رام الله | نيويورك | وزعت بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة، أول من أمس، مشروع القرار، الذي سيطرح أمام الجمعية العامة بهدف منح فلسطين عضوية الدولة المراقبة في الأمم المتحدة من دون المساس بالامتيازات والواجبات، التي نالتها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية.
القرار يستند إلى اعتراف 132 دولة بفلسطين، فضلاً عن المنظمات الإقليمية والدولية والمشاركة كدولة كاملة العضوية فيها، وإلى قرارات الشرعية الدولية والمجلس الوطني الفلسطيني، لاعتبار فلسطين ضمن أراضي 1967 بعد التفاوض على الحدود وقضايا الوضع النهائي. كما يؤكد الحاجة إلى «وسيلة يتم إيجادها بالتفاوض من أجل حل وضع القدس كعاصمة لدولتين».
مشروع القرار هذا ترفضه غالبية الدول الغربية أو تمتنع عن التصويت عليه، ومن المتوقع أن تتعرض الكثير من الدول الأخرى لضغوط شديدة من أجل الرفض أو الامتناع عن التصويت عندما يطرح في وقت لم يحدد بعد.
وأعلن الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية بالجامعة العربية، السفير محمد صبيح، أمس، أن القيادة الفلسطينية ستقوم بطرح طلب انضمام فلسطين غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة للتصويت أمام الجمعية العامة التابعة للمنظمة الدولية في النصف الثاني من الشهر الجاري.
ورغم إعلان السفير الفلسطيني، فإنه يتوقع تأجيل المسعى الفلسطيني، في ظل الضغوط التي تتعرض لها السلطة، والدول الأعضاء في الجمعية العامة، بغرض ثنيها عن التصويت لصالح المشروع أو الامتناع، ولا سيما بعد التجديد للرئيس الأميركي باراك أوباما لولاية ثانية.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، التقى الرئيس محمود عباس في عمان قبل يومين وجرى الحوار حول آلية تقديم الطلب. وقال صبيح «لدينا برنامج بهذا الأمر منذ اجتماعات مبادرة السلام العربية ووزراء الخارجية العرب، وهناك اتصالات دائمة مع بعثات الجامعة العربية لتأكيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتحفيز دول العالم على دعم التوجه الفلسطيني».
لكن المشكلة، بحسب صبيح، هي التوقع بأن تصوّت 115 دولة لصالح الطلب الفلسطيني، فيما ستعارض الطلب قرابة 27 دولة، وهي التي تقع تحت الضغط الأميركي الهائل، حسب قوله، وهناك 51 دولة مترددة في التصويت للطلب حتى اللحظة، رغم وجود وفود فلسطينية ودبلوماسيين عرب يقومون بإقناع المترددين للتصويت لفلسطين بهدف الحصول على أكبر دعم ممكن للطلب.
وأشار صبيح الى أنه «بخصوص الدول الخمس الكبرى، فإن روسيا والصين ستصوتان للطلب الفلسطيني، فيما طالبت فرنسا بضرورة رؤية نص الطلب لاتخاذ القرار بالتصويت أو عدمه حيث أن عباس على تواصل مع قصر الاليزيه لإقناعهم بالتصويت، أما بريطانيا فهي تطالب باستمرار بتأجيل تقديم الطلب، وأميركا، حدث ولا حرج، فهي من أشد الرافضين وتخوض معركة شديدة الوطأة لمنع تقديم الطلب».
وفي السياق، يتحرك مندوبون غربيون لدى الأمم المتحدة لثني مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، عن تقديم طلب العضوية نيابة عن رئيس السلطة محمود عباس. وتطلب الولايات المتحدة التي هددت الفلسطينيين بعواقب خطوة منفردة كهذه، منح الرئيس باراك أوباما بعض الوقت عقب التجديد له في الانتخابات، وعدم تعريضه لأي مضايقة من هذا النوع في بداية ولايته الثانية والأخيرة.
كذلك، لا تزال الجهود الاسرائيلية متواصلة من أجل زيادة عدد الدول الرافضة أو المترددة في دعم الطلب الفلسطيني، بحيث توجه وزير خارجية اسرائيل، افيغدور ليبرمان، أمس، الى العاصمة النمساوية فيينا، ليترأس اجتماعا يحضره سفراء اسرائيل في دول الاتحاد الأوروبي لبحث سبل اقناع الدول الاوروبية بعدم التصويت لصالح الطلب الفلسطيني.
وقال ليبرمان إن «الخطوة الفلسطينية الأحادية المرجحة تشكل خرقاً لقواعد اللعبة وتجاوزاً للخطوط الحمراء وستكون انعكاساتها بعيدة المدى». وكانت إسرائيل قد حذّرت في وقت سابق من أنّها ستُلغي بروتوكول باريس الاقتصادي، وتحرم السلطة الفلسطينية من العائدات الضريبية، التي يدفعها الفلسطينيون في حال المضي قدماً بالمطالبة بنيل العضوية. وقوبلت هذه الخطة الإسرائيلية بأخرى فلسطينية، حيث سبقت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، ليبرمان إلى النمسا لإقناع فيينا بالتصويت للطلب الفلسطيني.
والتقت عشراوي رئيس النمسا، هايتز فيشر، وبحثت معه الطلب الفلسطيني، والإجراءات المتوقعة بعد التصويت عليه، والدور النمساوي في دعم القضية الفلسطينية مع التأكيد على ضرورة أن تلعب النمسا دورا فاعلا وايجابيا في دعم التصويت لصالح دولة فلسطين بصفة مراقب في الأمم المتحدة الشهر الحالي.
وعلى المستوى الداخلي الفلسطيني، توقع وزير الاقتصاد الفلسطيني جواد الناجي، زيادة الوضع الاقتصادي الفلسطيني صعوبة بعد التوجه الى الامم المتحدة اذا ما استمر الحصار المالي الذي تفرضه اسرائيل على السلطة وعدم ايفاء الدول العربية بالتزاماتها المالية للسلطة الفلسطينية. وأكد أن الوضع الاقتصادي يتأثر بالوضع المالي للسلطة حيث يؤثر على استثمارات الدورة المالية وحركة السوق، موضحاً أن فلسطين تواجه صعوبات مالية وسياسية واقتصادية خلال هذه الفترة في ظل مساعي القيادة الذهاب الى الامم المتحدة. كل ذلك بسبب الاجراءات الاسرائيلية التي تعيق حصول الفلسطينيين على حقهم المشروع.
وأشار الناجي الى ان الوضع الاقتصادي في فلسطين خلال العام الجاري 2012 أصعب بكثير من الوضع الذي كان عام 2011 نتيجة القيود التي تفرضها اسرائيل على حركة البضائع والمستثمرين. وقال ان الجانب الاسرائيلي يمنع السلطة والقطاع الخاص من استخدام موارده لأغراض التنمية في فلسطين وخاصة الاراضي في ما يعرف بمناطق «C» التي تشكل قرابة 62 في المئة من اجمالي اراضي الضفة الغربية.