في موقف لافت على صعيد الأزمة السورية، لم يستبعد رئيس الأركان العامة البريطانية، ديفيد ريتشاردز، إمكان حدوث تدخّل عسكري في سوريا خلال فصل الشتاء، تزامناً مع كشف صحيفة «ديلي ستار صاندي» عن وجود خطة جديدة بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الأميركي باراك أوباما تقضي بأن تقوم مقاتلات تابعة لسلاح الجوّ البريطاني بدوريات في سماء سوريا «قريباً». ورأى ريتشاردز، في حديث تلفزيوني، أن بريطانيا لا تستبعد إمكان تدخّل عسكري محدود في سوريا، مشيراً إلى أن «التدخّل العسكري لبريطانيا في سوريا هو بلا شكّ ما ينبغي علينا دراسته في الوقت الراهن. فالوضع الإنساني في البلاد يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، وهو ما قد يؤدي إلى تدخل محدود في هذا البلد». وأضاف «على المجتع الدولي أن يحدّد الطريقة والكيفية المناسبة لتنفيذ هذه العملية». وأوضح ريتشاردز أنه يمكن إرسال فصائل غير كبيرة إلى سوريا في شتاء العام الجاري، قبل أن يستدرك بالقول: «نحن ندرس بصورة مستمرة الحلول الممكنة لهذه المشكلة. ويتلخص عملي في تقييم هذه الخطط ومدى إمكان تنفيذها».
في السياق، ذكرت صحيفة «ديلي ستار صندي» أنّ مقاتلات تابعة لسلاح الجوّ الملكي البريطاني يمكن أن تقوم بدوريات في سماء سوريا قريباً، في إطار خطة جديدة بين كاميرون وأوباما. وقالت الصحيفة إن كاميرون «يعدّ لاستخدام سلاح الجوّ الملكي من أجل فرض حظر على الطيران في جميع أنحاء سوريا». ونبّهت إلى أن كاميرون وأوباما «يدرسان أيضاً القيام بعمل عسكري في سوريا وتسليح المتمردين رسمياً»، فيما سيكون الموضوع السوري على رأس جدول أعمال مجلس الأمن القومي التابع للحكومة البريطانية في اجتماعه المقرر هذا الأسبوع. ونقلت الصحيفة عن مصادر حكومية أنّ «وحدات من القوات الخاصة البريطانية تساعد في تدريب فرق اغتيال تابعة للمتمردين السوريين على استهداف الرئيس بشار الأسد ومساعديه، وفي تدريب قوات هذه الفرق على استخدام أسلحة ومتفجرات جديدة». وأشارت الصحيفة إلى أن المرحلة الأولى من الخطة «تنطوي على إقامة منطقة حظر الطيران ستتولى حمايتها قوات بريطانية وأميركية وفرنسية، وملاذات آمنة في سوريا وتركيا والأردن». ونسبت الصحيفة إلى مصدر في الحكومة البريطانية قوله إن «الكثير من عناصر الجيش السوري الحر جنود سابقون ويعرفون كيفية إطلاق النار، لكنهم يحتاجون إلى المزيد من التدريب من قواتنا الخاصة، ولا سيّما ما يتعلق بالاشارات الرئيسية ومعدات الاتصال». ميدانياً، شنّت الطائرات الحربية السورية غارات على مناطق في شرق البلاد، في حين دار اشتباكات جنوب الحسكة الحدودية.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إنّ الطائرات المقاتلة قصفت مدينة البوكمال في محافظة دير الزور. كذلك أشار المرصد إلى أنّ عدة أحياء من مدينة دير الزور «تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية، يرافقه تحليق للطيران الحربي». وفي محافظة الحسكة، أفاد المرصد عن «اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من عدة كتائب جنوب مدينة رأس العين» الحدودية مع تركيا، والتي سيطر عليها المقاتلون المعارضون يوم الجمعة. في المقابل، أعلن مصدر رسمي سوري أنّ وحدة عسكرية من القوات السورية استهدفت مجموعة مسلحة في دير الزور، وقتلت أفرادها، ومن بينهم شخص سعودي الجنسية. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن وحدة عسكرية من الجيش السوري استهدفت مجموعة مسلحة في حيّ الشيخ ياسين بدير الزور. وأضافت أنه عرف من بين القتلى «ياسر العنيزي»، وهو سعودي الجنسية. وفي محافظة إدلب، تعرضت مدينة معرة النعمان لقصف من القوات النظامية، بحسب المرصد السوري. كذلك أشار إلى تعرّض بلدة كورين في ريف المحافظة للقصف.
