تشهد منطقة رأس العين الواقعة في المنطقة الشرقية شمال سوريا، اشتباكات بين الجيش السوري و«الجيش الحر»، وسط نزوح السكان منها، بعدما تحولت إلى هدف لإقامة منطقة عازلة منشودة للاجئين، إثر صمود بلدة حارم ومقاومتها المستميتة منعاً من الاستسلام والوقوع في يد كتائب الجيش الحر.
خديجة، الأم النازحة إلى القامشلي مع أولادها الثلاثة روت ما يجري في البلدة قائلةً «إنهم يظنون ثورتهم الثورة الفرنسية، فينفّذون الإعدامات الميدانية ببعض الموجودين في مقهى (أحمد كان) على أنهم شبّيحة».
فبعد سقوط معبر تل أبيض الحدودي التابع لمدينة الرقة، شهدت رأس العين أو (سري كانيه) حسب اسمها الكردي، معارك طاحنة أخيراً بين الجيش السوري وكتائب الجيش الحُر، حيث جرت تصفية أعداد كبيرة من عناصر الجيش والقوى الأمنية بتنفيذ إعدامات ميدانية وثّقتها تسجيلات مصورة توضّح وحشيّة الصراع على البلدة التي تعود إلى ما قبل عام 3500 قبل الميلاد.
البلدة التي قاومت الفتوحات الإسلامية، لم تستطع الصمود طويلاً في عصر سوريا الثورة، فسقطت بعد مقاومة مؤسساتها الحكومية وحرس حدودها الذين استماتوا في الدفاع عنها إلى أن نفدت الذخيرة في ملحمة جديدة أثّرت بمؤيدي النظام السوري، أسوةً بما يجري في بلدة حارم على الحدود الشمالية الغربية، وكما جرى منذ أشهر مع عناصر أمنية في جسر الشغور.
إذاً، البلدات الحدودية عرضة للسقوط بيد المعارضة المسلّحة المدعومة عبر الحدود التركية، بدءاً بالإمدادات التي لا تتوقف، وليس انتهاءً بسيارات الإسعاف التركية العابرة للشريط الحدودي بهدف نقل مقاتلي الجيش الحُر المصابين جرّاء المعارك الدائرة في المنطقة.
انطلاقاً مما يصل من أخبار، يخيّل للمتابع أن المعارضة ستتدلّل، في ما يبدو، لاختيار المنطقة العازلة التي تشاء، بحسب ما تُطلقه التنسيقيات من أخبار عن تحطّم معنويات الجنود السوريين. لكن هذه الأخبار خفّت حماستها مع بدء الطيران السوري بالتحليق أخيراً في سماء المدينة، والأمل بتحرير الكتيبة السورية المحاصرة في قصر أصفر نجّار، حيث يقاتل عناصرها بما يملكونه من أسلحة بانتظار التعزيزات.
تتبع بلدة رأس العين إدارياً لمحافظة الحسكة في الجزيرة السورية، وتبعد عن مركز المدينة 85 كيلومتراً. وفيما تتوزع على مساحة تقدّر بـ 23 كيلومتراً مربعاً، تشتهر بعيون الماء الكثيرة فيها، ومن هُنا جاءت تسميتها. إلا إن بحاراً من الدم تنتظر المدينة بعدما أُفرغت من أهلها. ويروي جورج، نازح من رأس العين إلى القامشلي، تفاصيل ذبح عائلة كاملة في منزله بسبب أصولها الطائفية العائدة إلى الساحل السوري، واصفاً المجزرة بأنها جرت بدم بارد بينما كان وأولاده يتوسلون القتَلة العفو عنهم. قال جورج: «أحرقوا منزلنا بعد إخراجنا منه، وجثث الضحايا في الداخل».
وفيما يلجأ جورج مع عائلته إلى منزل أقربائه في القامشلي، يغيب النوم عن أهالي البلدة بسبب خشية سكانها من أن تمتد أعمال العنف إليها. ويشرح دوري، أحد سكان القامشلي، خشيته من «تهديدات بوصول المسلّحين إلى المدينة». ووفقاً لدوري، فإن رأس العين وقرية أبو راسين قد فرغتا من سكانهما، فيما أُعدم 30 من العسكريين الموجودين في المدينة وخطف 5 منهم إلى الداخل التركي. ويضيف: «أقاربنا من رأس العين قد هجروها، إثر تفخيخ جميع مداخل المدينة واستشهاد أحد أفراد العائلة هُناك».
ويوضّح جورج كيفية «سقوط البلدة بعد خيانة البعض من سكانها العرب، ولا سيّما بعدما شكّل أكراد البرزاني بيئة حاضنة وخلايا نائمة دخلت المدينة عبر تل حلف بالتزامن مع دخول مسلّحين من تركيا». ويحمّل جورج الدولة السورية المسؤولية إن لم تدافع عن مواطنيها، لافتاً إلى أن المدينة مؤيدة بمجملها، بعربها وشركسها ومسيحيّيها وحتى أكرادها. ويتابع: «المدينة مهدّدة منذ أشهر. وهي تنتظر الإمدادات منذ شهر كامل دون جدوى». بصوت مجروح يؤكد جورج ودوري أن الأقسى مما تعرّضت له عائلتاهما: «كنيسة مار آسيا العجائبية للسريان برأس العين بعدما أصبحت مركزاً للمسلّحين». وبحسب المعلومات الأخيرة لديهما، عادت المدفعية السورية لدكّ مواقع الجيش الحر. أما شيرو، فلاح كردي من البلدة، فيلعن كل شيء. هو الذي ترك في أرضه سماداً بقيمة مليون ليرة، وتخلى مقابل سلامته عن كل ما يملكه فمضى نازحاً. ويؤكد شيرو أنه رفض نداءات أرسلها إليه عناصر من الجيش الحر لكي يعود، خشية أن يكون الأمر فخاً بهدف الاستفادة من وجود المدنيين لاستخدامهم دروعاً بشرية.
من جهته، أفاد مكتب «سري كانيه» لاتحاد الصحافيين الكرد السوريين أن «حوّامة تابعة للجيش السوري حلّقت في أجواء مدينة سري كانيه»، وبعد تأكّدها من رصد مواقع الجيش الحُر من طريق «الأقراص المراقبة» قذفت موقع كتيبة غرباء الشام بأربعة صواريخ، ما أدى إلى مقتل أحد عناصر الكتيبة وجرح ثلاثة آخرين، لتنهال بعد ذلك «صواريخ المدفعية الثقيلة على موقع الكتيبة في أصفر نجار، ويستمر القصف عدة ساعات».
وشنّت صفحات كردية معارضة حملة اتّهامات على الجيش السوري، الذي بدأت مروحياته استهداف مواقع للجيش الحر في البلدة، بقصف صوامع تل حلف التي تسيطر عليها كتيبة غرباء الشام، ما أدى إلى اشتعال النار في مستودعات الحبوب. كذلك أطلقت مدافع الجيش السوري المتمركزة في حاجز قرية العاليه قذائف طاولت تل حلف وأصفر نجار والمعبر الحدودي.
شخصيتا الجيش الحر الأشهَر خلال الأزمة هما مهيمن، قائد كتيبة غرباء الشام، الذي يملك مطعماً في البلدة أطلق عليه اسم باب الحارة، وعضو مجلس الشعب المنشق محمد الحلو، الذي أسّس بدوره كتيبة استهلّت أعمالها بمهاجمة المفرزة أمنية. وتعمّ الفوضى المدينة وسط إغلاق مجموعات كردية عدداً من المدارس إثر تهديد إداراتها بتدريس اللغة الكردية فيها أو إغلاقها. ويظهر عبر موقع اليوتيوب خلاف بين عناصر من الجيش الحر وبعض الأكراد على رفض رفع العلم الكردي، أسوة بعلَمي الثورة والقاعدة.
أما الدولة فتفقد هيبتها في رأس العين، إذ تتخلى عن مؤيديها، بحسب النازحين من المنطقة. وبين تضارب المعلومات عن مشاركة عناصر أتراك في العمليات العسكرية، يبقى السؤال: هل يحسم سلاح الجو ما عجزت عن حسمه سواعد الجنود الذين قضوا بعد نفاد الذخيرة، أم تطول معركة الوصول إلى إعلان المنطقة العازلة المنشودة؟



