لا تزال دمشق «تأمل» وقف اطلاق النار خلال عيد الأضحى، وبالتزامن مع مغادرة المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي سوريا، اتهمت دمشق فرنسا بعرقلة الجهود الساعية إلى وقف العنف من خلال دعمها الارهاب. وأعربت دمشق عن أملها في التوصّل سريعاً إلى حلّ في شأن وقف لاطلاق النار خلال عيد الأضحى، في ختام زيارة استمرت خمسة أيام للموفد الدولي الأخضر الابراهيمي. وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، خلال زيارته الإبراهيمي مودعاً في الفندق، ورداً على سؤال عن التوصل إلى حلّ في شأن الاقتراح «يجب التوصّل إلى ذلك بشكل سريع». واعتبر المقداد أنّ الزيارة كانت «موفقة جداً وناجحة والتعاون مع السيد الإبراهيمي بلا حدود». وأضاف «كلانا يسعى إلى تحقيق الهدوء والأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة والعالم، لذلك يبذل السيد الإبراهيمي هذا الجهد بالتعاون مع الاطراف المعنية لوقف العنف والارهاب، ونحن دائماً متفائلون».
في موازاة ذلك، اتهمت دمشق فرنسا بعرقلة الجهود الساعية إلى وقف العنف في سوريا من خلال دعمها «العنف والارهاب»، مطالبة المجتمع الدولي لا سيّما مجلس الأمن بالتعامل «بجدية تامة» مع هذا الدور. وأكدت وزارة الخارجية السورية، في بيان، أنّ «استمرار هذه السياسة الفرنسية يهدّد السلم والأمن في سوريا والمنطقة والعالم، في وقت تسعى فيه الأمم المتحدة جاهدةً من خلال مبعوثها الخاص (الأخضر الإبراهيمي) لإيجاد حلّ سلمي للأزمة في سوريا من خلال السعي لوقف العنف والارهاب». واعتبرت هذا الدور «متابعة لارث بعض الحكومات الفرنسية الاستعماري، الذي عملنا لسنوات طويلة منذ استقلال سوريا على تجاوزه». وأضافت أن «الحكومتين الفرنسيتين السابقة والحالية تابعتا تحديهما الصارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والتزامات فرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن من خلال الدعم».
من جهتها، أكدت تركيا دعم المبعوث الخاص إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في مساعيه لإقرار خطة وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة في سوريا. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن نائب رئيس الحكومة التركية علي باباجان عقب انتهاء اجتماع مجلس الوزراء أنّ الإبراهيمي كان في تركيا، وأجرى عدة لقاءات ومباحثات مع عدة أطراف تركية جاء في مقدمتهم وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، وأنهم كحكومة يدعمون جهوده ومساعيه الرامية إلى وقف إطلاق النار خلال عيد الأضحى المبارك، موضحاً أنّ المعارضة السورية تدعمه هي الأخرى. وتمنى باباجان أن تقبل الإدارة السورية تلك المساعي، «ليصمت قرع الأسلحة على الأقل في أيام العيد».
وتابع باباجان قائلاً إنّ «سوريا تعيش مأساة إنسانية حقيقية، وعلى الجميع أن يبذلوا أقصى جهودهم لإنهائها بشكل عاجل وسريع، وتحسين الأحوال المعيشية للمدنيين السوريين أكثر المتضررين من تلك الأحداث»، لافتاً إلى أنّ الإنسانية جمعاء مدينة للشعب السوري بالكثير لعدم وقوفها بجانبه، موضحاً أنّ المجتمع الدولي لم يقدم الدعم الكافي المطلوب منه لسوريا.
من ناحية أخرى، حمّل المعارض السوري هيثم منّاع، القوى الخمس الكبرى مسؤولية استمرار العنف في بلاده، واتهم دولاً إقليمية وعربية بالوقوف وراء انتشار الجماعات الجهادية في سوريا. وقال رئيس هيئة التنسيق الوطنية، أثناء زيارته العاصمة البريطانية لإلقاء محاضرة عن سوريا في كلية لندن للاقتصاد، إن «استمرار الوضع على هذه الشاكلة من الاستقالة الجماعية عن إيجاد حلّ منظور وممكن للأزمة السورية سيقود إلى تدهور الأوضاع بصورة أكبر، لأنّه لو كان الحلّ مستحيلاً لسلمنا بأن هؤلاء الناس عجزوا وبذلوا كل ما يستطيعون ولم يتمكنوا من التوصّل إلى حلّ».
وحذّر منّاع من أن الوضع في سوريا «يتّجه إلى تكرار سيناريو الحرب العراقية ــ الإيرانية»، وقال إن «هذا يعني التدمير المتبادل والاحتقان المتبادل، وغياب القدرة بالمعنى العسكري لتحقيق الانتصار من قبل أحد الطرفين، الحكومة والمعارضة». وأضاف «لا أظن أن استمرار الوضع على حالته يمكن أن يفيدنا في مشروع ديموقراطي، لأن زيادة وتيرة العنف ستؤدي إلى بقاء الديكتاتورية الحالية أو ظهور ديكتاتورية مشابهة، وسيكون هناك تصعيد وتقسيم نفوذ، فريق قوي في هذه المنطقة وآخر ضعيف في منطقة أخرى». وكشف عن أن دولاً عربية وأجنبية، لم يسمّها، عرضت على هيئة التنسيق فكّ العزلة الإعلامية عنها وتقديم دعم جيّد لها في حال انضمت إلى المجلس الوطني السوري، في إطار مساعي توحيد المعارضة السورية.
وأضاف «أبلغنا هذه الدول أن المجلس لا يصلح لتمثيل المعارضة لأن تركيبته وأساساته بُنيت بطريقة خاطئة، وأنّ عملية لملمة المعارضة السورية وإرضاء بعض أطرافها لا يمكن أن تكون عملية ديموقراطية صحيحة ولن تكون مقبولة شعبياً».
بدورها، انتقدت «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة في سوريا، تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول تشكيل «وجود الرئيس السوري بشار الأسد ضماناً للأقليات في البلاد». وقالت الهيئة، في بيان، «من يستمع إلى تصريحات وزير الخارجية الروسي، يخال كأنه الناطق الرسمي باسم بعض السوريين ممن يسميهم بالأقليات». وأضافت أنّه «في سوريا الحرّة الديموقراطية لن يكون هناك أقلية أو أكثرية إلا بالمعنى السياسي، الجميع مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون».
في غضون ذلك، كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه، أمس، أنّ غالبية الأتراك يعارضون أيّ تدخل من قبل بلدهم في الشؤون السورية في حال سقوط النظام السوري. ويرى 51 بالمئة، من الذين شملهم الاستطلاع، أنّ تركيا التي تتقاسم حدوداً طويلة مع سوريا «يجب أن تبقى محايدة بدون أن تنحاز لأيّ طرف» في الأزمة السورية. ورأى 18 بالمئة من الأتراك أنّ أنقرة يجب أن تلعب دور الوسيط بين أطراف النزاع. ويعتقد عشرة بالمئة من الأتراك أنّ على أنقرة ارسال جنود إلى سوريا في إطار قوة لحفظ السلام، بقيادة حلف شمالي الأطلسي أو الأمم المتحدة.
إلى ذلك، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً يقضي بمنح عفو عن الجرائم المرتكبة قبل 23 تشرين الأول الحالي باستثناء جرائم الإرهاب. ويتضمن المرسوم تفاصيل العفو ومدد خفض الأحكام.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)