي لأصحاب القرار في غزة».



هنيّة: التهديدات لا تخيفنا

قال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، أمس، إن التهديدات الإسرائيلية باغتيال شخصيات سياسية «لا يمكن أن تخيفنا، ولا يمكن أن تنال منا وتحطم صمودنا». وأضاف أن «الهجمة الأخيرة على الشعب الفلسطيني والمقاومة لا يمكن أن تكسر من إرادتها وتنال من قدرتها على الصمود والثبات في مواجهته». وأشار الى أن «الحكومة تحرّكت منذ بداية العدوان في أكثر من مسار للجم الاحتلال، أبرزها التحرك السياسي والدبلوماسي مع الدول العربية المجاورة، وخاصة مصر، إضافة إلى المؤسسات الإقليمية والدولية».
(يو بي آي)

شهيد متأثراً بجراحه

أفاد مصدر طبي فلسطيني بأن مقاوماً فلسطينياً استشهد أمس متأثراً بجروح أصيب بها بقذيفة دبابة إسرائيلية السبت الماضي شرق مدينة غزة. وقال الطبيب أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة في الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة لوكالة «فرانس برس»، «استشهد محمد زياد قنوع البالغ من العمر 20 عاماً متأثراً بإصابته». وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، في بيان، إنها «تزف الشهيد القسامي محمد قنوع من حي الشجاعية متأثراً بجراح أصيب بها في القصف المدفعي».
(أ ف ب)

إخوان مصر يدعون للاحتجاج ضد العدوان

دعت جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى وقفات احتجاجية يوم الجمعة المقبل تضامناً مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وضد الاعتداءات الإسرائيلية التي يتعرض لها. وقالت في بيان إن «ما يحدث في غزة من تعدّ صارخ على الأرواح والممتلكات وانتهاك للقانون الدولي يعبِّر عن أكذوبة السلام الصهيوني المزعوم». وأضافت أن «قادة الكيان الصهيوني واهمون إذا اعتقدوا أن العرب والمسلمين مشغولون بهمومهم الداخلية وقضاياهم الخلافية عن قضيتهم المحورية والأساسية وهي قضية فلسطين».
(يو بي آي)