حلب | لم توقف الأمطار الغزيرة، التي هطلت فجر أمس الخميس على حلب، المعارك المستمرة بين الجيش والجماعات المسلحة. فقد تمكّن المسلحون من احتلال حيّ الأشرفية، الذي تسكنه نسبة وازنة من الأكراد. وتقدموا نحو حيّ السريان الجديد، وأقاموا حواجزهم في بعض شوارعه. وفي تقدمهم في حيّ السريان الجديد، استولوا على «مول» تجاري، وتمركز عدد منهم مع آليات مزوّدة برشاش «دوشكا» على ناصية الشارع المؤدي منه إلى الحيّ، فيما تقدّم آخرون من دوار حديقة الأشرفية باتجاه الجزء الغربي من الحيّ.
وفيما أحكم المسلحون الانتشار في الحيّين في ساعات الصباح، تقدمت بعد الظهر وحدة من الجيش السوري معززة بمدرعات باتجاه حيّ الأشرفية عبر حيّ الجلاء، وانتشرت وحدة أخرى بالقرب من جامع الرحمن، الواقع بين شارعي تشرين وفيصل، وهما امتداد لمدخل حلب الشمالي، استعداداً لتطهير حيّ السريان، وفقاً لمصدر أمني. وأضاف المصدر إنّ تقدم المسلحين، الذين صبّوا جهودهم كلّها في هذا المحور، هو للحصول على موطئ قدم عشية الهدنة المتوقعة، ولاتقاء ردّ فعل السلطة ومنعها من استعادة الحيّين مع دخول الهدنة المفترضة موضع التنفيذ.
وقال ماهر شعار، وهو من سكان حيّ السريان، «اقتحم الحيّ عشرات المسلحين بلباس أسود ومعهم سيارات «بيك آب» مزوّدة برشاشات، وأطلقوا النار لساعتين في الهواء وعلى شرفات المنازل لإدخال الرعب في قلوبنا».
وقتل ثلاثة أشخاص في شارعي الزهور والكنيسة بحي السريان، خلال تقدّم المسلحين في المنطقة حيث كانوا يطلقون النار بغزارة في كل الاتجاهات. وقال طبيب يعمل في المستشفى السوري الفرنسي الخاص إن «مسلحين يضعون على ألبستهم شعار تنظيم القاعدة اقتحموا المستشفى وعمدوا إلى سرقة عدد كبير من الأجهزة الطبية الحديثة، وإتلاف بعضها الآخر». ويأتي ذلك بعد يومين من تفجير انتحاري بالقرب من مدخل إسعاف المستشفى، حيث لحقت به أضرار مادية وتمّ إخلاء المرضى منه ونقلهم إلى مستشفيات أخرى. وقال طبيب في مستشفى عثمان، القريب من «الفرنسي»، إنّه «دخل مسلحون المستشفى وفتشوا غرف المرضى بحثاً عن جنود مصابين أو عناصر لجان شعبية، ووضعوا حراسة على الباب، وتمركز بعضهم على السطح. وأثار تقدّم المسلحين غضباً واسعاً في الحيّين، اللذين تحوّلا منذ شهور إلى ملاذ آمن للنازحين من الأحياء الأخرى، فيما بدأت بعض العائلات بحزم أمتعتها ومغادرة الحيين، اللذين سيتحولان إلى ساحة قتال بعد انتشار المسلحين فيهما، فيما تصاعدت الدعوات للجيش السوري لدخول المنطقة وحماية السكان». وقال محمد نوري حمو، وهو من سكان الأشرفية، لا نريد المسلحين المتطرفين في حيّنا، ونطالب السلطات والجيش النظامي بالتدخل الفوري لطردهم وإعادة الأمن إلى المنطقة. لا نريد النزوح من بيوتنا والتشرد كما حصل مع سكان بقية الأحياء. ورغم عدم تدخلنا في الصراع، فإن المسلحين المدعومين من تركيا لم يتركونا وشأننا».
ويعتبر حيّ الأشرفية من أهم الأحياء التي يقطنها الأكراد في حلب، وقد تولّت لجان شعبية تابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي مهمة حفظ الأمن فيه منذ أشهر، حيث أقامت في بعض الفترات حواجز للتفتيش على مداخله، فيما يبعد حيّ السريان الجديد نحو كيلومترين عن ساحة سعد الله الجابري، التي تعتبر مركز مدينة حلب. وبعد الظهر، استهدفت نيران الجيش السوري تجمعات المسلحين في الحيّين، مع تقدّم للمدرعات على محوري الجلاء _ الأشرفية وجامع الرحمن _ السريان الجديدة، فيما قتل مواطنان على الأقلّ وجرح ثمانية إثر سقوط قذائف هاون على شارع تشرين. فيما نشر المسلحون قناصة على الأبنية الاستراتيجية في الأشرفية، ثم انسحبوا منه بعد الظهر، وانتشروا في مواقع أخرى، باتجاه مطعم سلاف استعداداً للمواجهة مع قوات الجيش السوري.