وكان المرصد قد أفاد عن وقوع اشتباكات منتصف ليل السبت الأحد بين «القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة في مدينة حرستا» في ريف دمشق.
وفي حلب، أفاد المرصد عن سقوط قذائف على أحياء الشعار، والسكري، وحلب الجديدة التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون.
في موازاة ذلك، انفجرت سيارة مفخخة، أول من أمس، في جنوب دمشق، ما أدى إلى إصابة تسعة أشخاص بجروح، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا». وقالت الوكالة «فجّر إرهابيون سيارة مفخخة بكمية من المتفجرات عند مدخل حيّ دف الشوك بدمشق». وقال المرصد إنّ الانفجار جاء بعد مهاجمة مقاتلين معارضين حاجزاً عسكرياً في حيّ التضامن، وتلت ذلك اشتباكات. كذلك أفاد المرصد عن «سماع دوي انفجار شديد مصدره ساحة عرنوس أو الجسر الابيض» غرب العاصمة.
وكانت ثلاثة انفجارات، بينها عمليتان انتحاريتان، وقعت في مدينة درعا. واستهدفت بحسب المرصد مراكز عسكرية، وسبّبت مقتل عشرين عنصراً من القوات النظامية. في المقابل، قالت «سانا» إنّ الانفجارات ناتجة من سيارات مفخخة، وأنها وقعت قرب أبنية سكنية ومؤسسات مالية ومصرفية، مشيرة إلى وقوع سبعة قتلى بين المواطنين.
في محافظة الحسكة، سيطر مقاتلون أكراد، أول من أمس، على مدينة عامودا بعد انسحاب القوات النظامية منها، وذلك بعد ساعات من انسحابها من مدينتين أخريين في المنطقة نفسها، بحسب ما ذكر المرصد. وكان المرصد قد أفاد بأن «مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي سيطروا على مدينتي تل تمر والدرباسية». من ناحيته، أفاد المرصد بأنّ القوات النظامية السورية أحرزت تقدماً خلال الأيام الماضية على الطريق السريعة المؤدية إلى مدينة معرة النعمان، واستعادت عدداً من القرى الواقعة إلى شرقي الطريق السريع الذي يربط بين حلب ودمشق. من جهتها، ذكرت وكالة «سانا» أنّ الجيش السوري دمّر زورقاً ينقل مقاتلين في نهر الفرات شمال شرق سوريا.
في ريف دمشق، استمرت الاشتباكات بين القوات النظامية والمجموعات المقاتلة المعارضة، بحسب المرصد الذي أشار إلى وصول «تعزيزات عسكرية للقوات النظامية إلى محيط مدينة داريا».
إلى ذلك، أعلن التيار السلفي الجهادي في الأردن مقتل أحد أنصاره في مدينة درعا. وقال مصدر في التيار «إن المدعو صالح الطحان استشهد يوم الجمعة، خلال مواجهات مع الجيش السوري النظامي». وكان القيادي في التيار عبد شحادة، الملقب بأبي محمد الطحاوي، قد أعلن أول من أمس مقتل أحد أنصاره في مدينة درعا، هو عماد الناطور المكنّى بأبي حسان (37 عاماً)، خلال عملية «استشهادية» نفّذها في محافظة درعا.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)