عدد النازحين في سوريا 2.5 مليون

قالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ميليسا فليمينج، «إن عدد النازحين بسبب الحرب في سوريا لا يقلّ عن 2.5 مليون شخص حالياً، حسب الهلال الأحمر السوري. لكنهم يعتقدون أنه قد يكون أكبر من ذلك، وأن هذا تقدير يتّسم بالتحفظ الشديد». وتابعت «الناس يتحركون ويفرّون ويختبئون. يصعب إحصاؤهم والوصول إليهم». وكانت وكالات الإغاثة تعتقد من قبل أن عدد النازحين داخلياً في سوريا يقرب من 1.2 مليون شخص. وقالت فليمينج إنّه «يعتقد أنّ خمسة في المئة فحسب يقيمون في منشآت عامة، مثل المخازن والمدارس، ويقيم الباقون لدى أسر تستضيفهم، ما يزيد من صعوبة إحصائهم».
(رويترز)

«مجلس التعاون» يبحث الأزمة السورية مع لافروف

أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، أنّ وزراء خارجية المجلس سيعقدون اليوم اجتماعاًَ مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الرياض لبحث الأزمة السورية وتطوراتها.
وقال الزياني، في بيان، «إن اجتماع وزراء خارجية التعاون مع لافروف يأتي في ظلّ إمعان النظام السوري في استخدام آلته العسكرية في سفك دماء الشعب السوري وتدمير مدنه، وفي ضوء تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية».
(يو بي آي)

مطالبة المعارضة بوقف انتهاكات مقاتليها

طالبت منظمتا العفو الدولية و«هيومن رايتس ووتش» ائتلاف المعارضة السورية بأن يضع على رأس أولوياته وقف «الانتهاكات» التي يرتكبها بعض مقاتليه. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إنّه يتعيّن على الائتلاف «أن يرسل رسالة واضحة لمقاتلي المعارضة بالالتزام بقوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مع محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات».
(أ ف ب)