القاهرة | فوجئ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته العاصمة السعودية الرياض، يوم أمس، باستفسارات من رجال الأعمال السعوديين حول آلية التعامل مع المستثمرين في ظل المخاوف التي تحدثت عنها وسائل الإعلام خلال المدة الماضية، في أعقاب القبض على رجل الأعمال صلاح دياب (مؤسس ومالك الحصة الأكبر في صحيفة «المصري اليوم» أكثر الصحف الخاصة توزيعاً) وتصويره وإحالته على المحاكمة.
الوفد المرافق للسيسي حرص على تأكيد التزام الدولة «التعامل القانوني مع جميع المستثمرين ورجال الأعمال وفقاً للقوانين الصادرة لتحفيز الاستثمار خلال المدة المقبلة»، خاصة أن الحكومة لا تقصد استهداف أي من رجال الأعمال بسبب مصالحهم الإعلامية، وأشار إلى أن ما تعرض له دياب «حالة خاصة لا يمكن تعميمها أو تكرارها» في ظل الطريقة غير اللائقة التي عومل بها الرجل.
الحديث نفسه أكده السيسي خلال ظهوره التلفزيوني فور وصوله إلى مطار شرم الشيخ للاطمئنان إلى حركة السياحة وإجراءات تأمين المغادرين هناك، فشدد على أن القانون هو «الحاكم الوحيد لجميع المصريين، ولا يجب الالتفات إلى كل ما يتردد»، في إشارة إلى الحديث المتكرر عن رغبة الحكومة في مصادرة أموال رجال الأعمال، مضيفاً: «محدش يقدر يقبض عليكم. إحنا في دولة قانون».
جاء حديث الرئيس بعدما نقل له الوزراء المرافقون تساؤلات ومخاوف رجال الأعمال والمسؤولين السعوديين من أصحاب الاستثمارات والشراكات مع رجال الأعمال المصريين، فيما لم تتطرق محادثاته الثنائية مع القادة السعوديين إلى أي تساؤلات متعلقة بهذا الأمر.
اللافت أن تصريحات السيسي والوزراء المرافقين له جاءت بعد ساعات من حديث المحامي الشهير، فريد الديب، المكلف الدفاع عن صلاح دياب، عن تدخل السيسي شخصياً لإخلاء سبيل موكله، وهو ما جرى بعد ذلك بساعات، فقد قررت المحكمة إخلاء سبيله بكفالة قدرها 50 ألف جنيه (6500 دولار) فقط، مع قصر الاتهام الموجه له على حيازة سلاح دون ترخيص. كذلك أصدرت المحكمة حكماً بقصر التحفظ على ممتلكاته بقطعة أرض حصل عليها لتنفيذ مشروع بأسعار أقل من الأسعار السوقية، فيما تطالبه الدولة بسداد فارق الأسعار عنها.

أفرج عن رجل
الأعمال صلاح دياب بكفالة صغيرة نسبياً

وقدم دياب خلال الأيام الماضية تنازلات عدة مرتبطة بالسياسة التحريرية لصحيفة «المصري اليوم» التي أوقفت أحد أبرز كتابها وهو جمال الجمل، الذي سبق أن أجرى السيسي اتصالاً هاتفياً لمناقشته في ما يكتبه والاستماع إلى وجهة نظره. وأعلن رئيس تحرير الصحيفة، محمد السيد صالح، وقف عدد آخر من الكتاب لم يعلن أسماءهم بعد، ويبدو أنهم من المعارضين لسياسات «الجنرال».
وكان السيسي قد عقد صباح أمس لقاءً ثنائياً مع الملك سلمان سبقه لقاء ثنائي مع ولي العهد بالإضافة إلى عدد من رجال الأعمال. وجرت مناقشات موسعة حول مشروع «القوة العربية المشتركة»، كذلك اتفق السيسي وسلمان على عقد اجتماع على مستوى وزراء الدفاع بين البلدين واستمرار المباحثات الهاتفية لتسريع وتيرة إنشاء القوة. ووفق البيان الرسمي الصادر عن رئاسة الجمهورية المصرية، فإن اللقاء «شهد مراسم توقيع محضر إنشاء مجلس التنسيق المصري ــ السعودي لتنفيذ إعلان القاهرة الذي وقّعه وزيرا خارجية البلدين، ويأتي انطلاقاً من الروابط التاريخية الوثيقة التي تجمع بين البلدين الشقيقين».
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، السفير علاء يوسف، إن «مجلس التنسيق المشترك بين البلدين سيتولى الإشراف على تقديم المبادرات وإعداد الاتفاقات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في المجالات المنصوص عليها في إعلان القاهرة ومتابعة تنفيذها، ومن بينها استكمال التوافق المصري ــ السعودي في ما يخص عملية إنشاء القوة العربية المشتركة، تمهيداً لإنهاء الإجراءات ذات الصلة مع الدول العربية الشقيقة الراغبة في المشاركة في هذه القوة».
وأضاف يوسف: «في إطار حرص الجانبين على تنفيذ ما ورد في محضر إنشاء مجلس التنسيق أُضيف ملحق تنفيذي للمحضر يتضمن الاجتماعات التي ستعقد بين الجانبين بالتبادل بين القاهرة والرياض خلال المدة المقبلة، وما ستشهده من أعمال وتوقيع للاتفاقات ومذكرات التفاهم ذات الصلة». لكن لم يحدد الديوان الملكي السعودي حتى الآن موعد الزيارة المرتقبة للملك سلمان لمصر، وهي الزيارة التي أعلن نيته فعلها منذ آب الماضي، فيما يعول عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية المصرية على تنفيذ مشروعات اقتصادية بالشراكة بين القطاع الخاص والشركات السعودية كثمرة لزيارة السيسي الأخيرة.